أحكم حزب الأصالة والمعاصرة قبضته على مفاصل القرار الترابي في عمالة المضيقالفنيدق، بعدما نجح في بسط سيطرته الكاملة على أجهزة مجموعة "تمودا باي" للتعاون والتنمية، في خطوة أقصت شريكيه في التحالف الحكومي، التجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال، من دائرة التسيير. وتعززت هذه الهيمنة السياسية عقب انتخاب مكاتب المجموعة، أول أمس الأربعاء، حيث حصد "البام" جميع مواقع المسؤولية داخل هذه المؤسسة البين جماعية الاستراتيجية التي تضم خمس جماعات ساحلية. وجاء ذلك بعد أيام قليلة فقط من انتخاب محمد العربي المرابط، عن حزب الأصالة والمعاصرة، رئيسا جديدا لجماعة مرتيل، خلفا لمراد أمنيول الذي جرى عزله بقرار قضائي نهائي، في خطوة اعتبرت استرجاعا لمنصب رمزي داخل احدى اكبر جماعات الإقليم من حيث الكثافة والوزن السياسي. وتضم لائحة المنتخبين الذين تولوا مهام التسيير داخل المجموعة كلا من سعيدة ادكوج، رئيسة للمجموعة، وينوب عنها على التوالي أحمد حلحول، ومحمد جنياح، ورفيعة البيطار، فيما تم انتخاب عمر بطيوي كاتبا للمجلس، وطه الديبوني نائبا له. وتمتلك المؤسسة صلاحيات واسعة تشمل توجيه البرامج المشتركة، توزيع الاعتمادات المالية، وتنسيق التدخلات التقنية، مما حولها من فضاء للعمل التشاركي الى ما يشبه "دائرة نفوذ مغلقة" لحزب واحد. وتعكس التركيبة الجديدة للمجموعة مفارقة سياسية لافتة بين مشهد وطني يقوده تحالف ثلاثي منسجم، وواقع ترابي تنفرد فيه جهة سياسية واحدة بالمسار التنفيذي. فبينما يتقاسم الأحزاب الثلاثة (الأحرار، الاستقلال، والأصالة والمعاصرة) قيادة الحكومة في الرباط، يكتفي الحليفان الأولان بأدوار ثانوية داخل المجالس المحلية في المضيقالفنيدق، دون أي امتداد فعلي الى المؤسسات التي تصنع القرار المشترك وتدير مشاريع البنية التحتية والخدمات. ويرى مراقبون للشأن الترابي ان سيطرة الأصالة والمعاصرة على "تمودا باي" ليست حدثا معزولا، بل حلقة تعزز حضوره المهيمن داخل شبكة القرار الترابي، لا سيما مع استمراره في رئاسة مجلس العمالة وسيطرته على رئاسة جماعات رئيسية في الإقليم. وبموجب هذا التمركز، بات الحزب الفاعل الوحيد القادر على صياغة التوجهات الكبرى، سواء في ملفات التأهيل البيئي الحساسة او تدبير المرافق العمومية. ويثير هذا "الاستفراد" تساؤلات جدية حول مستقبل التوازن داخل الأغلبية الترابية. وفي الوقت الذي يبرر فيه بعض المنتخبين هذا التموقع بضرورات الحفاظ على "الانسجام وتوحيد الرؤية" لتسريع وتيرة الإنجاز، يحذر آخرون من ان تغييب مكونات الأغلبية عن مؤسسة التعاون يفرغ العمل البين جماعي من مضمونه التشاركي، خاصة في منطقة تعرف ضغطا عمرانيا وتحديات سياحية تتطلب توافقا سياسيا موسعا.