أثارت حملة توقيفات أمنية طالت مؤخراً عدداً من مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب، ارتياحاً واسعاً في الأوساط الشعبية التي تتهم هؤلاء بترويج "التفاهة" وخدش الحياء العام، بينما حذر حقوقيون من انزلاق هذه الإجراءات نحو التضييق على حرية التعبير. وتداول رواد المنصات الرقمية في المملكة خلال الأيام القليلة الماضية أنباء عن توقيف أسماء معروفة بإثارة الجدل، معتبرين الخطوة "منتظرة" لوقف ما وصفوه ب"تسليع الانحطاط" عبر محتويات تفتقر لأي ضوابط مهنية وتستهدف فقط حصد المشاهدات (الترند). ورغم عدم صدور بيانات رسمية مفصلة حول حيثيات كل ملف على حدة، أفادت مصادر متطابقة ومقربة من الملفات أن التحرك الأمني لا يقتصر فقط على "رداءة المحتوى"، بل يستند إلى مخالفات قانونية صريحة. وتواجه بعض الأسماء الموقوفة تهماً تتراوح بين "الإخلال العلني بالحياء"، و"السب والقذف"، والاتجار في البشر واستغلال القنوات الرقمية لبث مضامين تحريضية. كما أشارت تقارير إعلامية محلية إلى وجود شبهات تتعلق ب"تبييض الأموال" واستغلال النفوذ الرقمي لتحقيق مكاسب غير مشروعة، مما أضفى صبغة جنائية ومالية على الحملة تجاوزت شقها الأخلاقي. وتعالت أصوات فاعلين ثقافيين وإعلاميين مغاربة بضرورة استمرار هذه الحملة، مطالبين بوضع أطر تشريعية واضحة تنظم عمل "المؤثرين" وعلاقتهم بالمنصات العالمية. ويرى المؤيدون للتدخل الأمني أن الفضاء الرقمي في المغرب أصبح يعيش حالة من "الفوضى"، حيث يتم استغلال خوارزميات المنصات لترويج محتويات تمس بكرامة المتلقي وقيم المجتمع، داعين إلى "تأطير المحتوى الرقمي وفق قواعد أخلاقية وقانونية". في المقابل، أثار التوسع في الملاحقات مخاوف لدى تيار من المدافعين عن الحريات. ويحذر هؤلاء من خطر "الانزلاق نحو رقابة زجرية" قد تخضع جميع أشكال المحتوى الشعبي أو الساخر لمنطق المتابعة القضائية. ويدعو الحقوقيون إلى ضرورة الفصل الدقيق بين "النقد الأخلاقي" الذي يمارسه المجتمع، وبين "التجريم القانوني" الذي يجب أن يظل محصوراً في المخالفات الصريحة للنصوص الجنائية، حفاظاً على مكتسبات حرية الرأي والتعبير في البلاد. ويأتي هذا الجدل في سياق يشهد فيه المغرب تنامياً كبيراً في نفوذ المنصات الرقمية التي باتت تلعب دوراً محورياً في توجيه الرأي العام، مما يضع السلطات أمام تحدي الموازنة بين ضبط الفضاء العام وحماية الحريات الفردية.