تشهد الصين تفشيا غير مسبوق لفيروس "شيكونغونيا" في جنوب البلاد، وهو ما دفع السلطات إلى الإعلان عن سلسلة من التدابير الوقائية الصارمة، جعلت الوضع يبدو كما لو أنه تكرار لسيناريو جائحة كوفيد-19. وفي هذا السياق، تم نشر كميات كبيرة من المطهرات، والاستعانة بطائرات بدون طيار لرصد أماكن تكاثر البعوض الناقل للفيروس، فضلا عن نقل المصابين إلى مستشفيات مخصصة مع أسرة مغطاة بشبكات واقية من البعوض، وفرض غرامات على الأفراد والمؤسسات التي لم تتخذ إجراءات وقائية لمنع تكاثر البعوض، مثل ترك المياه الراكدة دون معالجة، كما تم قطع الكهرباء عن بعض المنشآت في حالات عدم الامتثال. ووفقا للبيانات الرسمية، فقد تجاوز عدد الإصابات بالفيروس حاجز 7,000، معظمها سجلت في مدينة فوشان، وهي مركز صناعي رئيسي يقع بالقرب من هونغ كونغ، في حين ارتفع منسوب القلق في مختلف مناطق البلاد. وينتقل فيروس "شيكونغونيا" عبر لدغات البعوض، ويتسبب بأعراض تشمل الحمى وآلام المفاصل، وتشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بحمى الضنك، فيما تعد الفئات الأكثر عرضة للإصابة الحادة هم صغار السن، وكبار السن، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. قلق دولي متصاعد في تطور لافت، أصدرت الولاياتالمتحدة تحذيرا لمواطنيها بعدم السفر إلى مقاطعة "قوانغدونغ" الصينية، إضافة إلى بلدان أخرى متأثرة بالفيروس مثل بوليفيا وعدد من الدول الجزرية في المحيط الهندي. ويشار إلى أن دولا أخرى، من بينها البرازيل، سجلت أعدادا مرتفعة من الإصابات هذا العام، كما أبلغ عن حالات متفرقة في كل من فرنسا وإيطاليا، ما يعكس نمطا متسارعا في انتشار الفيروس خارج المناطق التي يعتبر شائعا فيها. ويرجح خبراء أن ارتفاع درجات الحرارة والأمطار الغزيرة في الصين هذا العام قد وفر بيئة خصبة لتكاثر البعوض، وساهم في تفاقم الأزمة الصحية. المغرب في منطقة "آمنة" طمأن خبراء الصحة المغاربة المواطنين بخصوص النقاش العالمي الجاري حول فيروس "شيكونغونيا"، مؤكدين أن المغرب يظل في منطقة "آمنة"، نظرا لانتشار هذا الفيروس في المناطق الاستوائية الرطبة، خاصة جنوب الصحراء. وفي هذا السياق، قال سعيد عفيف، رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، أن المعطيات الرسمية تظهر "عدم تسجيل أي حالة من هذا الفيروس بالمغرب حتى الآن"، مشيرا إلى أن "الفيروس يهم بالأساس مناطق جنوب الصحراء وبلدان الصين ومناطق أوروبية، حيث تنتشر ظروف مناخية وبيئية ملائمة لانتقال العدوى عبر بعوض النمر". وأوضح عفيف أن الأعراض المرافقة لهذا المرض تتمثل أساسا في الحمى وتقوس الجسم، إلى جانب مختلف الأعراض المعروفة المصاحبة للحمى، مشيرا إلى أن "بعوضة النمر" تعد الناقل الرئيسي لهذا المرض، وهي بعوضة معروفة بانتشارها في المناطق الرطبة والدافئة. وشدد ذات المتحدث على أنه "لا يوجد علاج محدد لهذا الفيروس في الوقت الحالي، باستثناء التدخلات الطبية التي تركز على علاج الحمى والألم، مع الحد من الأعراض المصاحبة لتخفيف المعاناة"، مسجلا أن محاربة البعوض تظل من الحلول الأساسية الممكنة للوقاية، بالإضافة إلى توفر لقاحات في بعض الدول. الوضع لا يستدعي القلق من جهته، كشف الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، أن المغرب غير معني بأي شكل من الأشكال بالتدابير الصحية التي اتخذتها الصين مؤخرا، موردا أن الوضع الوبائي بالمملكة "لا يستدعي القلق في هذه المرحلة". وأوضح حمضي أن المغاربة سبق وخضعوا لحملات تلقيح ضد كوفيد-19، ما ساهم في تكوين مناعة كافية لمنع الوصول إلى حالات خطرة، باستثناء بعض الفئات التي مازالت معرضة للخطر، كالمسنين والنساء الحوامل والمصابين بأمراض مزمنة. وسجل ذات المتحدث أن الفئات المعرضة للخطر تحتاج فقط إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لوقاية نفسها، مردفا أن إمكانية اتخاذ تدابير وقائية عامة بالمغرب في الوقت الراهن أو مستقبلا غير واردة. وخلص حمضي إلى التأكيد على أن هذا الفيروس ليس قاتلا، لكنه يحتوي على نسبة من الخطورة، ما يتطلب تعزيز آليات الرصد والتشخيص المبكر، مع التذكير بأنه لا مجال للقلق حاليا في المملكة. شارك هذا المحتوى فيسبوك X واتساب تلغرام لينكدإن نسخ الرابط