قال الأستاذ محمد شعيب٬ نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ورئيس خلية التكفل بالنساء والأطفال٬ اليوم الجمعة بالدار البيضاء إن ظاهرة جنوح الأحداث تمثل تهديدا متناميا لأمن المجتمع واستقراره وخططه التنموية وبنائه الأسري.
وأضاف الأستاذ شعيب٬ في كلمة خلال اجتماع للجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال حول موضوع "دور البرامج الوقائية والعلاجية للمجتمع المدني والمدرسة للحد من ظاهرة جنوح الأحداث"٬ أن هذه الظاهرة٬ التي تعتبر أخطر الظواهر الاجتماعية٬ تترتب عنها آثار سلبية في أوساط الأطفال وأسرهم ومحيطهم.
واعتبر٬ خلال هذا الاجتماع الذي حضره مسؤولون قضائيون وممثلو فعاليات مدنية٬ والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين٬ وضباط من الشرطة والدرك ومتخصصون٬ أن فهم هذه الظاهرة ومعالجتها يكون من خلال مناهج البحث في علمي الإجرام والاجتماع٬ مشيرا٬ في هذا السياق٬ إلى أن التعامل مع ظاهرة جنوح الأحداث يعتمد على أسلوب المجابهة الميدانية والمكافحة المباشرة التقليدية للسيطرة عليها أو الحد من تفاقمها٬ بدل التعامل معها باعتماد أسلوب الوقاية والعلاج.
وبعد أن شدد على أهمية التفكير في طروحات وحلول جديدة لمواجهة أعمال العنف والسلوكات المنحرفة والشغب٬ قال إنه يتعين ربط المفهوم النظري للوقاية من الجريمة٬ بالواقع العملي الميداني٬ واقترح عدة مداخل لذلك منها أن يكون العمل الوقائي التطبيقي موجها أساسا للتعامل مع العوامل أو الظروف التي تفرز الجريمة٬ وأن تكون الجهود ذات طابع اجتماعي تشارك فيها جميع القطاعات المعنية.
وفي السياق ذاته٬ أبرزت الأستاذة فاطمة أو كادوم٬ قاضية التحقيق والمستشارة المكلفة بالأحداث وعضو خلية التكفل بالنساء والأطفال٬ أهمية الوسط المدرسي في ترسيخ قيم التسامح والتدبير الإيجابي للخلاف٬ ونشر قيم الديمقراطية والتربية على المواطنة ونبذ العنف بكل أشكاله.
وقالت إن دور البيئة المدرسية هو تجنيب الأحداث الوقوع في دوامة الفشل الدراسي ومعاشرة رفاق السوء والإدمان على المخدرات٬ والتركيز على السلوك السوي. وفي سياق متصل٬ أشارت إلى أن الجمعيات المتخصصة اضطلعت بدور محوري في الحد من ظاهرة جنوح الأحداث٬ والاشتغال على آليات مكافحة هذه الظاهرة.
وفي السياق ذاته٬ اعتبر الأستاذ نور الدين داحن قاضي التحقيق بالمحكمة٬ أن السبيل الوحيد للحد من ظاهرة جنوح الأحداث يكون عن طريق مشاركة كل مكونات المجتمع٬ مشيرا إلى أن سياسة الردع العقابي لوحدها لم تستطع تحقيق الأهداف المتوخاة منها للحد من الجريمة لدى الأحداث.
وبعد أن أشار إلى أن حالة العود لدى هذه الفئة آخذة في النمو والارتفاع٬ قال إنه ينبغي الحث على إعطاء جرعات قوية لمراكز الإصلاح والتهذيب٬ في تقويم سلوك الأحداث الجانحين وتهذيب نفوسهم٬ حتى لا تشكل هذه المراكز بالنسبة لهم أماكن لتطوير مشاريع إجرامية أخرى.
وفي الاتجاه نفسه٬ اعتبر متدخلون آخرون أن تظافر الجهود وتنسيق مختلف البرامج٬ والعمل الوقائي الميداني٬ وقيام كل من الأسرة والمدرسة بدورهما على الوجه الأكمل٬ تشكل مجتمعة وسيلة للحد من ظاهرة جنوح الأحداث.