قبل نحو سنة من الانتخابات التشريعية، بدأت الأحزاب الكبرى في دائرة طنجةأصيلة الدخول في مرحلة تحضير داخلي، وسط نقاشات تنظيمية متباينة، وتقاطعات بين أداء النواب الحاليين وموقعهم داخل تنظيماتهم. وتمثل الدائرة حاليا خمسة احزاب في مجلس النواب، هي: التجمع الوطني للأحرار، الاصالة والمعاصرة، الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي، والاتحاد الدستوري. ووفق بيانات رسمية صادرة عن مجلس النواب، بلغ عدد الاسئلة الشفوية التي تقدم بها نواب الدائرة منذ بداية الولاية 627 سؤالا، فيما بلغ عدد الاسئلة الكتابية 275. في حزب التجمع الوطني للأحرار، تطرح مشاورات داخلية وسط تعدد في وجهات النظر حول قيادة اللائحة المقبلة، في سياق محلي مطبوع بنقاش تنظيمي لم يحسم بعد. ويمثل الحزب النائب الحسين بن الطيب، الذي يسجل أداء رقابيا بارزا بلغ 112 سؤالا شفويا و45 كتابيا. ويحظى بن الطيب بتقدير واسع داخل الحزب، وتعتبر فرص اعادة ترشيحه قوية بالنظر إلى موقعه التمثيلي وحصيلته داخل المؤسسة التشريعية. أما حزب الاصالة والمعاصرة، فيعيش نقاشا داخليا بشأن اعادة ترشيح النائب الحالي عادل الدفوف، رغم كونه سجل أعلى عدد من الاسئلة الشفوية على صعيد الدائرة ب360 سؤالا، إلى جانب 19 سؤالا كتابيا. ورغم الحصيلة الرقمية المرتفعة، إلا أن أصواتا داخل الحزب تدعو إلى مراجعة بعض الاختيارات، ما يجعل الحسم في التزكية مرهونا بتوافق تنظيمي لم يتبلور بعد. وفي حزب الاستقلال، تسود حالة من التردد بشأن استمرار البرلماني محمد الحمامي على رأس اللائحة، بسبب حصيلة برلمانية متواضعة (4 اسئلة شفوية و17 كتابيا)، إلى جانب الجدل الذي رافق تدبيره لمقاطعة بني مكادة، وسط تقارير متواترة تربط اسمه بسوء التسيير وتراكم المتاعب القانونية. الاتحاد الدستوري بدوره لم يحسم بعد في اسم مرشحه المقبل، وسط حديث متزايد عن تقييم أداء النائب محمد الزموري، الذي لم يتجاوز عدد اسئلته خلال الولاية الحالية سؤالا شفويا واحدا و13 سؤالا كتابيا. ويعتبر الزموري من أقدم برلمانيي الدائرة، لكن محدودية حضوره التشريعي تضع استمراريته محل نقاش داخل الحزب. وتقاطع هذا النقاش مع ما يتداول محليا بشأن احتمال مغادرته لحزب الاتحاد الدستوري نحو الحركة الشعبية، في خطوة محتملة لم تؤكد رسميا بعد، لكنها تعكس حالة اعادة الاصطفاف التي تشهدها الساحة السياسية قبيل الاستحقاقات المقبلة. في المقابل، يقدم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تجربة أكثر انتظاما من خلال النائب عبد القادر الطاهر، الذي حل في المرتبة الثانية من حيث عدد الاسئلة الشفوية (150)، وتصدر اللائحة من حيث الاسئلة الكتابية (181). ويرجح أن يتم تجديد الثقة فيه لقيادة اللائحة مرة أخرى، بالنظر إلى أدائه البرلماني المنتظم وغياب منافسة داخلية ظاهرة. أما حزب العدالة والتنمية، الغائب عن تمثيلية الدائرة منذ انتخابات 2021، فيجري حاليا مشاورات داخلية وسط تنظيم جهوي يعرف دينامية جديدة. ويتداول أطر الحزب امكانية ترشيح أحد الوجوه التنظيمية الصاعدة، في محاولة لاستعادة التموقع ضمن المشهد الانتخابي المحلي. ورغم أن الاستحقاق لا يزال على بعد أشهر طويلة، إلا أن متابعين يرون في الحركية الجارية مؤشرا على اعادة تشكيل موازين القوى، في دائرة تتقاطع فيها التزكيات الحزبية مع الحصيلة التشريعية والمسارات التدبيرية، قبيل استحقاق مرتقب يعيد ترتيب الخارطة السياسية في شمال البلاد.