أحبطت وحدات البحرية الملكية المغربية، فجر الثلاثاء، محاولة عبور جماعية نفذها عشرات المهاجرين غير النظاميين نحو مدينة سبتة الواقعة تحت الاحتلال الإسباني، في واحدة من أكبر عمليات الاعتراض البحري التي شهدها الشريط الساحلي شمال المغرب هذا الصيف، وسط تصاعد ملحوظ لمحاولات التسلل الليلي من جنسيات متعددة. وبحسب معطيات ميدانية وتقارير اعلامية، فقد اسفر التدخل المغربي، الذي تم بتنسيق مباشر مع الحرس المدني الإسباني، عن إعادة أكثر من 40 مهاجرا إلى اليابسة، دون تسجيل إصابات. - إعلان - وقد رُصدت تحركات المهاجرين بواسطة أجهزة حرارية متطورة، قبل أن توجه إشعارات عاجلة إلى الوحدات البحرية المغربية التي اعترضتهم في المياه الإقليمية للمملكة، قبالة ساحل الفنيدق. وتشير المعطيات الميدانية إلى أن المهاجرين ينطلقون في مجموعات صغيرة من عدة نقاط على الساحل المغربي، مستغلين الظلمة والتيارات الهادئة لاجتياز المسافة البحرية التي تفصلهم عن سبتة، فيما تراهن الجهات الأمنية المغربية على سرعة التدخل لاحتواء الخطر قبل اقترابهم من المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسبانية. لكنّ اللافت في المحاولة الأخيرة، وفق ما نشره موقع الفارو دي سبتة، هو تعدد جنسيات المهاجرين، الذين شملت صفوفهم مغاربة، جزائريين، سودانيين، باكستانيين، بينهم نساء وقاصرون. وقد وصف المصدر هذه المجازفات الليلية ب"المسارات الانتحارية"، لما تنطوي عليه من تهديد مباشر للحياة، في غياب أدنى شروط السلامة أو وسائل الملاحة. وتتولى وحدات الحرس المدني الإسباني رصد التحركات من جهة سبتة، دون الدخول إلى المياه المغربية، بينما تتكفل البحرية الملكية بعمليات الاعتراض والإنقاذ، في إطار تنسيق عملياتي ميداني يجري بشكل شبه يومي. ويعكس هذا النمط من الهجرة، الذي بات يعتمد على جسد الإنسان أكثر من قوارب المهربين، تحوّلًا في سلوكيات العبور غير النظامي، بعد أن تراجعت عمليات التهريب المنظم لصالح محاولات فردية أو جماعية تلقائية، تُراهن على المباغتة لاختراق ما تبقى من فجوات على السواحل الشمالية للمملكة. وتؤكد تقارير إعلامية أن هذه المحاولات تزداد كثافة خلال مرحلة ما بعد عودة المهاجرين الموسميين إلى أوروبا، حيث يعمد شبان عالقون أو فاقدو الأمل إلى المغامرة بعبور البحر سباحةً أو فوق ألواح بلاستيكية. في المقابل، تُواصل البحرية الملكية المغربية أداء دورها الحيوي، لا فقط في تأمين الساحل، بل في إنقاذ الأرواح قبل أن تبتلعها المياه. وتتم هذه التدخلات بدقة زمنية وجغرافية، ما يجعلها حجر الزاوية في مواجهة موجة هجروية جديدة تتسم بالعشوائية واليأس. ويرى باحثون أن هذه الظاهرة لا يمكن احتواؤها بالكامل عبر المقاربات الأمنية فقط، ما لم تواكبها برامج إدماج محلية ومبادرات تنموية واقعية تعيد للمناطق المهمّشة دورها في الدورة الاقتصادية وتمنح شبابها أسبابًا للبقاء.