كانوا في الموعد. تذكروه بأحاسيس الألم والفقدان. المشاركون في لقاء التأبين كانوا من مشارب متعددة. باحثون. اقتصاديون ثم اعلاميون ضربوا لهم يوم الجمعة الماضي بالمندوبية السامية للتخطيط موعدا لتقديم شذرات من الحياة الانسانية والمهنية للراحل . أحمد الكوهن الذي وافته المنية مؤخرا على إثر حادثة سير مؤلمة، كان وعبر مداخلات امتدت لثلاثة ساعات محورا لمداخلات وشهادات استعرضت استهاماته وحضوره في عدد من القضايا والانشغالات الوطنية. في بداية اللقاء أشار أحمد الحليمي المندوب السامي في التخطيط إلى اسهامات الفقيد طيلة عشرة سنوات في إصدار وإغناء مجلة «دفاتر التخطيط» والتي تعتبر منبرا مفتوحا أمام الدراسات الرصينة والأبحاث العميقة في مجال الاقتصاد والاجتماع تصدر عن المندوبية السامية للتخطيط كل شهرين. أحمد الحليمي لم يكتف بالوقوف عند الاسهامات العملية والأكاديمية لأحمد الكوهن في الانتاج الفكري والأكاديمي، بل لامس الرجل الانسان، والقناعات الفكرية اليسارية والتي كانت شعلة أنارت طريقة اشتغاله، وممارسته وعلاقته بمختلف القضايا والمتغيرات الكبرى للبلاد. وهي حيوية يستطرد المندوب السامي، كانت تبحث لها عن مكان في الساحة رغم هامش الحرية الذي كان ضيقا خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات، ورغم الامكانيات المادية المحدودة في رسم مشروع إعلامي حداثي. أنذاك. المشاركون من أصدقاء الفقيد ، وزملائه في العمل وعبر تدخلاتهم استعرضوا عطاءاته كأستاذ جامعي ورائد من رواد الصحافة المغربية حيث يعد من مؤسس "مجلة الأساس" المعروفة، كما اضطلع في آخر مساره المهني بمهمة رئاسة تحرير المجلة العلمية "دفاتر التخطيط" التي تصدرها المندوبية السامية للتخطيط منذ 2004. وبخصوص الاصدار الأخير، كان الحليمي واضحا في التساؤل عن مستقبلها، ومامدى وعي المؤسسات سواء الخاصة أو العامة منها بأهمية أستمرارها، وهو الأمر الذي دفعه إلى إطلاق نداء من موقعه، لدعمها ماديا، بهدف تطويرها والحرص على استمراريتها. المتدخلون، أجمعوا أن الراحل لازال حاضرا بقوة بسيرته الانسانية والفكرية، واساهماته النظرية . وبقدر ماكان لقاء الجمعة للذكرى والتأبين. بقدر ما فتح نوافذ مشرعة لقلق وتساؤلات، وآمال عريضة في النهوض بالعمل الصحفي وارتباطه بالانتاج الفكري الرصين في مختلف المجالات المعرفية الانسانية والاسياسية والاقتصادية.