يشكل أطفال الشوارع أحدى الظواهر الاجتماعية المقلقة التي تستأثر باهتمام الدارسين والباحثين ،وقد أصبح الطفل بضاعة تباع وتشترى وصار وسيلة لربح الخبز ووسيلة لإلقاء المحاضرات وجمع الجمهور بحثا عن التصفيق والمناصب . في حين لا تخلو أي مدينة من مدن مغربية من أطفال في حالة صعبة . حتى أضحت هذه ظاهرة تثير قلق المجتمع المدني بالمغرب خصوصا أمام تناميها و ازدياد عدد أطفال الشوارع بالمدن الكبرى يوما عن يوم. وينحدر غالبيتهم من أسر بسيطة جدًّا أو تكاد تكون معدمة تتميز بكثرة عدد أفرادها، ويعيش غالبيتهم في بيوت بسيطة تتكون في معظم الأحيان من غرفة واحدة والوالدان غير مثقفين أو بمعنى أصح أميين، وتقول إحدى الدراسة أن هؤلاء الأطفال منذ ولادتهم وهم على اتصال دائم وبالشارع فالأبوان يمتهنان التسول أو حرفًا بسيطة مثل العمل في جمع النفايات، فنجد الآلاف من هؤلاء الأطفال يولدون في الشوارع ويترعرعون فيها، حتى يتحول الشارع إلى بيت لهم، وأعمار هؤلاء الأطفال تقع بين ست وثماني سنوات وتمثل الإناث الغالبية العظمى منهم. فهم إذن ضحايا المجتمع لا ملجأ لهم و لا مسكن تجدهم قرب المطاعم و على الأرصفة وفي مواقف السيارات. وغالبا ما يتخذون بعض الأماكن و الحدائق المهجورة. ، ولحد الساعة يصعب إعطاء أرقام محددة للأطفال المشردين في غياب وجود إحصاءات دقيقة، إلا أن الملاحظ أن عددهم في تزايد سريع . ما دام يعيشون في مجتمع فيه فوضى حكومية حيث لكل وزارة إستراتيجيتها، فحل هذه المشكلة سيكون أصعب بكثير مما نتوقع". وأشارت بعض الدراسات أن 30 ألف طفل مغربي يعيشون في الشارع خلال سنة 2012 كما يوجد حوالي 54 ألف طفل فاقد للحماية الأسرية . و أن مدينة الدارالبيضاء احتضنت أزيد من 5500 طفل متشرد . وأكد نفس المصدر أن التسول يأتي في مقدمة الأعمال التي يزاولونها بنسبة 18% يأتي بعدها مسح الأحذية وبيع الأكياس البلاستيكية ب 15% وغسل السيارات ب 13% ثم السرقة ب 6% وقد تعرض للاعتداء جنسي بالعنف حوالي 46 % منهم وغالبا ما يكون صادرا عن مشردين بالغين أكبر سنا من الضحايا.ومما يزيد من استفحالها هو كونها ظاهرة صامتة. وما أكده بعض الاطفال أن الآباء هم الذين يدفعوا بأطفالهم إلى الشارع إما للعمل أو السرقة أو التسول أو ما إلى ذلك، ونتيجة لهذا كله يتشرد الأطفال في الشوارع ويتخلفون عن الدراسة وتترسب لديهم مشاعر الكراهية نحو الحياة والمجتمع وكل من حولهم مما يؤدي بهم إلى الدخول في دائرة الانحراف والتمرد على القيم والنظم وإدمان المخدرات مع استغلال تجار المخدرات لهؤلاء الأطفال في ترويج السموم، وصولاً إلى أمراض أخرى أخطر وأعمق تأثيرًا في بنية المجتمع مثل التطرف والانحراف الفكري والإرهاب. وبطبيعة الحال فإن تأثير هؤلاء الأطفال خطير على المجتمع نتيجة لشعورهم بالحرمان والنقص، كما أن هناك نقطةً هامةً يجب الانتباه إليها وهي أن تشغيل الأطفال يؤدي إلى انفصال الطفل عن باقي الأفراد، ويجعله على هامش المجتمع، وبالتالي تتسع الهوة بينه وبين الجماعات الأخرى، فينظر إليها على أنها تتفوق عليه بالقدرة والنفوذ والمال ومن هنا يتولد الشعور بالكراهية والحقد. ومن اسباب التشرد سوء المعاملة للطفل من ابائه ومعلميه وتوبيخه على الدوام. وأيضا كره الولد للبيت او المدرسة بسبب ما يلاقي في البيت من خصومة ونزاع وشقاق وفي المدرسة من صعوبة وعقاب فيتجه قصور مواهبة او بعد معلومات هذه المدرسة عن ميوله مما يدفعه الى الفرار والتشرد خشية العقوبة والخجل من نتيجة جهلة. وهناك سبب اخر للتشرد وهو حرمان الطفل في البيت الكثير من ضروريات الحياة وطيباتها من طعام وغيره مما يضطره الى الفرار منه لعله يجد خارجه ما يتشبع به. وأيضا تفكك الأسر إما بالطلاق أو الهجر بسبب الخلافات الزوجية المستمرة أو وفاة أحد الوالدين. و يمكن القول إن وضع الأسرة التي ينتمي إليها الطفل تشكل عاملاً هاماً دورا أساسيا في انتشار ظاهرة أطفال الشوارع . وهذا الوضع يلح على الضرورة وجود حلول لمعالجاتها وينبغي أن تبدأ انطلاقاً من بعض الدراسات التي تهتم بأطفال الشارع. ومن هذه الاقتراحات التي يمكن أن تعالج الظاهرة 1- إنشاء مركز لتلقى الشكاوى من أطفال الشوارع إذا تعرض لهم أفراد المواطنين. 2- إحداث يوم لأطفال الشوارع مثل يوم اليتيم الحاجز النفسي بين الأطفال وتأملهم لاستعادة الثقة فية . 3-. قيام عدد من الأطباء والأخصائيين النفسيين بعمل برنامج للإصلاح النفسي للأطفال ومحاولة حثهم على العودة لذويهم 4- التعرف على الأطفال والمهارات وتنمية مهاراتهم . 5- تعزيز برامج محو ألامية للكبار والصغار. أما عن الأدوار الحكومة، فإنها تتمثل في العديد من الأشكال التي تستطيع من خلالها العمل على اجتثاث هذه المظاهر التي ترفضها القيم الانسانية ، وتسير الأدوار المطلوبة . كما أن للجمعيات والمؤسسات التربوية أدوار كثيرة ومتعددة، لا تتوقف أبدا ما دامت الرسالة النبيلة والهدف الذي تسعى إليه هو المساهمة في صناعة النهضة الاجتماعية والإنسانية. نورالدين الجعباق