تشهد المكتبات بمختلف مدن المغرب هذه الأيام حركية استثنائية، مع توافد الأسر والتلاميذ لاقتناء الكتب واللوازم المدرسية، في أجواء تطبعها التعبئة الجماعية استعدادًا لانطلاق الموسم الدراسي الجديد، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجه العديد من العائلات. ويُعد الدخول المدرسي طقسًا سنويًا رئيسيًا في حياة الأسر المغربية، التي تضع التعليم في صدارة أولوياتها، ولو تطلب الأمر تقليص نفقات أخرى، إدراكًا منها لأهمية توفير بيئة تعليمية مشجعة لأبنائها. وعلى الرغم من بروز قنوات بديلة لاقتناء الكتب واللوازم، كالمتاجر الكبرى والمنصات الإلكترونية، تحتفظ المكتبات التقليدية بدورها المحوري في هذه المرحلة، وتحرص على توفير جميع المقررات الدراسية والأدوات المطلوبة، باعتبار هذه الفترة من أبرز محطات السنة. ويؤكد مهنيون أن هذه الحركية لا تقتصر فقط على الكتب الرسمية، بل تشمل أيضًا دفاتر وحقائب وقرطاسية تشكل جزءًا من طقوس العودة إلى المدرسة، فيما تتحول بعض المكتبات إلى فضاءات حقيقية للنقاش والتوجيه، تجمع بين الأبعاد التربوية والتجارية. ويرى أولياء الأمور أن اقتناء مستلزمات المدرسة ليس مجرد عملية شراء، بل تعبير عن التزام مجتمعي بتعليم الأبناء، وإشارة واضحة إلى أن المدرسة ما تزال في قلب المشروع الأسري، رغم الضغوط المرتبطة بكلفة الحياة. ويبرز عدد من الآباء والأمهات أن العودة إلى الفصول الدراسية تمثل لحظة خاصة داخل البيوت المغربية، ينتظرها الأبناء بشغف، لما تحمله من رمزية وجدانية وتطلعات مستقبلية. ورغم الإكراهات الاقتصادية وتعدد الالتزامات، يشكل الإقبال المتزايد على المكتبات دليلا على وعي جماعي بأهمية تكوين أجيال قادرة على رفع تحديات التنمية، والانخراط بثقة في بناء مجتمع المعرفة، في انسجام مع الرهانات الوطنية لبناء مغرب مزدهر ومندمج.