أصدر القضاء التونسي، اليوم الجمعة 3 أكتوبر الجاري، حكماً بالإعدام بحق رجل بعد إدانته بتهمتي إهانة رئيس الجمهورية قيس سعيّد والاعتداء على أمن الدولة، بسبب منشورات نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ومحامي المتهم. وأثار الحكم موجة انتقادات واسعة في الأوساط الحقوقية والسياسية داخل تونس وخارجها، حيث اعتبر نشطاء ومنظمات حقوقية أن القرار يمثل تصعيداً خطيراً ضد حرية التعبير وتراجعاً عن الضمانات الدستورية التي تكفلها القوانين التونسية. ولم تصدر السلطات القضائية أي توضيح رسمي بشأن القضية أو ملابسات الحكم حتى الآن، فيما دعا حقوقيون إلى مراجعة القرار وإطلاق نقاش وطني حول حدود حرية الرأي والتعبير في البلاد، في ظل تزايد الاتهامات بتضييق المجال العام. وقال أسامة بوثلجة، المحامي الذي يمثل صابر شوشان (56 عاما) الذي صدر بحقه الحكم، لرويترز: " قاض في محكمة نابل (في ولاية نابل) حكم بالإعدام على صابر بسبب منشورات فيسبوك منتقدة للرئيس. إنه حكم صادم وغير مسبوق". وأضاف أنه قدم طلبا للطعن على الحكم. وأشار إلى أن الرجل ليس سياسيا بل شخصا عاديا. محدود التعليم يكتب ويعيد فقط نشر منشورات تنتقد الرئيس، ولم يتسنَّ بعد الحصول على تعليق من وزارة العدل. وقال المحامي عبد القادر بن سويسي إن محكمة متخصصة في الإرهاب كانت نظرت بداية في القضية لكنها تخلت عنها لاحقا لعدم وجود صيغة إرهابية. ورغم إصدار المحاكم في تونس من آن لآخر أحكاما بالإعدام فإن العقوبة الفعلية لم تنفذ منذ أكثر من ثلاثة عقود. وقال بسام الطريفي رئيس رابطة حقوق الإنسان إن القاضي نُقل إلى مكان آخر بعد صدور الحكم، في إشارة إلى إمكانية مراجعة الحكم. وقال جمال شوشان، شقيق صابر المسجون منذ العام الماضي لرويترز: "لا نصدق الحكم. نحن عائلة تعاني من الفقر المدقع، والآن أضيف إلى الفقر.. الظلم والقهر". وذكر المحامي ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي، أن الرجل الموقوف عامل يومي وأب لثلاثة أطفال وتحظى صفحته على فيسبوك بمتابعة محدودة. موجة واسعة من الانتقادات والسخرية على الفور، أثار الحكم موجة واسعة من الانتقادات والسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي بين الناشطين. ووصف بعضهم الحكم بأنه محاولة متعمدة لبث الخوف بين منتقدي الرئيس، محذرين من أن مثل هذه الإجراءات القاسية تخنق حرية التعبير أكثر وتعمق التوتر السياسي في البلاد. ومنذ حل سعيد البرلمان المنتخب في 2021 وبدأ الحكم بموجب مراسيم، تواجه السلطات في تونس انتقادات متزايدة من منظمات حقوقية بشأن ما تقول إنه تآكل في استقلالية القضاء وتراجع كبير في حرية الصحافة والتعبير. وينفي سعيد باستمرار التضييق على الحريات ويقول إن الحريات مضمونة بالقانون وإنه لن يكون ديكتاتورا. ويقبع غالبية قادة المعارضة في السجن بتهم مختلفة. ويصفهم سعيد بأنهم خونة. وفي أبريل الماضي 2025، تم إصدار أحكام مشددة بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاما ضد العشرات من رموز المعارضة من الليبراليين والإسلاميين ورجال أعمال في قضية التآمر على أمن الدولة، في جلسات عن بعد قوبلت بانتقادات من منظمات حقوقية ومن شركاء تونس في الخارج.