تواصل الدولة العبريّة استعداداتها على جميع الأصعدة وفي كافة المجالات تحسبًا لليوم الذي سيلي الإعلان عن الدولة الفلسطينية في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل بالأمم المتحدّة، وإلى جانب جهودها الدبلوماسيّة بإقناع الدول بالتصويت ضدّ المشروع الفلسطينيّ، تواصل تل أبيب التحضير والتجهيز من الناحية الأمنيّة والعسكريّة لمواجهة عدد من السيناريوهات، التي أطلقت عليها المصادر السياسيّة في تل أبيب السيناريوهات السوداء التي قد تتحقق. وفي عددها الصادر أمس الخميس، أفردت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' أحد عناوينها الرئيسيّة في الصفحة الأولى والذي جاء تحت عنوان (أسلحة أيلول) أشارت فيه إلى الاستعدادات الإسرائيلية لما أسمته مظاهرات عارمة في الضفة الغربية وداخل ما يُسمى بالخط الأخضر. وبحسب الصحيفة فإنّ الأجهزة الأمنية تستعد أيضا لسيناريوهات وصفتها بالمتطرفة، مثل استقالة محمود عبّاس (أبو مازن) من رئاسة السلطة وتفكك السلطة وحصول فوضى شاملة. وبحسب المحلل للشؤون العسكريّة بالصحيفة، أليكس فيشمان، الذي تربطه بالمؤسسة الأمنيّة علاقات متينة للغاية، فإنّ وزارة الأمن عملت على شراء أسلحة لتفريق المظاهرات تصل قيمتها إلى 75 مليون شيكل (دولار أمريكي يعادل 3.5 شيكل) وذلك في إطار الاستعدادات لمواجهة تبعات وتداعيات اعتراف الأممالمتحدة بالدول الفلسطينية في أيلول (سبتبمر) المقبل. وبحسب التقارير في تل أبيب فإنّ الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة في أوج استعداداتها لمواجهة سيناريوهات محتملة في شهر ايلول/سبتمبر، وتبيّن أن التخوف الأساسي في إسرائيل هو من اندلاع احتجاجات شعبية في الضفة الغربية. وزادت التقارير أن الآراء متعددة ومتضاربة في جهاز الأمن الإسرائيلي حيال تأثير الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبينما يرى ضباط في الجيش أنه لن يحدث أي تدهور أمني يحذر آخرون من مفاجآت واحتمال اندلاع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي وخصوصا في الضفة الغربية. ونقل عن أحد المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي قوله إن الاعتقاد بوجود موعد واضح في شهر ايلول (سبتمبر) لاحتمال اندلاع احتجاج عنيف هو خطأ بصري، فهذا قد يحدث قبل ايلول (سبتمبر) أو في شهر كانون الثاني (يناير) المقبل أو إرجاء ذلك لموعد متأخر أكثر. وتتابع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بحالة من التأهب الأجواء في الشارع الفلسطيني الذي أصبح مركز التخوفات الإسرائيلية. وبحسب المصادر الإسرائيليّة، تشمل السيناريوهات التي يستعد لها جيش الاحتلال احتمال إعلان الأممالمتحدة عن دولة فلسطينية وأن يخرج الشعب الفلسطيني إلى الشوارع للتعبير عن فرحته، ولكن بعد يوم واحد ستتبدد الفرحة بعد أن يجد الفلسطينيون أنفسهم ما زالوا مضطرين للعبور في حواجز عسكرية إسرائيلية خلال تنقلهم من مدينة إلى أخرى في الضفة ومشاهدة المستوطنات، المقامة على أراضيهم، من نوافذ بيوتهم. وقدّر مسؤولون في جهاز الأمن أنه في هذه الحالة ستتصاعد خيبة أمل الفلسطينيين، وشددوا على أن الفلسطيني يفكر اليوم بأنّ العالم كله يقول إنّه يحق له دولة وإسرائيل وحدها التي ترفض ذلك، وقد انتهى العهد الذي يكتفي فيه الشعب بالطعام والمأوى وهم يريدون استقلالا ودولة. وأشار المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون إلى أن أحد السيناريوهات المتطرفة التي يجري الاستعداد لها هو أن يسير عشرات آلاف الفلسطينيين باتجاه مستوطنة، بينما تقف في طريقهم قوات إسرائيلية. وقال المسؤولون إنه من أجل مواجهة سيناريو كهذا يقوم الجيش بحملة مشتريات غير مسبوقة للتزود بوسائل تفريق المظاهرات والتي تشمل قنابل تصدر روائح نتنة وأعيرة مطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع وسيارات خراطيم المياه. وأضاف المسؤولون إنه على الرغم من التزود الواسع بهذه الوسائل إلا أنّ قيادة الجيش الإسرائيلي تدرك أنه في حال مقتل متظاهر فلسطيني واحد فإنّ الأوضاع ستتدهور ويدفع باتجاه اتساع الاحتجاجات والمواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية ولا أحد بإمكانه التكهن كيف ستنتهي الأمور. وثمة سيناريو آخر يصفه المسؤولون الإسرائيليون بأنّه متطرف وهو أن يبادر قادة الشارع الفلسطيني إلى احتجاجات شعبية كالتي تجري في مصر وسورية وليبيا، واستغلال تأييد الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية للاحتجاجات في الشرق الأوسط. ويقدر المسؤولون ذاتهم أن سيناريو من هذا النوع سيواجه الأمريكيون صعوبة في توجيه انتقادات ضد الاحتجاجات الفلسطينية. وتتابع شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأحداث في مناطق السلطة الفلسطينية وتصريحات المسؤولين فيها وتدقق في أية خطوة سياسية بهدف الاستعداد بشكل أفضل لاحتمال حدوث تصعيد أمني. وشددت المصادر، بحسب فيشمان، على أنّ إسرائيل قامت بشراء الأسلحة وذلك لرفع جاهزية قوات الأمن لمواجهة مظاهرات محتملة في أيلول (سبتمبر)، من خلال زيادة كمية الأسلحة التي وصفتها بغير القاتلة، بعد أن تبين أن هناك نقصا فيها تبين خلال (يوم النكبة) و(يوم النكسة). وبحسب الصحيفة ففي اليومين المذكورين لم يكن لدى الجيش أدوات لمنع دخول الفلسطينيين من سورية ولبنان، وعندها لجأ الجيش إلى إطلاق النار على أناس عزل. وأضافت أن أسلحة تفريق المظاهرات سيتم تقسيمها بين الجيش والشرطة، حيث تحصل الأخيرة على عتاد بقيمة 40 مليون شيكل، ويتم تزويد الجيش بعتاد بقيمة 35 شيكل لمواجهة مظاهرات محتملة في مناطق السلطة الفلسطينية. وتشمل الأسلحة: قنابل غاز، وجهازا متعدد الفوهات يتم تثبيته على المركبات ويطلق كمية كبيرة من قنابل الغاز دفعة واحدة، إضافة إلى حاويات مياه لتفريق المظاهرات بسعة 2.500 لتر ومركبات ذات أجهزة لضخ المياه (نحو 17 مركبة)، ومسدسات من نوع (تايزر) المكهربة وأجهزة تصدر أصواتا مزعجة لا تحتمل. علاوة على ذلك، تمّ شراء مواد ذات رائحة حادة جدًا وكريهة تتم صناعتها في إسرائيل والتي يمكن رشها بواسطة طائرات الرش. وقال فيشمان أيضا في سياق تقريره إنّ الجيش يدرس إمكانية شراء جهاز أمريكي يعمل بواسطة موجات (الميكروغال)، وهو يشل قدرة من يقترب منها بمسافة تقل عن 100 متر. وأشارت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة نفسها امتنعت عن استخدام هذا الجهاز بسبب معارضة منظمات جودة البيئة ومنظمات حقوق الإنسان.