استكمال تأهيل وبناء منازل 46,650 أسرة في مناطق زلزال الحوز المتضررة    رئيس الحكومة يترأس اجتماع اللجنة البين وزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز    عدد المستفيدين من برنامج دعم السكن بلغ 55 ألفا و512    طرد إمام مغربي في هولندا بعد مشاركته في زيارة إلى إسرائيل        أيت بوكماز تنهي مسيرتها الاحتجاجية بعد تعهد عامل أزيلال بتنفيذ المطالب الأساسية    المغرب يعمم السير ب"الصفائح الدولية" داخل التراب الوطني    الحكومة تصادق على مشروع قانون لحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها        مسيرة آيت بوكماز... عامل إقليم أزيلال يتعهد بالاستجابة لمطالب الساكنة في غضون 10 أيام    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بالحالة المدنية    لطيفة رأفت تحيي جولة صيفية في مختلف جهات المملكة المغربية    بريطانيا تصفع مجددا الجزائر ودميتها البوليساريو: أي اتفاقيات تخص الصحراء لن تُبرم إلا مع المغرب    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    المغرب يستقبل 8,9 ملايين سائح خلال النصف الأول لسنة 2025    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع أداء إيجابي    عدد المستفيدين من برنامج دعم السكن بلغ 55 ألفا و512 (بايتاس)    تعيينات جديدة في مناصب عليا بعدد من القطاعات الحكومية    «إصلاحات تعليم عالٍ... أم ارتجال مؤسساتي؟»    محاكمة إسكوبار الصحراء تتعثر بغياب لطيفة رأفت وشخصيات بارزة    السجال السياسي‮ ‬بين‮ ‬«يوتيوب» وخامنئي!‮‬ 2    مكتبة بيت الحكمة بتطوان تستضيف الصديق معنينو، حسن طارق وفضيلة الوزاني    بتوجيهات من "حموشي".. صرف منحة استثنائية لفائدة أرامل ومتقاعدي الأمن الوطني            المنتخب المغربي يعزز ريادته عربيا ويحافظ على موقعه عالميا في تصنيف "فيفا" الجديد        مقاييس التساقطات المطرية بالمغرب    الدولار يتراجع    اقتصاد هش وسياسات قاصرة.. مدون مغربي يبرز ورطة الجزائر بعد قرار ترامب الجمركي    سعد لمجرد يوضح بشأن تذاكر حفله المرتقب بالجديدة    تنفيذا للتعليمات السامية لجلالة الملك إعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق    الحكومة تصادق على قانون لحماية الحيوانات الضالة ومواجهة أخطارها    عمر بلمير يكشف موعد طرح "ديالي"    الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة: الفساد يهدر الحقوق ويجهز على كرامة الإنسان    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    نجاة الوافي: "سيوف العرب" يعيد إحياء أمجاد التاريخ العربي برؤية فنية احترافية    شابي ألونسو : "سان جرمان فريق بني منذ فترة طويلة.. أما نحن فبدأنا للتو"    بنموسى يحذر من استغلال القضايا الديموغرافية ويدعو لتجريب "سياسات الغد"    "ريمالد" تعتني بزراعة القنب الهندي    "أوكسفام": أربعة أثرياء في إفريقيا أغنى من نصف سكان القارة    23 قتيلاً في قطاع غزة بينهم 8 أطفال    دراسة ترصد أمراض البشر منذ 37 ألف عام وأقدم طاعون في التاريخ    هل ‬هو ‬الظلام ‬الذي ‬ينبثق ‬عنه ‬الفجر ‬الصادق ‬؟    خورخي فيلدا: الانتصار على الكونغو أعاد الثقة ل"لبؤات الأطلس" قبل مواجهة السنغال    أشرف حكيمي: الرحيل عن ريال مدريد لم يكن قراري    محكمة كورية جنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق    تحطم مقاتلة تابعة لسلاح الجو الهندي ومصرع طياريها    الإيطالي سينر والصربي ديوكوفيتش يتأهلان لنصف نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    مجزرة كروية في أمريكا .. الملكي يتهاوى أمام إعصار باريس    "غي -تا" تكشف عن ملامح عملها الفني الجديد "كروا غوج"    في سابقة طبية إفريقية.. المغرب يشهد أول عملية جراحية بتقنية "v-NOTES" لاستئصال الرحم    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد الباكلوريا؟
نشر في تيزبريس يوم 22 - 06 - 2017

في البداية، أهنئ كافة الحاصلين على شهادة الباكلوريا برسم الموسم الدراسي 2016/2017، وأتمنى التوفيق والفلاح لمن تنتظرهم الدورة الاستدراكية في شهر يوليوز، وأشدّ بأيدي المُقبلين على تحدّ جديد الموسم المُقبل، بنفس جديد وطموح مُتجدد وبعزيمة قوية لا تلين على إيقاع قصيدة "درويش" القائلة: "قف على ناصية الحُلم وقاتل!".
مرت ليلة الثلاثاء الماضي في حالة من الترقب الشديد عند التلاميذ وأسرهم المتابعين دراستهم في لحظاتها الأخيرة بمختلف المؤسسات التّأهيلية، بل وعند كافة أطياف المُجتمع المغربي، بعد أن صارت الباكلوريا جزءا لا يتجزأ من الاهتمام الجمعي عند المغاربة، يتداخل فيه الثقافي والعلمي وغير ذلك، فكانت سريعة على الناجحين، وبطيئة جدا على الذين لم يكونوا كذلك.
هي إذن، لحظة هامة في حياة الكثيرين، فليس من السهل أن تُتوّج مسارا طويلا بشهادة الباكلوريا، والذين يُبخسونه تحت أي ذريعة لا يستقيم رأيهم في ذلك.
لكن، من الخطإ اعتبار شهادة الباكلوريا الغاية الكُبرى لكل متمدرس، ذلك أنها وإن كانت تتويجا للمسار التأهيلي واعترافا صريحا بالنجاح في تجاوزه، فإنها أيضا مجرد مفتاح لآفاق مُستقبلية عديدة، ينتظر منها المُتعلم الشيء الكثير.
وإذ تحدثت وزارة التربية الوطنية في بلاغها الصحفي عن نجاح 156042 متمدرس بنسبة 50.28%، فإنّي أكاد أجزم بأن السؤال الجوهري الذي سيطرحه غالبية هؤلاء فيما يُستقبل من الأيّام: ماذا بعد الباكلوريا؟
يفتحُ المُشتغلون في مجال التوجيه أبوابا كثيرة أمام المُتمدرسين على المستوى النظري، ويسطرون على الورق مسارات كثيرة، واختيارات مختلفة، وهذا وإن كان سليم ابتداء، فإن الجانب الواقعي يبقى مُحاطا بغبش كبير.
فأمام محدودية فرص الالتحاق بالمعاهد العليا والمدارس ذات الاستقطاب المحدود، واستحالة أخرى على خريجي المدرسة العمومية المُترهلة، للمطالب المالية التي تحتاجها، ووفقا لما تعيشُ عليه الحياة الجامعية، لزاما على الغالبية العُظمى من الحاصلين على الباكلوريا الاستعداد لمختلف السيناريوهات التي تحكم ما بعد الباكلوريا منذ الآن، عن طريق اختيار المسار التي يُلائم ملكاتهم وميولاتهم مُبكرا، ودراسة كافة الاحتمالات التي تهمهم، حتّى لا يقعوا فريسة الترددات في نهاية المطاف.
فالاختيار هو لُب النجاح الدراسي، ويحصل باستحضار كافة المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والأسرية، ويتمّ بكل مسؤولية وتجرد، اعتبارا لأسباب موضوعية وذاتية لا ترتفع.
ينبغي على الجميع أن يستوعب بأن الجامعة المغربية، وبالرغم من متتاليات الإصلاح التي استهدفتها في العشرية الأخيرة ما زالت تعيش على وقع إشكالات قاتلة، تظهر للمتتبع البسيط دون أدنى تفكير، بدءا بهزالة المنح الدراسية، ومرورا بالاكتظاظ في المدرجات الجامعية، وانتهاء بضعف المردود العلمي والتكويني، وهي أشياء لا يجب أن يُستهان بها عند التوجه نحو الجامعة والإقبال على إحدى الكُليات بغية طلب المعرفة والتربية والتكوين.
يتوجب على الطالب أن يستحضر كافة الآفاق التي تفتحها في وجهه أي شعبة يختارها، بنظرة شمولية ومسؤولية، وفق ما يتوافق وإمكاناته العقلية وقواه البدنية والجسمانية. فسوق الشغل اليوم، ليس ذلك الحضن الرحيم الذي يلف خريجي الجامعات ويحميهم من براثن الضياع، بل هو البعبع المخيف الذي ما فتئ يتربص بهم عن سبق إصرار.
وعلى الطالب أيضا أن يستشير ذوي الاختصاص، والعارفين بخبايا هذه الأمور قبل أي خطوة يخطوها فيما يُستقبل من الزمان، فمعلومة واحدة رغم بساطتها يمكن أن تعصف بمستقبل إنسان، وقد يحصل العكس تماما، لأنها بكل بساطة، ذلك الفرق الذي يصنع الفرق.
وعلى الطالب أن يضع نصب عينيه هدفا مُحددا يسلك في ذلك الطرق المثلى لتحقيقه وبلوغه، دون أن يلتفت نحو القشور، ودون أن ينصب تفكيره على سفاسف الأمور. فالمعرفة في الفضاء الجامعي وما بعد الباكلوريا إجمالا هي بُغيتُه التي لا ينبغي أن يحيد عنها قيد أنملة، وعليه أن يلزمها بشكل لا يقبل الفكاك.
إنّ ما نسمعه عن ظواهر بالجامعة المغربية ممّا لا علاقة له بالمعرفة والتّكوين أمر مؤلم حقّا، فبعد أن كانت مجالا للتحصيل والتأطير، وكانت مخرجاتها ذات بعد أكاديمي تُساهم في التّغيير والتّطوير، باتت اليوم مصدر إعادة الإنتاج في أغلب الحالات، وتكريس أوضاع اجتماعية قائمة لا تُفرح عدوّا ولا صديقا، وكأنّي بها لم تُراع تحذيرات "محمد جسوس" حول "خلق أجيال من الضّباع"!!
إن الحاصل على شهادة الباكلوريا يقف اليوم في مفترق الطرق أكثر من أي وقت مضى، ليس بسبب توافر المعلومات وكثرتها وتعقيداتها، لكن بسبب قلّة الفرص التي تُفتح في وجه الطّبقات الاجتماعية الدُّنيا –بالمفهوم الاقتصادي عند ماركس-، الذين تدفعهم الأوضاع الحالية إلى إنتاج أشخاص يقبعون في مُؤخّر التّصنيفات الاجتماعية، ويحسون بنفس مشاعر الاحتقار على المُستوى السّيكولوجي، بل وفي بعض الأحيان، يحصل تكرار ذات الأسماء في ذات المواقع بعيدا عن المعرفة النّظرية التي تُنتجها المدرسة العمومية، كآلية جديدة من آليات الوراثة والتحكم في زمام صراع الترقي، وترداد نفس الأسطوانة، بعد أضحت المنظومة غير قادرة على إحداث التّغيّرات الاجتماعية المطلوبة ومُسايرة التّحوّلات التي حملتها الألفية الحالية على ظهر التّكنولوجيا.
كلّ المُعطيات أعلاه يجب أن يستحضرها طالب ما بعد الباكلوريا في أيّ خطوة يخطوها نحو المُستقبل، بحذر شديد مٌفعم بروح التّفاؤل والاجتهاد، والله أسأل أن يوفق الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.