كثيرة هي التكهنات التي جعلت من سنة 2012 محطة ليست ككل الأعوام السابقة. فالعلماء الفلكيون يعتبرونها سنة التحول والتغيير على كوكبنا الأرضي. بل يذهبون أبعد من ذلك ليتوقعوا أن تعرف الكرة الأرضية عدة زلازل وبراكين وهزات قبل حلول سنة التحول الكبير بنهاية 2012. وقد أورد مقال علمي نشر بإحدى المواقع الإلكترونية المهتمة بعلوم الخوارق أن العصر الخامس لعالمنا سيبدأ بحلول دجنبر 2012 وأن العالم سيعرف تحولات مناخية كبيرة قبل حلول الدورة الكبرى حيث ستعرف الأرض تناغما جديدا يدخلها إلى العصر السادس بعد ان عمر العصر الخامس 26000 سنة. ولم تأخذ النازا كمؤسسة فضائية امريكية هذه المعطيات باستهانة بل حملتها محمل الجد منذ شهر يونيه2009 ،وأجابت عن كل الأسئلة المطروحة حول هذه التوقعات بما توفر لديها من حجج ومعطيات علمية، وهي تضع مختلف الأجوبة على موقعها الإلكتروني. ولهواة الخوارق فإن توقعات المهتمين ذهبت إلى ابعد حد ممكن بحيث هناك من تصور بأن نهاية العالم ستكون بحلول هذه السنة. وهنا أيضا أخذت هوليود هذه المعطيات مأخذ جد وحولتها إلى أفلام مثيرة ومتعددة نرى فيها الكرة الأرضية وقد أصبحت على فوهة بركان أو في قبضة زلزال, إننا لا نريد الخوض في كل التنبؤات المتعلقة بهذه السنة خاصة وأن بعض المذهبيين قالوا بعودة المهدي المنتظر ومنهم من قال بعودة اليماني أو بعودة المسيح . اما المهتمون بالطاقة فقد توقعوا بداية نضوب النفط ودخول العالم مرحلة الجديدة من التصنيع والطاقة...والله أعلم. لكن، دعوني أحول المؤشر نحو المغرب وأتساءل معكم عما الذي ينتظره المغاربة سنة 2012؟ لا أريد أن تن-زاح مخيلة القارئ نحو الانتخابات المقبلة، فأنا وأنتم تعرفون أن المغاربة لا يصوتون إلا بالأقلية القليلة التي لا تتعدى 35 في المائة وهي أقلية تضم فئات وشرائح متنوعة ففيها المعني بالانتخابات وفيها السياسي الراغب في الوصول إلى القبة لكن فيها أيضا نسبة من مهمة ممن لا يفقهون في السياسة والبرلمان ومن الأميين الذي لم يكتب لهم دخول المدارس أو حتى المسيدات وبالتالي فلا حاجة لنا لتشريح هذا البرلمان أو ذاك أو من يمثل فعلا؟ علما أن الديمقراطية هي التي أرادت لبرلمانيي الأقلية أن يشرعوا قوانينهم ليحكموا بها الجميع. ما أريده من 2012 بعبد كل البعد عن البرلمان وبرلمانييه وقريب كل القرب عن من الفلاحة والعاملين فيها، فهذه السنة ستكون موعدا أيضا لدخول تنفيذ العديد الاتفاقيات المتعلقة بالتبادل الحر، أو كما سماه هواة التلاعب بالكلمات التبادل المر..والأمر ليس بالهين عن بلد بدل كل ما في مستطاعه للرقي بتجارته وصناعته وفلاحته، لكن السرعة القصوى التي تتحرك بها أوروبا ومعها الولاياتالمتحدةالأمريكية تركتنا عاجزين حتى على تحقيق التحرك..نعم أقول التحرك من مرحلة إلى آخر ومن مكان إلى آخر. إن الملكيات الفلاحية في المغرب هي في غالبيتها صغيرة إذا استثنينا كبار المستفيدين، وهو ما يعني صعوبة الاستثمار للنهوض بهذا القطاع، بل هو ما يعني أيضا أن الجفاف لم يكن وحده العائق للنهوض بالفلاحة المغربية. بل إن القطاع الفلاحي المنظم والمهيكل يجد صعوبة في توجيه منتوجاته نحو التصدير ، مما يحول دون تموقعه على المستوى الأوربي خاصة بعض انضمام اسبانيا والبرتغال واشتداد المنافسة مع المنتجات المغربية. إن الأبقار الأوروبية ترفض السفر في ما دون الدرجة الأولى لأن ما ينفق عليها –وللننتبه- للرقم هو ما يعيش عليه حواي 70 في المائة من الأفارقة..أي نعم،، وللأسف لأن ما يصرف على كل بقرة في أوربا هو 3 دولارات لكل بقرة يوميا . لقد سبق لأحد أبرز المحللين الاقتصاديين العالميين وهو جيفري ساتش أن اعتبر أن ما تنفقه أوربا على مزارعها هو خارج التحليل الاقتصادي الواقعي، بل إنه حسب قوله أمر سوريالي، وسبق لمجلة الآيكونوميست الإنجليزية أن اعتبرته نظاما غبيا وأحمقا لأنه ينفق أكثر مما يجني. وأوربا ليست وحدها السخية بل إن أمريكا زادت وبحجم كبير من مساعدة مزارعيها وقد أنفقت بسخاء 180 مليار دولار لحماية مزارعيها، لضمان ما سموه بشبكة الأمان لهؤلاء المزارعين كما قال بوش في حينه أي سنة 2002، وهو ما يعني ببساطة أنهم شمروا لسواعد الجد مباشرة بعد توقيع اتفاقية الغات. فكيف لفلاحتنا الهشة أن تواجه هذه التنافسية والقدرات وهي التي عانت من عقود طويلة من الجفاف الذي تعاقب عليها 5 فترات في ظرف ثلاثين سنة وطالت إقامته في المرة الأخيرة من 1982 إلى 2008 . وليس عامل الجفاف وحده من يرعب هذه الفلاحة بل هناك أيضا النمو الديمغرافي ونضب الفرشاة المائية في العديد من المناطق الفلاحية، وكثرة الأمراض التي تصيب المزروعات، وأغلبها منقولة إلينا من دول أخرى، لتضاف إلى ذلك قوة التنافسية وشراسة الالتزامات الدولية لما بات يعرف بالعولمة والتبادل الحر. وقد سبق للمندوبية السامية للتخطيط أن أشارت توقعاتها إلى أنه في أفق 2030 يتوقع أن يرتفع معدل درجة الحرارة إلى ما يقارب درجة واحدة، وبالتالي أن يتردد الجفاف بوتيرة أكبر بل وزيادة التصحر أيضا خاصة في المناطق شبه الجافة. وبفعل تفاقم الجفاف وتناقص معدلات الأمطار، فإن الموارد المائية للمغرب، السطحية والجوفية، قد تتراجع بما بين إلى حدود 20 % في أفق سنة 2030.