لن يكون في مقدور المسؤولين في إمارة قطر ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد سنة 2022، هذا إذا كانوا فعلا يمارسون هذا الركن من أركان الإسلام في الوقت الراهن، وذلك حين تنظم إمارتهم نهائيات كأس العالم بدعم مكشوف من بلاتير الذي قرر القيام بما لم يقم به عتاة السياسة، فخلال هذه السنة بالذات سيتغير وجه الإمارة التي تملك حدودا مع السعودية، حين تفتح جسدها كاملا أمام العالم، حيث سيكون على سكان الإمارة الذين لا يتجاوز عددهم مليوني نسمة التعايش مع مختلف المظاهر الشادة التي تميز المجتمع الغربي، من قبيل توزيع القبل في الشارع العام ودون حياء، وممارسة الجنس أمام الملإ، بل وحتى بين المثليين، الذين أعربوا عن قلقهم من منح قطر حق تنظيم كأس العالم، مخافة أن يحرموا من ممارسة متعتي الجنس ومشاهدة كأس العالم، وكما حل حكام قطر إشكالية حضور إسرائيل وشركاتها فعاليات المونديال من خلال التنصيص على مبدأ التعايش في الإسلام، والذي أوضحته للعالم أجمع عبر شريط وثائقي قدمته خلال حفل الإعلان عن المرشحين لتنظيم العرس المونديالي، فإنها أيضا حلت مشكلة ممارسة طقوس العبادة للمسيحيين واليهود من خلال بناء أكبر كنيسة في العالم العربي، وكذلك بناء معبد يهودي إرضاء لحاخامات إسرائيل الذين سيأكلون بدورهم من كعكة المونديال، ولن يقف الأمر عند هذا الحد مادام السيد بلاتير يحتضن بين دراعيه ملف قطر وكأنه ذرة أبناءه، فإمبراطور الفيفا حفف من وطأة القلق الذي يجثم على صدور المثليين حين أكد إمكانية حضورهم للمونديال شرط عدم ممارسة الجنس، وبعبارة أخرى فبلاتير يقول لهاته الفئة التي باتت تشكل لوبيا خطيرا في أوروبا، بإمكانكم الحضور لكن احترموا تقاليد البلد، وحتى إذا ابتليتم فاستتروا، وبعبارة أوضح فحكام قطر لا يمانعوا في حضوركم شريطة أن تختاروا أماكن سرية. بلاتير وجد الفرصة مواتية خلال مؤتمر صحفي عقده في جنوب إفريقيا يوم الأحد الماضي، للحديث عن قطر وحكامها الذين لن يمنعوا أحدا من دخول البلد، فهناك المثليين والسحاقيات وجهابدة إسرائيل الذين يقطعون أطفال فلسطين كل يوم على أسوار غزة، فالكل مدعو للمشاركة في عرس لن يجني منه العرب غير مزيد من الإذلال بسبب رغبة حكام قطر في تحقيق نزواتهم، ولا أدل على ذلك من أن حكام قطر المتاخمة للسعودية حيث الحرم الشريف والمدينة المنورة سيبنون كنيسة ومعبدا وسيفتحون أبواب الإمارة لبناء البارات والملاهي الليلية، كل ذلك إكراما للضيوف الذين سيحضرون ليس فقط لمتابعة المباريات ولكن للإستمتاع بممارسة الجنس واحتساء الخمر ولو في الشارع العام، وطبعا هذه ضريبة سيؤديها شعب قطر إرضاء لحكامه الذين نزلوا بثقلهم في دولة الفيفا حتى تفوز دولتهم بحق التنظيم. ولا عجب أن يبدي بعض الشواذ من الذكور والإناث في أوروبا وأمريكا الشغوفين بكرة القدم قلقهم من استضافة قطر لمونديال 2022 باعتبارها دولة "متحفظة أخلاقيا"، وقد لا تسمح لما يسمى حاليا بالجنس الثالث بحضور المونديال أو التصرف بأريحية، وهي الإشكالية التي لن يتأخر حكام قطر في حلها ولو على لسان بلاتير الذي حاول اللعب على الحبال، فهو سمح للمثليين بالحضور لكن شرط أن يمتنعوا عن إشباع غرائزهم وهذا احتقار من نوع آخر، لأنك مادمت سمحت لهم بالدخول فلا يمكن أن تفرض عليهم قيودا، وقد يجد سكان قطر أنفسهم مضطرين لممارسة سياسة غض الطرف، حتى لا يتابعوا ما سيحصل، عملا بحديث النبي، ومن لم يستطع فبلسانه وذلك أضعف الإيمان. لقد قال بلاتير إن كأس العالم مفتوح للجميع, ويمكن لأي فرد في العالم أن يحضر البطولة في قطر, فمجرمو إسرائيل سيحضرون وسفاكو الدماء بإمكانهم إيجاد موطئ قدم في الإمارة، وخارجون عن القانون وأعداء الإسلام والداعمون لاجثتات فلسطين من الخريطة، والمثليون وتجار المخدرات والأسلحة الفتاكة التي تضرب أطفال العرب والمسلمين في كثير من بقاع العالم، وسيصبح الشرق الأوسط مفتوحا على "البحري" على رأي إخواننا المصريين، ولن يكون في مقدور حكام قطر منع أي كان من الحضور في هذا العرس الكروي. إن من شروط تنظيم كأس العالم حسب ما تنص عليه قوانين الفيفا، عدم ممارسة أي تصرفات عنصرية ضد أي مجموعة من البشر، والإقرار بمبدأ الحريات العامة للفرد، والتي لم يسمع عنها حكام قطر من قبل، إلا عبر قناتهم الجزيرة التي توظف مثل هذه العبارات كلما أرادت ضرب إحدى الدول العربية، وحين تقرر تنظيم كأس العالم فإنك بذلك توافق على جميع هذه الشروط، وتوافق على أن تحكم الفيفا دولتك لمدة من الزمن، وتمارس قوانينها التي لاعلاقة لها بالسياسة، وأن ترعى كل القيم الشاذة والغير الأخلاقية، وأن تفتح أبوابك ونوافذك لكل الموبقات التي يمكن أن تحطم هيبة الدولة.