من أعظم الأخلاق رفعة العفو عند المقدرة، وهي من صفات الله و أسمائه الحسنى، فهو سبحانه العفو القدير، أي: يعفو بعد مقدرته على الأخذ بالذنب و العقوبة على المعصية. فالعفو بدون مقدرة قد يكون عجزا و قهرا، و لكن العفو مع المقدرة فلا شك أنه صفة عظيمة لله فيها الكمال، فهو سبحانه يحب العفو، و يحب أن يرى عبده يعفو عن الناس، مصداقا لقوله تعالى * خذ العفو وأمر بالعرف و اعرض عن الجاهلين - الأعراف.
إن جميع دساتير الدول الديموقراطية تمنح حق العفو لرئيس الدولة، وفي المغرب نجد الفصل 58 من الدستور ينص على أن الملك يمارس حق العفو. و من خلال هذا المقال لا أود المجادلة القانونية لحق العفو بقدر ما أود إبداء رأيي حول تداعيات العفو الملكي الأخير الذي طال العشرات من الإسبان من بينهم دانييل كافان، فالحراك الذي أعقب تفعيل هذا الحق الدستوري كان في جانب منه من أشخاص ذوي نيات حسنة يؤجرون عند الله لغيرتهم ووطنيتهم، لكن الملاحظ أن هناك البعض ممن يتربص ويتحين الفرص في خسة ونذالة منقطعة النظير من أجل أن يعكر الأجواء، وأن يجعل آلام أسر الضحايا في موضوع الإغتصاب كمطية لتصفية حسابات سياسية أو لتوتير الأجواء لأنه سادي ولايستطيع الإصطياد إلا في المياه العكرة وبلغت به الدناءة إلى المزايدة على كرامة المغاربة وأطفالهم.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك من لايريد لهذا البلد أن ينعم بالإستقرار والطمأنينة وإنما هدفه الفتنة لأنها من صميم مبادئهم، وقد لاحظت من خلال مجموعة من الوقفات تواجد وجوه تحاول تحوير الوقفات في شعاراتها إلى غير ما تم الإتفاق عليه وفي مقدمة هؤلاء يتواجد أل صاحب القومة المزعومة وبعض راديكاليي اليسار إضافة طبعا إلى ممثلي التنظيم الإخواني العالمي بالمغرب.
و المهم من هذا كله أن الملك استمع إلى نبض الشعب وحياه على يقضته ووطنيته بقراره سحب العفو الذي استفاد منه السفاح دانييل كافان اعتبارا للإختلالات التي طبعت المسطرة ونظرا لخطورة الجرائم التي اقترفها المعني بالأمر.
أما بخصوص المزايدين على كرامة المغاربة وأطفالهم ولكل السياسيين و الوزراء الذين بلعوا ألسنتهم خلال الفترة الماضية أقول لهم: أين أنتم من الفراغ الذي تعيشه الحكومة المغربية بعد استقالة وزراء حزب الإستقلال، ألا يجدر بكم الدعوة لوقفات احتجاجية للمطالبة بالكف عن العبث السياسي الذي يطال مشاورات رئيس الحكومة في أفق تجميع أغلبية جديدة؟ بالله عليكم أليس الحليف المنتظر لرئيس الحكومة هو من أقام من أجله شاعري الهجاء بوانو وأفتاتي الدنيا ولم يقعداها وطالبا بمحاكمته.
أليس هناك عبث بمشاعر المغاربة أكثر من ذلك. أليس مفروض على رئيس الحكومة أن يتقدم باعتذار رسمي للشعب المغربي ويقدم استقالته جراء عجزه عن تدبير المرحلة عوض التمسك بكرسي لايقدر على مقاومة حلاوته، أليس مفروض على ممثلي التنظيم الإخواني العالمي بالمغرب الدفاع عن الشرعية والمشروعية بالمغرب عوض دعم شرعية زائفة بين أحضان أردوغان.
كلها تساؤلات وغيرها كثير تطرح نفسها بإلحاح على كل الخونة المأجورين المعتدين على الثوابت المزايدين دائما على حقوق الضعفاء والمقهورين الموقضين للفتن و الذين لايمكن تشبيههم إلا كما ورد على لسان أحد الشيوخ " العاهرة التي تحاضر في الشرف ".