قرر بنك المغرب، خلال اجتماعه الفصلي الثالث لسنة 2025، تثبيت سعر الفائدة الرئيسي عند 2.25 في المئة، مستندًا إلى استمرار التضخم في مستويات منخفضة، وتسجيل مؤشرات إيجابية على مستوى النمو. غير أن هذا القرار، رغم استقراره من حيث المبدأ، لا يترجم بالضرورة إلى تحسن محسوس في شروط المعيشة أو التمويل بالنسبة لفئات واسعة من المواطنين. وحسب بلاغ المؤسسة، بلغ متوسط التضخم 1.1 في المئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة، مع توقع أن ينتهي العام بمعدل 1 في المئة، قبل أن يرتفع إلى 1.9 في المئة سنة 2026. أما المكون الأساسي للتضخم، الذي يستثني العناصر المتقلبة، فينتظر أن يتراجع من 2.2 في المئة سنة 2024 إلى 1.1 في المئة خلال السنة الجارية، ثم يرتفع مجددًا إلى 2 في المئة لاحقًا. ويعد هذا المستوى من التضخم معتدلًا بمعايير السياسة النقدية، ما يبرر حسب المجلس الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير. لكنه لا يؤدي بالضرورة إلى تخفيف مباشر للضغط على المستهلك، خاصة في سياق تتباين فيه مؤشرات الاستقرار الكلي مع واقع الأسعار في السوق. ورغم تأكيد بنك المغرب على مواصلة تيسير شروط التمويل، لا تزال المقاولات الصغيرة جدا، إلى جانب شريحة من الأسر، تواجه صعوبات في الولوج إلى القروض، سواء لأغراض استهلاكية أو سكنية. ويعزى ذلك إلى عوامل تتجاوز سعر الفائدة نفسه، من بينها شروط الضمان، والسياسات الداخلية للبنوك، وتقييم المخاطر. في المقابل، تظهر توقعات البنك تحسنا على مستوى النمو الاقتصادي، مع تسجيل نسبة 4.6 في المئة سنة 2025، مقابل 3.8 في المئة سنة 2024، مدعومة بمحصول فلاحي قدره 41.3 مليون قنطار، وتوسع مستمر في الاستثمارات العمومية، خصوصا في مجال البنى التحتية. وينتظر أن يستقر النمو في حدود 4.4 في المئة سنة 2026، مع مساهمة معتدلة من القطاع الفلاحي ووتيرة ثابتة في الأنشطة غير الفلاحية. غير أن هذه المؤشرات، رغم أهميتها، لا تعني تحسنا مباشرا في المؤشرات الاجتماعية، وفق ما تفيده قراءة متأنية لواقع الطلب الداخلي وسوق الشغل. كما أن التقديرات المتوسطة لأوساط القطاع المالي تضع التضخم المتوقع في حدود 2.1 في المئة خلال الثمانية فصول المقبلة، و2.2 في المئة في أفق سنة، ما يعكس حذرا مستمرا في توقعات الفاعلين. في ظل هذا السياق، يفهم قرار المجلس كخيار محافظ، يوازن بين الحاجة إلى الحفاظ على استقرار الأسعار، وضمان استمرار الدينامية الاستثمارية، دون المجازفة بإجراءات قد تضعف التعافي الجاري. ويبقى أثر هذه السياسة مرهونا بتقاطعها مع أدوات أخرى، تتجاوز المجال النقدي إلى ما هو اجتماعي وتنظيمي وتمويلي.