طنجة، المدينة التي كانت تحلم يوماً بأن تتحول إلى "سنغافورة المتوسط"، عادت لتعيش فصولاً جديدة من المصارعة، ولكن هذه المرة على الإسفلت، وتحت الأرض، وأحياناً فوق رؤوس المارة. في هذه الجولة، لم نعد نحتاج إلى قاعة المجلس الجماعي، ولا إلى ميكروفونات المنتخبين. الحلبة انتقلت إلى الشوارع، وأبطالها مجهولون، لا يحملون أسماء، ولا يرتدون شارات، ولا يُعرَفون بأي لوحة تُخبرنا من هم، أو متى سينتهون. أشغال هنا، حُفر هناك، متاريس في كل زاوية، وأسلاك تخرج من جوف الأرض كأن المدينة تستعد لحرب عصابات. طنجة تتحول إلى متحف مفتوح لعشوائية الأشغال، حيث لا أحد يعرف متى بدأت، ومن يشرف عليها، ولا إلى أين ستنتهي. ما يثير الحماسة في هذه الجولة، أن المنتخبين غابوا عن الصورة، تاركين الجمهور يتفرج على مقاطع السير التي تحولت إلى ميادين تجريبية لمهارات القفز والتجاوز، بينما الأطفال يتدربون على فنون الباركور لتفادي الحفر، والمسنون يطلبون السلامة من حفرة لحفرة. أما لوحات الأشغال، فهي مجرد أسطورة عمرانية لا أثر لها، والآجال الزمنية أصبحت مثل وعد انتخابي… يُقال ولا يُرى. والشركات المنفذة؟ أشباح هندسية تظهر في الليل وتختفي في الصباح، تاركة وراءها آثار المعركة: رمال، أنابيب، وصفارات الإنذار تطلقها أرجل العابرين. وفي خضم كل هذا، تظل الجملة الأكثر تردداً على ألسنة الطنجاويين: "الله يحفظ وصافي!" أما المجلس الجماعي، فقد اختار أن يُشاهد الجولة من بعيد، ربما في انتظار أن ينتهي التصوير، أو أن يسقط أحد المارة ليُضاف إلى محاضر "الإنجازات". ملاحظة: سلسلة "Top Se5ret" ساخرة، لا علاقة لها ببرامج التنمية ولا بخطط المجالس ولا بأماني المسؤولين، لكنها تعرف كيف تشم رائحة الغبار قبل أن تُنشر بلاغات التبرير.