تتسارع دينامية تقوية منظومة التخطيط المجالي بمدينة طنجة، في سياق يتسم بكثافة المشاريع العقارية وتزايد الحاجة إلى تهيئة بنيات طرقية تستجيب لضغط التنقل وتزايد الكثافة السكانية، خاصة في الأحياء التي تعيش توسعا متسارعا مثل بوخالف، والعوامة، ومسنانة، وغيرها من الأطراف التي انتقلت من الهامش إلى صلب الامتداد الحضري. وتعرف المدينة، التي تجاوز عدد سكانها المليون نسمة، خلال الأشهر الأخيرة انطلاق أشغال على مقاطع مختلفة، بعضها يشمل توسعة طرق قائمة أو فتح محاور جديدة لتحسين انسيابية حركة السير والجولان. وتُرصد هذه الدينامية على مستوى الوثائق الرسمية لجماعة طنجة، كما على أرض الواقع، من خلال تحركات آليات الأشغال في مناطق كانت، حتى وقت قريب، خارج مدار التدخل العمومي الفعلي. وفي هذا السياق، برز خلال دورة ماي 2025 للمجلس الجماعي، مقرر يتعلق بمقطع طرقي جديد بمنطقة بوخالف، تتجاوز مسافته 11 ألف متر مربع، ويمر عبر أراضٍ مأهولة وأخرى في طور التهيئة. الوثيقة الطوبوغرافية التي بُني عليها هذا المقرر تحدد مساره بدقة، لكنها لا تقدم معطيات حول آجال التنفيذ، أو طبيعة الإجراء الذي ستُعتمد فيه التصفية العقارية، علما أن هذه المنطقة تشهد تراكمات تنظيمية منذ سنوات، ترتبط بتداخل الملكيات وغياب إطار تهيئة مُحكَم. ويُعد هذا المقطع أحد النماذج التي تندرج ضمن لوائح موسعة لمشاريع طرقيّة سبق تداولها خلال دورات جماعية سابقة، ضمن ما سُمي آنذاك ب"جدولة إعادة هيكلة المحاور الناقلة"، والتي شملت مقاطع في أحياء متعددة، لكن وتيرة تنفيذها لم تكن متكافئة. ففي الوقت الذي خرجت فيه بعض المشاريع إلى حيز الإنجاز بسرعة، ظل البعض الآخر حبيس المساطر أو التعديلات التقنية، أو تأخر لاعتبارات مرتبطة بإعادة النظر في الأولويات الميدانية. ويستمر هذا التفاوت في الظهور، كما الحال بالنسبة لشارع مولاي رشيد، أحد الشرايين الرئيسية التي تربط بوخالف بحي إيبريا، والذي يشهد أشغالاً منذ فترة. وقد أشار رئيس جماعة طنجة منير ليموري، خلال الجلسة ذاتها، إلى أن هذه الأشغال يُرتقب أن تُستكمل خلال شهر ماي الجاري، من دون تقديم توضيحات حول مصدر هذا التقدير، أو ما إذا كانت مصالح الجماعة هي الجهة التي تقود التنزيل فعليا، أم أنها تواكب تنفيذا موجها في إطار تنسيق مع السلطات الترابية أو شركات خارجية. هذا التداخل، الذي أصبح مألوفاً في نمط تدبير المشاريع الكبرى على المستوى المحلي، يُعيد تسليط الضوء على العلاقة المركبة بين المسار التداولي داخل المجالس المنتخبة، والمبادرة الميدانية التي تتقدم أحياناً على القرارات الرسمية، خاصة في ظل تعدد الفاعلين وغياب مرجعية تنفيذية واحدة واضحة المعالم في أعين الرأي العام. ورغم أن هذه المشاريع الطرقيّة تُقدَّم كجزء من رؤية لإعادة هيكلة التنقل داخل المدينة، إلا أن غياب وثائق مرجعية منشورة للعموم حول شبكات الربط المستقبلية، أو البرامج المرحلية لإنجازها، يجعلها في نظر كثير من المتتبعين أقرب إلى تدخلات مجزأة وغير متوازنة، من مشاريع نابعة من تصور شمولي للتهيئة. وفي أحياء مثل بوخالف، التي تضاعف حجمها العمراني خلال العقد الأخير، تبقى رهانات التنقل أكثر إلحاحا، بفعل تقاطع مصالح الساكنة، واستثمارات القطاع الخاص، والضغط اليومي على الطرق الناقلة، ما يجعل كل تأخر في التنزيل أو غموض في الجدولة مادة للتساؤل المحلي، خاصة حين لا ترافق الأشغال بحملات تواصلية كافية، أو حين يغيب عنها إشراك فعلي للمعنيين بها. وبين حاجة حقيقية إلى تقوية شبكة التنقل، وتعقيدات التتبع والتنسيق المؤسساتي، تتواصل أوراش توسعة الطرق في طنجة بوتيرة غير موحدة، تاركة خلفها أسئلة ممتدة حول النجاعة، والأثر، والعدالة المجالية في توزيع التدخلات.