وقع مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في خلط رهيب أوقعه في قائمة الجهل بطبيعة النظام في المغرب، وأسس الدولة التي لم يفرق بينها وبين أسس السلطة وبينهما بون شاسع كما يعرف المتخصصون، وكان على الرميد أن يعرف ذلك وهو يلج بوابة وزارة العدل كجزء مشرف إداري على السلطة القضائية، في حين الدولة ضامنة الأمن القومي وحاميته، وتشكلت تاريخيا من عناوين كبرى ومن وظائف أيضا حددها الدستور الجديد بدقة. فهي الدولة التي يرتبط فيها أمير المؤمنين بالبيعة التاريخية وهي نفسها البيعة التي ربطت ملوك المغرب بالمغاربة منذ مئات السنين، وهي الدولة الديمقراطية التي تؤمن بالمؤسسات وبفصل السلط، في حين ترتكز مؤسسات السلطة على كل ما هو قانوني وهذا ما يجهله الرميد ومن معه في حزب العدالة والتنمية. فهل كان الرميد يعرف ما يقول وهو يتحدث في الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية لاتحاد المحامين العرب التي انعقدت بالدارالبيضاء؟ هل كان يتحدث في المغرب أم في المريخ عندما قال "إن الربيع العربي استهدف من جملة ما استهدف إعادة صياغة العلاقة بين المؤسسات الحاكمة والشعوب على أساس القانون ولا شيء غير القانون وذلك بسبب ما كان قائما وما يزال في بعض الأقطار من مؤسسات لا تمت إلى الشعوب بصلة، وما كان ينظم من انتخابات مغشوشة، وما كان يقوم من علاقات بين الحكام والشعوب على أساس القهر والاستبداد، وما كان يسود من انحراف وفساد"؟ لو كان الرميد يتميز بذرة حياء واحدة لما قال مثل هذا الكلام، فهو ينتمي لحزب سياسي عاش مدللا منذ عهد الراحل إدريس البصري الذي كان يعتبر صديقا حميما لوزير العدل الحالي، وينتمي لحزب نال كل حقوقه وزيادة قبل أن تظهر للوجود فكرة الربيع العربي التي تدار من منظومة هو وحزبه وحركته على ارتباط بها. إن الرميد يعرف أن الحديث عن الربيع العربي أو الخريف أو أي من فصول السنة مجرد لغو كلام، يلوكه هو ومن هو على شاكلته بمن في ذلك الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي يكرر مرارا "الربيع العربي مازال كيتسارى ويمكن ترشق ليه ويرجع"، لماذا هو مجرد لغو كلام؟ لأن الدولة في المغرب مبنية منذ مئات السنين يومها كانت دول الربيع العربي والدول الراعية للربيع العربي والرافضة له في الداخل غير موجودة على خريطة السياسة العالمية أو مجرد ولايات تابعة للسلاجقة والعثمانيين الذين يرتبط الرميد بعلاقات قربى مع أحفادهم الجدد بأنقرة، والذين تأكد بالملموس أن زعيمهم أردوغان عاش كثيرا وسط الحركات الإرهابية بأفغانستان وكان تلميذا لحكمتيار.