فتحت حادثة السير المروعة التي أودت بحياة ستة أشخاص وأصابت ثمانية آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، يوم السبت الماضي بمركز مدينة الفنيدق، باب التساؤلات واسعا حول مسؤولية المجلس الجماعي في تأمين مسارات السير، وذلك عقب تقارير ميدانية أكدت غياب علامات التشوير التي تمنع مرور العربات الثقيلة في النقطة التي ولجت منها الشاحنة المنحدرة. وتتركز التحقيقات الحالية حول "الثغرة الأمنية" في البنية التحتية التي سمحت لشاحنة محملة بحوالي عشرين طنا من مواد البناء، وفق تقديرات مسؤولين محليين، بالولوج إلى شارع لا يتجاوز عرض جزء منه خمسة أمتار. ويمتد هذا المحور الطرقي، الذي يشهد عبورا يوميا لأكثر من ثلاثة آلاف شخص في ساعات الذروة، على منحدر حاد تبلغ درجته 7 بالمائة حسب معطيات هندسية لشارع "باب سبتة"، وهو ما يتنافى مع المعايير التقنية الدنيا لعبور الشاحنات التي تتجاوز حمولتها خمسة عشر طنا، مما ضاعف من مخاطر فقدان السيطرة على المكابح. وكشفت صور التقطها نشطاء محليون قبل أسابيع من وقوع المأساة، أن علامة التشوير المسؤولة عن منع مرور الوزن الثقيل عند المدخل الجنوبي كانت إما شبه مطموسة أو محجوبة خلف أشغال تهيئة جارية. ولم تصدر الجماعة الحضرية حتى الآن أي توضيح رسمي بشأن وضعية هذه اللافتة يوم الحادث، رغم أن القانون التنظيمي 113.14 يضع الصيانة الدورية للتشوير الطرقي في صلب اختصاصاتها المباشرة. وتنص المعايير الوطنية للسلامة الطرقية بوضوح على إلزامية تزويد الممرات الحضرية التي يفوق انحدارها 5 بالمائة بلوحات تحذيرية وتشوير يمنع الشاحنات الثقيلة، مع ضرورة توفير مسالك بديلة واضحة. وفي هذا السياق، أفادت شهادات محلية متطابقة بأن المسار البديل المؤدي نحو الطريق الوطنية رقم 16 لم يكن مشورا بفعالية كافية خلال الأشهر الماضية لتوجيه السائقين. وعلى الصعيد القضائي، تبحث السلطات المختصة في مدى توفر الشاحنة المتسببة في الحادث على "ترخيص مرور استثنائي"، وهو إجراء إداري تمنحه الجماعات في حالات خاصة. ولم تؤكد المصادر الرسمية ما إذا كانت العربة تملك هذا الترخيص، أو ما إذا كان مسارها مدرجا ضمن مخطط السير والجولان الذي صادق عليه المجلس الجماعي سنة 2022. ويمتد نطاق التحقيقات ليشمل مراجعة سجلات الصيانة الخاصة بلافتات التشوير في المنطقة المنحدرة. وتشير تقديرات تقنية إلى أن معدل تضرر اللوحات في هذا المقطع الحيوي يتراوح ما بين ثلاث إلى خمس لوحات سنويا نتيجة العوامل المناخية والأشغال، مما يفرض مراقبة دورية صارمة لتفادي المخاطر. وتترقب الساكنة المحلية نتائج التحقيق لتحديد المسؤوليات، وسط مطالب جمعوية متصاعدة بإعادة تقييم شاملة لشبكة التشوير في المدينة التي تشهد توسعا عمرانيا متسارعا.