النفط يقفز لأعلى مستوى في 5 أشهر بعد الهجمات الأمريكية على إيران    العدالة والتنمية يدين الهجوم الأمريكي على إيران    حامي عرين الهلال ياسين بونو يواصل تألقه ويتوج بجائزة الأفضل أمام سالزبورغ    إصابة 19 عاملا في حادثة سير بإقليم اشتوكة آيت باها    حجيرة ل"اليوم 24": علاقتنا التجارية مع تركيا استراتيجية وسنناقش معهم هذا الأسبوع اتفاقية التبادل الحر    إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالشجاعة" لمعاقبة إسرائيل    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    الذهب يصعد مع إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة بفعل التوتر في الشرق الأوسط    تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران وطهران تتوعد بتوجيه ضربات لأمريكا    مقتل ‬ضباط ‬جزائريين ‬بطهران ‬    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض        الناخب الوطني النسوي يعقد ندوة صحفية بعد غد الثلاثاء بسلا    المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬خريطة ‬الأمن ‬الغذائي ‬في ‬أوروبا ‬بمنتجاته ‬الفلاحية ‬    أمطار رعدية مرتقبة بالريف وحرارة قد تصل إلى 38 درجة            فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتيفلت يوجه رسالة مفتوحة إلى وزير الصحة احتجاجاً على تردي الخدمات الطبية        ألونسو: من الأفضل أن تستقبل هدفًا على أن تخوض المباراة بلاعب أقل    "الفيفا" يفتح تحقيقًا بعد تعرض لاعب باتشوكا روديغير لإهانة عنصرية من طرف الأرجنيتي كابرال    الدورة51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي تبرز جهود الملك محمد السادس لفائدة القارة الإفريقية    احتجاج عمالي أمام المحكمة التجارية بالدار البيضاء رفضًا "لاغتيال سامير" وتجاهل مصير عمالها    إيران تتوعد واشنطن "بعواقب وخيمة" وتستهدف إسرائيل برشقة صاروخية جديدة    المغرب يحقق قفزة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة سنة 2024 وسط انتعاش إفريقي غير مسبوق    معنى ‬أن ‬تصبح ‬العيون ‬نقطة ‬وصل ‬بين ‬شمال ‬أفريقيا ‬وعمقها ‬الجنوبي    الكركرات.. توقيف شاحنة محملة بالكوكايين القادم من الجنوب    كيوسك الإثنين | تسجيل 111 حريقا غابويا أتى على 130 هكتارا من يناير إلى يونيو    وثيقة مزورة تعكس انزعاج الجزائر من نجاحات المغرب    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    نزيف إسرائيل الداخلي.. تزايد الهجرة الجماعية لمواطنيها مند 2023    طنجة.. تتويج فريق District Terrien B بلقب الدوري الدولي "طنجة الكبرى للميني باسكيط"    الأستاذ عبد الرحيم الساوي يغادر المسؤولية من الباب الكبير.. نموذج في الاستقامة والانتصار لروح القانون    منحرفون يفرضون إتاوات على بائعي السمك برحبة الجديدة وسط استياء المهنيين    إيران تبدأ هجوماً صاروخياً جديداً على إسرائيل    إيران تتحدى الضربات الأمريكية: مخزون اليورانيوم والإرادة السياسية ما زالا في مأمن    بركان تواجه آسفي في نهائي الكأس    منظمة التعاون الإسلامي تسلط الضوء على جهود الملك محمد السادس لفائدة القارة الإفريقية    الأبواق الجزائرية تطلق كذبة جديدة    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    مهرجان مشرع بلقصيري الوطني 16 للقصة القصيرة (دورة أبو يوسف طه)    الكلام عن الشعر بالشعر مقاربة لديوان « في معنى أن تصرخ» لفاطمة فركال    جائزتان لفيلم «سامية» في مهرجان الداخلة السينمائي بالمغرب    بنكيران يعلن دعمه لإيران ضد إسرائيل: "هذا موقف لوجه الله"    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    مهرجان كناوة بالصويرة يختتم دورته ال26 بعروض عالمية    موجة حر تمتد إلى الأربعاء القادم بعدد من مناطق المملكة    الفوتوغرافيا المغربية تقتحم ملتقيات آرل    "ها وليدي" تقود جايلان إلى الصدارة    عضة كلب شرس ترسل فتاة في مقتبل العمر إلى قسم المستعجلات بالعرائش وسط غياب مقلق لمصل السعار    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تركالت إلى تومبكتو.. رحلة القوافل والقوافي


* «من هنا هاجمنا مرتزقة البوليزاريو»
«اِحذر.. منطقة عسكرية..!»... مرقوشة بخط أبيض واضح على لوحة سوداء فوق كثيب رملي. قبل الاقتراب من الخط الحدودي الوهمي مالت “الكات كات” يسارا وهي تحدث أزيزا ممطوطا، ثم خاضت في عمق الصحراء. كانت آخر النخلات في ذيل الواحة تقاوم مد الرمال بجسارة وعناد. ومحاميد الغزلان تتخلف وراء ثلاث سيارات رباعية الدفع تزحف جهة الحدود الشرقية التي لم يعد يفصلها عنها سوى 20 كلم. صمت وصهد والرمال تتحرك مرتفعة عن الأرض بقامة نخلة متوسطة وتغزو الفضاء كأنها كائن شبحي أصفر آت من مجرة أخرى. لا حياة تلوح على مد البصر. كثبان تعلو وتنخفض، وسراب يتلألأ في الأفق. وعند إحدى الانعطافات المفاجئة لاح لوح أسود آخر كتب عليه «مركز تحنينشت». وفي معمعان الصمت والترقب تمتد ذراع حليم جهة اليمين وصوته يهتف «من هنا هاجمتنا العصابة ديال البوليزاريو عام 80».
كان حليم يرتق نسيج القصة التي بدأ حكيها عند الوادي حيث ربض المرتزقة. كل مكان يمر عليه يذكره بالهجوم. مدرسة قصر محاميد الغزلان. بيت العرس الذي حاولوا اقتحامه باولاد عريب بحثا عما يسدون به جوعهم. المنافذ المفضية إلى قلب الواحة حيث الناس تعيش في دعة وسلام متآلفة مع حياتها المتقشفة. ويطفر سؤال : «شحال كانوا»؟ حوالي 80 مدرعة. قيل وقتها أنهم كانوا يقصدون معتقل أكدز لتحرير أسراهم. غير أن أبناء المنطقة تصدوا لهم ببطولة لم يزل صداها يتردد في الحكايا المثارة كلما طفت ذكرى الهجوم على سطح الحياة هناك. شيوخ من متقاعدي الجيش وشبان لا يملكون سوى عضلاتهم وعزائمهم ورجال لا يجيدون غير الفلاحة ردوهم على أعقابهم ووشموا ذاكرة المنطقة بملحمة تتحدى النسيان.
* خيمة في قلب الصحراء
اللوحة المشيرة إلى مركز تحنينشت العسكري كانت إيذانا بالدنو من المخيم. ومن بعيد بدت الخيام السود كأنها ظهور جواميس ترعى في الخلاء. المكان منتقى بعناية تجعل المخيم في مأمن من تقلبات الصحراء ومزاجها المتبدل باستمرار. في جانب منه “لاند روفر” ثبّتت عليها ألواح لتوليد الطاقة الشمسية. وفي الظل الرطيب لكثيب رملي ترقد “بدونات” ضخمة بها أعز ما يطلب في البيداء : الماء. أما الجو الساخن داخل “الكات كات” فسرعان ما سيتحول في الخارج إلى معاناة حقيقية مع الريح وما تنثره على الأجساد من رمل يغزو العيون والآذان ويستقر تحت الملابس. بيد أن المشهد الصحراوي الممتد إلى ما لانهاية يسحر العين ويخلب الوجدان.
كان المخيم على شكل دائرة من الخيام تتوسطها ساحة فسيحة. مدخل مسقوف بجريد النخل. ثم خيمة الضيافة الوسيعة تتنعم في هدوء وبرودة لا صلة لها بصهد الخارج. في الجهة المقابلة للباب جلست ثلاث نساء أجنبيات. حليم، الذي تذكرك ملامحه وعيناه ببطل رواية “طوارق” للإسباني فيكيروا، قدمهن كرئيسات لجمعيات دولية أتين من بلاد الأراضي المنخفضة ليدعمن مهرجانه السنوي الموسوم ب”تركالت” ويساعدن الساكنة على حماية مجالها البيئي. وقبل بسط نبذة عن الملتقى ودوراته السابقة بالصوت والصورة كانت كؤوس الشاي الصحراوي تدور على الضيوف. والمشهد الصحراوي نفسه يترامى للعين من النافذة لوحة فنية بديعة تحرك الخيال.
* تركالت.. أول محطة للقوافل القادمة من تومبكتو
“تركالت” هو الإسم القديم لمحاميد الغزلان. هذه أول محطة/واحة كانت تستقبل القوافل الآتية من تومبكتو بعد سفر أيام وأيام في مفاوز البيداء. تركالت : بارقة أمل في سراب الصحراء. الإسم ارتبط أيضا ب”موسم” سنوي قديم يحتفل فيه أبناء المنطقة بجني التمور. رقص وغناء وشعر حساني يصدح في الليالي المقمرة ويشدو بالحب والخصب في بيئة ينشب مخلبه في تربتها الجفاف. لكنها، إنسان وحيوان ونخل، تتحدى وحش الطبيعة الكاسر. وتتغنى بالحياة.
في اللوحة المضاءة ب”البروجيكتور” حيث يُعرض شريط عن الدورات السابقة من المهرجان كانت الحياة تنبعث من وجوه الساكنة نشوانة بالأصوات الغنائية البديعة القادمة من مالي وموريتانيا والجزائر والنيجر والجنوب الشرقي للمغرب. هذه خاصة المهرجان يشرح حليم السباعي رئيس “تركالت”. اختيار الضيوف من هذه الدول نابع من اشتراكها في العادات والثقافة والأنساب. وهي تشكل دائرة واحدة في هذا النطاق الصحراوي المتجذر في التاريخ.
غير أن اللافت في الشريط افتتاحه بصور نادرة للسلطان محمد الخامس في زيارته التاريخية لمحاميد الغزلان عام 1958 واعتباره إياها “بابا للصحراء”. كان الملك بلباسه التقليدي (الجلباب والطربوش الوطني) يجلس إلى كوكبة من النساء وعلى وجهه ابتسامة حانية. هنا يقف رئيس المهرجان عند الصورة لإضاءتها من الداخل. يقول ولمعة ضوء تومض في عينيه «المرأة مقدسة عندنا. لذلك لا تظهر أمام أي رجل من الأغراب. لكن السلطان محمد الخامس كانت له روح الأب. وكان طبيعيا أن تجلس النساء بين يديه كبناته». طيلة المكوث في المخيم لم يظهر أثر لامرأة سوى الهولنديات الثلاث.
* “المعلم” غينيا نجم الدورة الثالثة من تركالت
ميزة الدورة الثالثة من “تركالت” احتفاؤه بأعمق أصوات كناوة في المغرب : محمود غينيا. الدورة الممتدة من 11 إلى 13 نونبر الحالي ستزهر بأصوات أخرى طالعة من قلب الصحراء. الفنانة التومبكتية خيرة العربي. المغني المالي المسكون بالبلوز تادالات. الفرنسي المأخوذ بموسيقى الجنوب نيكو واين توسان. عازف الجاز جان ووتر أوستينريجك. اولاد شطة من طاطا. مجموعة الخاملية من مرزوكة. ابراهيم لكراب من محاميد الغزلان. جيل رحل تركالت... الملتقى تتويج لعمل سنة كاملة لجمعية “زايلة” (الرحل) التي تسهر على تنظيم تركالت والحفاظ على البيئة وتنمية المنطقة سياحيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.