تصنيف دولي يضع المغرب بمراتب متأخرة في مؤشر "الحرية الإنسانية" لسنة 2025            قمة نارية بين نابولي وميلان في كأس السوبر الإيطالية بالعاصمة السعودية    فارس الشايبي: الجزائر تسعى للتتويج بكأس إفريقيا في المغرب    إنريكي بعد هزم فلامينغو: نطمح لكي نواصل هذا الصعود نحو البطولات        خبراء التربية يناقشون في الرباط قضايا الخطاب وعلاقته باللسانيات والعلوم المعرفية    أمريكا توافق على أكبر مبيعات أسلحة لتايوان على الإطلاق بقيمة 11.1 مليار دولار    جلالة الملك يهنئ أمير دولة قطر بالعيد الوطني لبلاده    مجلس النواب.. افتتاح أشغال المنتدى الدولي حول الرياضة    بحضور محمد صلاح.. الفراعنة يصلون أكادير استعداداً لانطلاق المنافسات القارية    غوغل تطور أداة البحث العميق في مساعدها الذكي جيميناي    موجة البرد.. "الداخلية" تتكفل ب665 شخصا بلا مأوى و2790 امرأة حامل و18 ألف مسن    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الموت يفجع أمينوكس في جدته    ميزانية قياسية لكأس العالم 2026: 727 مليون دولار منها 655 مليونا جوائز للمنتخبات        أسعار الفضة تتجاوز 66 دولارا للمرة الأولى فيما يرتفع الذهب ب1 في المائة    جمعية حقوقية بمراكش تطالب بالتحقيق في تدبير النقل الحضري وتشكك في جدوى الحافلات الكهربائية    صحيفة "الغارديان" البريطانية: منظمات حقوقية تتهم المغرب بانتهاكات بحق متظاهري شباب "جيل زد" قٌبيل كأس أمم أفريقيا    حركة "جيل زد" تدعو لاحتجاجات جديدة نهاية الأسبوع استنكارا للتهميش والفواجع التي تشهدها مدن المغرب    تنتشر في 30 دولة.. "الصحة العالمية" تحذر من سلالة جديدة سريعة الانتشار للإنفلونزا    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا        عدول المغرب يصعدون و يطالبون رئيس الحكومة بالسحب الفوري لمشروع القانون    المغرب في المرتبة 62 عالميًا ومن بين الأوائل إفريقيًا في رأس المال الفكري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    مركز موكادور يعلن فهرسة مجلة «ليكسوس» ضمن قاعدة DOAJ الدولية    مركز وطني للدفاع يواجه "الدرونات" في ألمانيا    ترامب يؤكد مواصلة المسار الاقتصادي    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    انهيار منزل يخلف مصابَين بالدار البيضاء    عمر الصحراوي الثوري الوحدوي    أطر الصحة تحتج ببني ملال ضد تدهور الأوضاع وخرق الاتفاقا    التسجيل الأوتوماتيكي في اللوائح الانتخابية ضرورة ديموقراطية    الدار البيضاء.. "متحرش" يهاجم شرطيا وزوجته بالسلاح الأبيض والأخير يرد بالرصاص    عامل إقليم الجديدة ينهي مهام نائبين لرئيس جماعة أزمور    إحداث مصرف مائي سطحي على جنبات الطريق بين أولاد حمدان و الجديدة يهدد السلامة الطرقية.    الحوض المائي اللوكوس .. الأمطار الأخيرة عززت المخزون المائي بالسدود بأكثر من 26 مليون متر مكعب    الرباط تحتضن مهرجان "أقدم قفطان" .. مسار زي مغربي عابر للأجيال    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    ماجد شرقي يفوز بجائزة نوابغ العرب    أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    تمارين في التخلي (1)    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفارقة بالآلاف يتعايشون ويندمجون بحذر وسط مظاهر القبول والرفض
نشر في الأحداث المغربية يوم 03 - 10 - 2013

يعدون بالآلاف ويوجدون بعدد من المدن ولاتخطئهم العين. مهاجرون أفارقة من جنوب الصحراء، منهم السريون والشرعيون .. طلبة ثم عمال بالأوراش وفي المقاولات. لم يمنع حضورهم القوي في الآونة الأخيرة من تزايد ممارسات التمييز والسلوكات العنصرية في حقهم .. ممارسات وأوضاع دفعت مؤسسات رسمية، ومنظمات غير حكومية إلى إعادة طرح أسئلة حقوق هذه الفئة، وغياب قوانين لحمايتهم والقبول بهم مع ضرورة محاربة كافة أشكال التمييز في حقهم دون إغفال تعايشهم واندماجهم في المجتمع المغربي.
القطار المكوكي السريع يغادر محطة البيضاء الميناء في اتجاه القنيطرة. الساعة كانت تشير إلى الرابعة تحديدا، درجة الحرارة داخل المقطورات لاتطاق. الركاب الذين صعدوا في آخر لحظة، بحثوا عن مقعد شاغر دون جدوى. في المقطورة الأمامية توقف شاب من المهاجرين الأفارقة من ذوي البشرة السوداء قرب مقعد شبه شاغر، كانت شابة في عقدها الثالث تضع عليه حقيبتها اليدوية. الشابة كانت تضع نظارة شمسية سوداء، وتعبث بمفاتيح هاتفها (الأيفون)، لم تبال بطلب الشاب للجلوس وإزالة الحقيبة. واصل الراكب طلبه لكن بإلحاح هذه المرة « آنستي .. هل تسمحين بإزالة حقيبتك ». أجابته وقد ارتسمت على ملامحها علامات الامتعاض « مشغول .. ». الشاب الذي صدمه الجواب الصادم فضل الوقوف في الممر.. وانتظار قدوم الراكب صاحب المقعد. استمر الوضع على حاله مدة، وصل خلالها القطار إلى محطته الثانية بعين السبع لكن دون أن يظهر الراكب صاحب المعقد الشاغر، حينها شعرت الشابة بالحرج الشديد. لكنها وبدل أن تفسح المجال للشاب للجلوس، قامت بالمناداة على راكبة صعدت للتو من المحطة. الشاب امتلكته نبرة من الغضب، فخاطبها بعصبية « إنها عنصرية، ألست آدميا؟..».. تقدم إلى المقعد فأبعد الحقيبة اليدوية ثم جلس دون أن تفارق نظراته الشابة. هذه الأخيرة.. وأمام نظرات الركاب الآخرين، قامت وعلامات التأفف بادية على وجهها.. دون أن تلتفت إليه.
حوادث عديدة من هذا القبيل، وفي الفضاء العام، تحولت في المدة الأخيرة إلى سلوكات مألوفة، إلى درجة أنها قد تنحو منحا خطيرا، يتجاوز حدود سلوك لفظي إلى استعمال للسلاح، والوصول إلى القتل كالحادث الذي شهدته المحطة الطرقية بتمارة شهر غشت الماضي، حيث تسبب خلاف حول مقعد بإحدى الحافلات إلى مصرع شاب سينغالي ( اسماعيل فاي 31 سنة) بعد تلقيه لطعنة بواسطة سكين من طرف جندي لم يستسغ أن يجلس الشاب في مقعد جوار شقيقته، أو حادث مصرع مهاجر افريقي بأحد أحياء مدينة المحمدية خلال شهر رمضان الأخير، بعد أن تسبب صراخ الطفل المهاجر الذي كان يكتري غرفة بنفس الطابق إلى إثارة نرفزة جاره المغربي بائع السمك والذي لم يتقبل رد فعل الأب، ليقوم بتسديد طعنه قاتلة للمهاجر الذي فارق الحياة ساعات قليلة بعد نقله إلى المستشفى المحلي..
«ممنوع الكراء للأفارقة»
مظاهر أخرى لاتخلو من دلالات، وتحمل في طياتها العديد من علامات الاستفهام حول مدى قانونية الإجراء والأشخاص الذين يقفون وراءه تجاه عدد من الأفارقة الذين يبحثون عن سكن لهم في الإقامات. عبارات تحمل في طياتها سلوكات مرفوضة، ك«ممنوع الكراء للأفارقة» والتي لم تعد سرا أو مجرد نوايا، وبدأت تظهر كملصقات في عدد من العمارات والإقامات السكنية، أصحابها لايترددون في كتابتها بالبنط العريض على يافطات وتعليقها عند مداخل الإقامات، في إشارة إلى ضرورة أن يتقيد الراغبون في كراء شققهم بهذا الشرط الغريب وغير القانوني ومنع هذه الفئة من حقها في السكن. وضع دفع عددا من الأفارقة إلى التعبير عن احتجاجاتهم مباشرة أو في أحسن الأحوال التحايل من خلال الكراء من الباطن من لدن مكتر محلي، أو اللجوء إلى الأحياء الشعبية التي تعرف بانخفاض أثمنة كراء الغرف بها وفي عدم تعرضهم للاستفزازا من هذا النوع.
الرفض والتمييز يطالان سواء القادمين من بلدان جنوب الصحراء الأفارقة منهم عل الخصوص والذين اتخذوا المغرب، كمحطة مؤقتة للاستقرار، قبل التمكن إما بطرق مشروعة أو غير مشروعة إلى معانقة «الحلم » الأوروبي، أو الذين يوجدون بكثرة في المدن الكبرى ، والجامعية على الخصوص. طلبة أفارقة قادمون من بلدان كالسنيغال، والكوت ديفوار والغابون ومالي ونيجيريا..عددهم يصل إلى تسعة آلاف طالب، قاسمهم المشترك البحث عن آفاق دراسية في الجامعات والمعاهد المغربية. منهم من اختار إما السكن في الأحياء الجامعية أو بالحي الجامعي الدولي، أو بالأحياء السكنية، في البحث عن كراء شقق بشكل جماعي. لكن معظمهم، يواجه بصعوبة العثور على شقق نتيجة امتناع مالكيها من تأجيرها لهم. «ناكيم» الطالب الكاميروني الذي يتابع دراسته بإحدى المدارس العليا للتدبير بالبيضاء اعتاد منذ حلوله بالمغرب على هذه السلوكات، بل تجرع مرارتها في مناسبات عديدة « أصعب مايمكن أن يواجهه المهاجر هنا، ليس فقط الغموض المتعلق بالحقوق المادية أو التسوية القانونية، بل هي مظاهر التمييز بدون سبب محدد والتي يصعب التحكم فيها، وكذا التحقير المجاني التي يواجهها في الشارع العام، وبين السكان أنفسهم». «ناكيم» كانت مفاجأته كبيرة وهو «يطرد» في إحدى الليالي رفقة مجموعة من رفاقه من الشقة التي كان يكتريها بأحد التجمعات السكنية بالحي الحسني. « لم تشفع لنا توسلاتنا. ولا محاولة فهم سبب قيام بعض الجيران بمنعنها من الدخول إلى الشقة، منا من قضى ليلته في العراء، والبعض الآخر اضطر إلى انتظار الصباح للتمكن من اتخاذ القرار المناسب، أما الشرطة فلم تستجب لنداءاتنا عبر الهاتف رغم استنجادنا بها».
صور المعاناة اليومية مع الممارسات العنصرية تقدمها كذلك قصة « المندمجون » مهنيا كمهاجرة من السينغال تدعى « بنتي»، تعمل في المجال الصحفي بجريدة باللغة الفرنسية، فبعد أن أنهت مسارها الدراسي هنا بالمغرب وبالتحديد بمدينة الرباط، وبدل أن تقرر العودة إلى بلدها الأصلي، وتحديدا في مدينة دكار، قررت الاستقرار والعمل هنا، فاختارت أن تستقر بالعاصمة الإدارية. في حديثها عن صعوبات العيش بين المغاربة، كانت جد محترزة في سرد يومياتها الموشومة بسلوكات ونعوتات صارت وبحكم تكرارها في الفضاءات العامة، عبارات من قبيل «عزية» أو « الزيتونة» أو «نيكرو » عبارات جارحة تخدش مسامعها وهي في الشارع العام، وسط المدينة أو في الأحياء الشعبية، وتدفعها إلى طرح تساؤلات حول الدوافع المبطنة، وكذا البحث عن تفسير مقنع يجعل أصحابها، يمعنون في إطلاقها دون تفكير مسبق لعواقبها على نفسية الآخر ودون الشعور بأن سلوكات من هذا النوع كافية لإثارة ردرد فعل عدوانية « في أحيان كثيرة أشعر ورغم صداقاتي الجميلة بزملاء المهنة أنني وحيدة، وفكرة العودة إلى السنغال تروادني جديا، رغم أنني لم أندم على إتمام دراستي العليا هنا في المغرب ». «بنتي» ختمت تصريحها بالقول «اختياري للمغرب كان نابعا من كون هذا البلد مسلما، وجارا حقيقيا لبلدي السينغال.. لكن.. ».
التعايش الحذر..
مقابل التمييز وشيوع جملة من السلوكات المرفوضة تجاه هذه الفئة من المهاجرين بالمغرب، تقدم صور التعايش والاندماج مع الحياة اليومية والمهنية في الفضاء العام صورة استثنائية، فبوسط البيضاء المهاجرون من جنوب الصحراء لاتخطءهم العين، يتخذون من فضاءات محددة مكانا للقاءاتهم وتجمعاتهم، بمقهى «دون كيشوط» بشارع الجيش الملكي أو خلف بازارات المدينة القديمة، وبشارع محمد الخامس وسط البيضاء أو بأشهر حي تجاري بالبيضاء بدرب عمر، تصادفهم وهم يعرضون منتوجات تقليدية (أثواب ومواد تجميلية.. أو آخر صيحات الهواتف المزورة)، هذا المشهد لايختلف كثيرا عن ساحات أخرى تعرف كأمكنة للقاءاتهم. «هنا يصبح الانتماء الإفريقي عنوانا لانتماء جماعي، تسقط معه الجنسيات والحدود « يعلق (أوسمانوا) من السينغال، فوراء أسوار المدينة القديمة، يؤثث المهاجرون الأرصفة رفقة «الفراشة» المحليين، يخضعون لقانون العرض والطلب، ولايترددون في الإعلان عن سلعهم أو خدماتهم بصوت مرتفع. « في هذا الفضاء الجميع له الحق في ممارسة نشاطه التجاري دون مشاكل .. » يعلق عبد الرحمان أحد الباعة بالفضاء المذكور، قبل أن يتابع بالقول « يمكنك أن تلاحظ ذلك، بالسوق النموذجي في اتجاه شارع أنفا، فنسبة 80 بالمائة من الدكاكين أصبحت مكتراة من لدن أفارقة من مختلف الدول». هناك يمكن أن تعاين منتوجات محلية إفريقية بامتياز ( حلي، وألبسة، ومواد تجميل بل حتى المواد الغذائية ..) تباع للعموم، وتعرف إقبالا ليس من طرف الأفارقة أنفسهم، بل من لدن المغاربة كذلك « علاش كنشريو من عند الشينوا من درب عمر، وما نشريوش من عند الأفارقة، المسألة عادية بحال بحال » يعلق أحد الزبناء تعود على اقتناء أعشاب طبية من متجر لمواطن نيجيري هنا منذ مدة.
مظاهر التعايش وإن بدت محتشمة ومحدودة في الزمان والمكان إلا أنها تقدم صورة غير تلك المطبوعة بالتصادم أو التمييز، إلى درجة أن النزول للعب مباراة في كرة القدم في أحد الملاعب العشوائية بالقرب من حي النهضة ورياض السلام بالمحمدية، يعتبر ترجمة ملموسة لاندماج هادئ عنوانه الرياضة، وقيمته الإنسانية التنافس الشريف دون أفكار عنصرية مسبقة.
الأحياء المذكورة تضم أكبر عدد من المهاجرين الأفارقة. هنا يسكنون، ويتعايشون بشكل ودي مع القاطنين. منهم من اختار السكن بشكل جماعي في غرف بأثمنة متفاوتة ،أو كراء شقة، واقتسامها مع عدد آخر من الأفارقة. « منهم من يمارس أعمالا يدوية شاقة ومتقطعة، دون مشاكل مع مغاربة، أو يمتهن التجارة..» يعلق أحد سكان الحي والذي لايخفي أن محاولات اندماج هؤلاء تبدأ من أبسط بائع للمواد الغذائية إلى الحلاق أو الخضار إلى مشاركة المسلمين منهم الصلاة في المسجد ».
قانون لتجريم العنصرية
أمام الفراغ القانوني وتزايد السلوكات العنصرية تجاه المهاجرين الأفارقة وذوي البشرة السمراء بالمغرب والتي توقف عندها مؤخرا تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول الأجانب وحقوق الإنسان ، ممارسات تترجم بمضايقات وأوصاف، واستثناءات، وشتائم علنية في الفضاءات العمومية، بل أحيانا يصل الأمر إلى اعتداءات جسدية تسجل يوميا في حق هذه الفئة من المهاجرين سواء القانونيون منهم أم السريون في ظل اتساع الظاهرة وتزايد انتقادات المجتمع المدني ( منظمة أطباء بلا حدود، الجمعية والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والفاعلون الحقوقيون والسياسيون. الظاهرة حتمت ضرورة التحرك لسد هذا الفراغ، ردود الفعل سواء الحقوقية أو السياسية بدأت منذ فترة غير قصيرة في هذا الإطار لإعداد مشروع وآلية قانونية بشأن حماية معاملة هذه الفئة من المهاجرين غير القانونيين خاصة في ظل الاختلالات والممارسة الإدارية المسجلة في هذا الجانب. المشروع قدمه فريق الأصالة والمعاصرة إلى البرلمانيين في الغرفة الأولى منذ مدة وينتظر الدراسة. دوافعه ومضامين نصوصه واضحة. فهو يستهدف في المرحلة الأولى المهاجرين الأفارقة من البشرة السوداء. المشروع شدد بخصوص هذا الجانب على ضرورة محاربة كل أشكال التمييز دون استثناء ومن بينها تلك الممارسات العنصرية في حق ذوي البشرة السوداء سواء كانوا مغاربة أو من دول إفريقية. مقترح القانون يرمي كذلك إلى تطوير الآليات التشريعية الزجرية لمعالجة مظاهر التمييز القائمة أو المستجدة في المجتمع . مظاهر وصفها المشروع الذي توج تقارير منظمات غير حكومية بكونها مرشحة للتضخم كالتمييز بسبب اللون . المقترح يرمي إلى نسخ أو تعديل مواد بشأن التمييز ضد الأشخاص بالقانون الجنائي، بهدف الاستجابة لملاحظات اللجنة التابعة للأمم المتحدة بجنيف، المستندة إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ولملاءمة التشريع المغربي مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، "خاصة تلك المتعلقة بتعريف التمييز ليكون جامعا، وبصور وحالات التمييز العنصري الشائعة". الفريق البرلماني اقترح في المشروع، بإنزال عقوبات حبسية تصل مدتها ما بين ثلاثة أشهر، إلى سنتين، أو بالحكم بغرامة مالية تصل مابين عشرة آلاف درهم و مائة ألف درهم في حق مرتكبي الأفعال العنصرية تجاه هذه الفئة.
مؤطر ..
من توصيات تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول الأجانب وحقوق الإنسان الذي حمل عنوان « من أجل سياسة جديدة في مجال اللجوء والهجرة »، الصادر مؤخرا واعتبارا إلى كون المغرب سيستمر في استقبال مجموعة من الهاجرين .. فإن المجلس ذكر بقوة أن هؤلاء الأجانب مشمولون بمجموع الضمانات الدستورية المناهضة للتمييز، حيث دعا الحكومة إلى ضمان حقوقهم الاجتماعية والنقابية والحقوقية، كما دعا البرلمان بالإسراع بالنظر في مقترحات قوانين قدمتها فرق برلمانية بخصوص مناهضة التمييز ومكافهة الاتجار بالأشخاص. وحث المجلس وسائل الإعلام إلى الامتناع عن نشر أي خطاب يحث على عدم التسامح والعنف وكراهية الأجانب والعنصرية ومعاداة السامية والتمييز إزاء الأجانب ثم محاربة الصورة النمطية والخطابات السلبية حول الهجرة، و المساهمة بشكل فعال في تحسيس الساكنة حول العنصرية وكراهية الأجانب دون إغفال تنفيذ برامج خاصة بالتوعية والتكوين حول عدم التمييز خاصة بالنسبة للمقاولات المتعاملة مع الأجانب.
محمد عارف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.