قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    20 قتيلا قرب مركز مساعدات في غزة    مقتل مهاجر مغربي طعنًا في اسبانيا    من وجدة إلى بريتوريا.. المغرب يستعيد ذاكرة التحرر الإفريقي: زوما يدعم مغربية الصحراء ويستحضر احتضان الرباط لمانديلا    بورصة الدار البيضاء تبدأ التداولات بالارتفاع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    نقاش مفتوح حول إشكالية نزع الملكية والاعتداء المادي: محكمة الاستئناف الإدارية تسعى لصون الحقوق وتحقيق التوازن.    إسبانيا.. قادة الجالية المغربية في توري باتشيكو يدعون للتهدئة بعد اشتباكات مع اليمين المتطرف    باريس سان جيرمان يضم الموهبة المغربية محمد الأمين الإدريسي    شراكات إقليمية قوية ورابحة تدعم التنمية المشتركة إقليميا وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي والدولي    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | معالجة نصف مليون طلب تأشيرة إلكترونية خلال ثلاث سنوات    تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    ارتفاع أسعار النفط وسط مؤشرات على زيادة الطلب العالمي    لقجع: المداخيل الجبائية ترتفع ب25,1 مليار درهم حتى متم يونيو 2025    تقرير: المغرب بين أكبر 3 مصدّري الفواكه بإفريقيا.. ويحافظ على حصته في السوق الأوروبية حتى 2034    فضيحة دولية تهز الجزائر: البرلمان الأوروبي يحقق في "اختطاف" للمعارض أمير دي زاد    أزيد من 4 ملايين أسرة استفادت من التأمين الإجباري عن المرض وما يقرب منها استفادت من الدعم المباشر    زوما يصفع من الرباط النظام الجزائري: ندعم مغربية الصحراء ونرفض تقسيم إفريقيا تحت شعارات انفصالية    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين تنتقد الحصيلة الاقتصادية للحكومة وتدعو إلى إصلاحات جذرية    مشروع ضخم لتحلية المياه يربط الجرف الأصفر بخريبكة لضمان استدامة النشاط الفوسفاطي    تعاون جوي مغربي-فرنسي: اختتام تمرين مشترك يجسد التفاهم العملياتي بين القوات الجوية    قراءة في التحول الجذري لموقف حزب "رمح الأمة" الجنوب إفريقي من قضية الصحراء المغربية    تعاون صحي متجدد بين المغرب والصين: لقاء رفيع المستوى يجمع وزير الصحة المغربي بعمدة شنغهاي    الدفاع الجديدي يرفع شعار التشبيب والعطاء والإهتمام بلاعبي الأكاديمية في الموسم الجديد …    لقاء تنسيقي بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة استعداداً للدخول المدرسي 2025-2026 واستعراضاً لحصيلة الموسم الحالي    طنجة ضمن المناطق المهددة بحرائق الغابات.. وكالة المياه والغابات تدعو للحذر وتصدر خرائط تنبؤية    ميناء أصيلة يسجل تراجعاً في مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي خلال النصف الأول من 2025    مطار طنجة: إحباط محاولة تهريب أزيد من 32 كيلوغرام من الحشيش داخل حقائب سفر            إشادة فلسطينية بدور جلالة الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية    "أكسيوس": أمريكا طلبت من إسرائيل التوقف عن مهاجمة القوات السورية    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    الاتحاد صوت الدولة الاجتماعية    "طقوس الحظ" إصدار جديد للكاتب رشيد الصويلحي"    "الشرفة الأطلسية: ذاكرة مدينة تُباد باسم التنمية": فقدان شبه تام لهوية المكان وروحه الجمالية    مورسيا تحقق في "جرائم الكراهية"    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    لامين جمال يثير تفاعلاً واسعاً بسبب استعانته ب"فنانين قصار القامة" في حفل عيد ميلاده    حكيمي يختتم الموسم بتدوينة مؤثرة    المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي        الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الْعَدَالَةُ وَالتّنْمِيَة وَاخْتِبَارُ صَنَادِيقِ التّقَاعُد
نشر في أخبارنا يوم 30 - 12 - 2015

على بعد أقل من سنة على نهاية ولاية الحكومة الائتلافية التي يقودها حزب العدالة والتنمية بزعامة السيد ابن كيران، فقد وجدت الحكومة نفسها أمام ملفات ومطبّات صعبة على مستوى التدبير وليس أكثرها وأهمها صندوق المقاصة وما يكتسيه من أهمية استراتيجية على مستوى التوازنات الماكرو اقتصادية أو دعم وحماية القدرة الشرائية للفئات الهشة والمعوزة.
وإن جاز لنا القول بأن اختبار التدبير الحكومي لملف صندوق المقاصة ولاسيما تحرير أسعار المحروقات قد تم اجتيازه بنجاح نسبي مستفيدا بذلك من انخفاض كبير في أسعار المحروقات في الأسواق الدولية بفعل وفرة المعروض و انكماش الطلب، وهو الملف الذي لطالما أرقّ حكومات متعاقبة وارتأت تأجيله وعدم الخوض فيه بالنظر لحساسيته و تعقيداته، لكنتجد التجربة الحكومية الحالية نفسها أمام اختبار لا يقل صعوبة وتعقيدا عن سابقه، إذ يتعلق الأمر هذه المرة بملف صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس بغض النظر عن حيثيات و أسباب ذلك سواء بفعل سوء التدبير أو اختلالات بنيوية أخرى، في غضون أقل من ست سنوات من الآن كما أقر بذلك تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و رئيس الحكومة و غيرها من التقارير والدراسات التقنية ذات الصلة.
فنحن إذن أمام حتمية الإصلاح مع ضرورة الاستعداد لدفع ثمنه والامتثال لمتطلباته! ،،حفاظا على استمرارية نظام التقاعد,,,, لكن يحق لنا التساؤل عمّن سيدفع الثمن... هل هم فقط النصف مليون موظف الذين تحدث عنهم السيد ابن كيران في معرض حديثه عمّا اعتبره"وصفة الدواء المُرّ" حول إصلاح صناديق التقاعد أمام البرلمان يوم الثلاثاء23 دجنبر الماضي2015 والذي سيتجرعونه وهم في غالبيتهم من الطبقات الاجتماعية الهشة والذين سيجدون أنفسهم رغمًا عنهم أمام اقتطاعات تتراوح بين 500 درهم و1500 درهم وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات على القدرة الشرائية والسلم الاجتماعي بالنظر إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسيةبالإضافة إلى تمديد سنوات الخدمة إلى 63 سنة...
أمام السجال الحالي والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهله أو تبني الصمت المطبق عنه حول معاشات البرلمانيين والوزراء والتعويضات الكبيرة التي يتقاضونها في ظل الظرفية الاقتصادية الراهنة، والتي بدأت تُسيل الكثير من المداد سواء عبر المنابر الإعلامية الوطنية أو الدولية، المقروءة منها و المرئية، مقابل واجباتهم الوطنية التي تعهدوا بها أمام ناخبيهم، ربما كان من الأولى للسيد ابن كيران أن يضع خطة متكاملة لإصلاح منظومة الأجور برمتها في الوظيفة العمومية و كافة أسلاك الدولةوالتي تعرف اختلالات هيكلية و فوارق كبيرةبين أدنى الأجور وأعلاها وبين قطاع حكومي وآخر وبين درجة و أخرى ،بالإضافة إلى علامات الاستفهام العديدة عن الجدوى و المردودية المبتغاة منها على المجتمع و الصالح العام في ظل الحديث عن مفهوم "الحكامة الجيدة" و"محاربة اقتصاد الريع".
ربما كان من باب الضروري، تبني حزمة من الإصلاحات والتدابير الهادفة إلى حماية القدرة الشرائية لصغار الموظفين و الطبقات المتوسطة ،والحفاظ على مقومات السلم الاجتماعي بالتزامن مع إطلاق خطة الإصلاح الحتمية و الضرورية، كما أنه يبدو من الضروري كذلكالتحلي بروح المواطنة و انخراط جميع الفاعلين السياسيين في ورشة الإصلاح الاستراتيجية بما في ذلك الوزراء و البرلمانيين، لأنهم ليسوا أقل وطنية وحرصا على المصلحة العليا للوطن والتوازنات الماكرو اقتصادية واستمرارية صناديق التقاعد من صغار الموظفين و الطبقات المتوسطة على ما يبدو، إسوة برئيس الوزراء البريطاني David Cameronالذي قام بتجميد راتبه و رواتب وزراءه كمساهمة منهم في تأدية الدين العام و تقليص عجز الموازنة، أو حكومة Alexis Tsipras في اليونان أو حكومة الأردن.
وحدها تدابير مماثلة لحكومات دول عريقة في الديمقراطية، سواء أكانتأحادية الجانب أو بالتوافق مع أحزاب المعارضة التي التزمت بدورها الصمت المطبق و المريب ولم تنبس ببنت شفةعمّا يُطلق عليه في فضاءات العالم الافتراضي و الأروقة الإعلامية "بامتيازات الريع"،ولم تقدم لحدود الساعة و لو مشروعا واحدا أمام البرلمان يقضي بتقليص أو حذف تلك الامتيازات و الانسياق وراء تلك المطالب، التي تبدو في نظر الكثير من المتتبعين ظاهرة صحية في مجتمع يطمح إلى تبوء مكانته بين الديمقراطيات الناشئة وترسيخ مساره الديمقراطي وليست ضربا من "الشعبوية" أو" نقاشات عديمة الجدوى" كما يتبادر إلى ذهن البعض.
إذن فتلك التدابير التي تكتسي في عمومها بُعدا رمزيا ستكون كفيلة بدون شك بامتصاص الغضب والاحتقان الذي قد ينجم عن خطة الإصلاح التي تعهد بإطلاقها رئيس الحكومة عمّا قريب، والتي ستمس العديد من الموظفين في قوتهم ومعيشهم اليومي،كما قد تحافظ على الحد الأدنى من مستوى الثقة بين الفاعلين السياسيين وعموم المواطنين مُساهِمة بذلك في تجسيد الثقة في الوثيقة الدستورية لسنة 2011 و التي تنص في ديباجتها على مبادئ أساسية كالمساواة بين المغاربة و الحكامة الجيدة و الشفافية والعدالة الاجتماعية، في أفق الاستعداد للاستحقاقات البرلمانية المقبلة، كما قد تنقذ على الأرجح حزب العدالة و التنمية من السقوط في مهاوي الأحزاب اليسارية التي ابتعدت كثيرا عن أدبيات وفلسفة اليسار ومرجعياته الفكرية الرامية إلى الدفاع عن مصالح و هموم الطبقاتالاجتماعية المسحوقة، ووسعت من الهوة بين قيادييها وتلك الطبقات، و أصبحت أكثر ليبرالية من الليبراليين بفعل قيادتهالعمليات خوصصة واسعة النطاق و تفويت لأهم المرافق الإنتاجية بالبلاد، كما فقدت الكثير من شعبيتها و رصيدها النضالي و إرثها التاريخي بمجرد تقلدها لمسؤولية التدبير الحكومي، وجسدت بذلك الممارسة السياسية الميكيافيلية بأبهى تجلياتها، وهو ما أضر كثيرا بصورتها ومصداقيتهالدى عموم المغاربة.
العدالة والتنمية إذن، ومن وراءها التجربة الحكومية بعد ما عُرف بالربيع العربي و ما أطلق عليه بالاستثناء المغربي، تجد نفسها الآن في مفترق طرق وأمام تحدٍّ كبير فرضته الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والسياسيةالراهنة، فهل سينجح الحزب في تدبيرالمرحلة بذكاء وحنكة سياسية منسجما بذلك مع مبادئه وشعاراته، ومستفيدا من التجارب القاسية لسابقيه، وينساق وراء مطالب شبيبته وفئات واسعة من المواطنين، ويجتاز بذلك اختبار صناديق التقاعد بنجاح، أم أنه سيمارس سياسة غض الطرف والآذان الصّمّاء إلى أن تخفت الأصوات المطالبة بمحاربة "الريع" وتعميم المساهمة في تكاليف الإصلاححفاظا على توازنات ومصالح معينة؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.