أثار نواب عن الحزب الشعبي الإسباني نقاشا واسعا بشأن استخدام كاميرات مراقبة من صنع شركة صينية بمحيط سبتة ومليلية المحتلتين، معتبرين أن هذه الأجهزة قد تمثل تهديدا مباشرا للأمن السيبراني ولسيادة الدولة، وفق ما ورد في مذكرة رسمية موجهة إلى حكومة مدريد. وطالب النائب خافيير سيلايا، المنتخب عن سبتة، بتوضيحات حول أسباب اللجوء إلى كاميرات من نوع "هيكفيجن دومو"، التي سبق أن حظرتها الولاياتالمتحدة وبريطانيا ومؤسسات أوروبية بسبب علاقتها المفترضة بعمليات مراقبة لصالح النظام الصيني، خاصة في قضايا مرتبطة بحقوق الإنسان. - إعلان - وحذر الحزب الشعبي من أن استمرار الاعتماد على معدات إلكترونية من هذا النوع، في منطقة بالغة الحساسية على تماس مباشر مع المغرب، قد يعرض المنشآت السيادية لخطر الاختراق أو الاستغلال من طرف جهات أجنبية، مطالبا بإجراء تدقيق شامل للمنظومة المعتمدة وتقديم ضمانات بعدم وجود أي تحكم خارجي في الصور والمعطيات المسجلة. ورغم الطابع الأمني للمراسلة، إلا أن المتابعين يرون أن السياق السياسي الداخلي يحضر بقوة، خاصة مع سعي قوى اليمين إلى استعادة المبادرة عبر ملفات رمزية، تتصل بالهجرة والتسلل والمراقبة، في ظل ما يعتبرونه "تراخيا" من الحكومة الاشتراكية. من جهته، يراقب المغرب هذه التطورات بهدوء محسوب، دون الانخراط في الجدل الحزبي الدائر داخل إسبانيا، مفضلا التركيز على القنوات الرسمية في تدبير العلاقة مع مدريد، ومعتمدا سياسة الحذر إزاء الأصوات اليمينية التي سبق لها أن اتخذت مواقف متشددة أو استفزازية في ملفات ذات طابع سيادي. ويرى مراقبون أن توظيف أدوات مراقبة أجنبية في محيط المدينتين المحتلتين لا يمكن فصله عن الواقع الاستعماري الذي يطبع وضعية سبتة ومليلية، وهو ما يضع إسبانيا أمام إشكال مضاعف: الحفاظ على صورتها داخل المنظومة الغربية، وضمان أمنها دون استفزاز جارها الجنوبي الذي يرفض تكريس الأمر الواقع. ورغم التزام الرباط الصمت الرسمي، إلا أن رسائلها غير المعلنة تؤكد أن الحفاظ على التوازن الاستراتيجي يمر عبر احترام روح التعاون، وتفادي التصعيد الإعلامي أو الإجراءات الانفرادية في مجالات تعتبرها جزءا من سيادتها غير القابلة للمساومة.