ذ. العربي إمسلو حوالي التاسعة من كل مساء، تنتهي كل ارتباطاتنا بخارج المنزل، كالعمل والصلاة والتسوق والزيارات والجلوس في المقاهي وغيرها، يعود كل واحد منا إلى منزله ويطمئن أولا على أن كل أبنائه متواجدون في المنزل، ثم يخلد إلى الراحة ويتصفح هاتفه لمتابعة جديد الاحتجاجات والاقتحامات وأعمال الشغب، وأحوال الضحايا من الجانبين، ثم يعبر عن أسفه همسا، أو تعليقا، أو تدوينة في أحسن الأحوال. خارج المنزل، يبدأ مسلسل الكر والفر بين شباب غير مؤطر، ورجال قُدّر لهم الاشتغال على توفير الأمن للمجتمع، شرطة وسلطة وقوات مساعدة وغيرها، وتستمر إلى وقت متأخر، قبل أن يتم إحصاء خسائر الليلة المنتهية، ليعاد المشهد في اليوم الموالي، إلى أجل غير مسمى. إنه سلوك الانسحاب الكلي، والحياد السلبي، والفردانية المقيتة التي لم تكن يوما من خصال الأجيال السابقة، وهي التي حاربتها بوعيها، لا بمستواها التعليمي ولا بشهاداتها العليا! هيئات المجتمع المدني، أحزابا ونقابات وجمعيات، مطالبة اليوم قبل الغد، بتنسيق جهودها والإسهام من موقعها في التأطير الميداني – في عين المكان – لشباب أغلبه غير مؤطر ولا تربطه بالأحداث إلا الرغبة في شهود محطة استثنائية في تاريخ مدينته وبلده، موفرا الغطاء لأوباش كل همهم السرقة والتخريب والانتقام.