أكد رئيس الحكومة السيد عبد الإله ابن كيران، في مذكرة توجيهية للقطاعات الحكومية المعنية، بخصوص قانون المالية لسنة 2017، أنه يتوجب إيلاء عناية خاصة لتأهيل الرأسمال البشري وجعله محورا لكل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأوضح السيد ابن كيران أنه يأتي على رأس الأوليات إصلاح التعليم وتمكين المدرسة المغربية من الإضطلاع بوظائفها في التنشئة الاجتماعية والتربية على القيم الوطنية والكونية، والتكوين والتأطير وتشجيع البحث والابتكار، وتيسير الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للشباب المغربي. وأضاف أنه ينبغي في هذا الإطار العمل على التفعيل السريع والسليم للرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم، وما تضمنته من تدابير عملية تروم إرساء مبادئ الحكامة والإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص، والرفع من نجاعة حكامة المنظومة التربوية ككل، وخاصة الموارد البشرية، وإرساء نموذج بيداغوجي وتكويني قائم على التنوع والانفتاح وتحصين الفرد والمجتمع من نزوعات التطرف والانغلاق، وتمكين التلاميذ والطلبة من اكتساب المعارف والمهارات، وإتقان اللغات الوطنية والأجنبية. وشدد السيد ابن كيران على تقوية آليات الترابط بين التعليم العمومي والتكوين المهني، وإدماج مسالك ممهننة في المسار الدراسي للتلاميذ تساعدهم على الاندماج والتأقلم المبكر مع المهن وعالم المقاولة، وتساهم في تقليص ظاهرة الهدر المدرسي. ووفق نفس منظور تأهيل الرأسمال البشري، تضيف المذكرة، ينبغي تثمين المجهودات المبذولة لإصلاح قطاع الصحة على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات الطبية وتوفير الموارد البشرية والتكفل بالمرضى بالمستعجلات الطبية وتوسيع التغطية الصحية. بالمقابل، ينبغي العمل على تجاوز كل المعيقات التي تحول دون ولوج المواطنين إلى خدمات صحية جيدة، من خلال مواصلة تحسين حكامة القطاع، وإعادة تأهيل التجهيزات الطبية والبيوطبية بالمستشفيات العمومية وصيانتها، وتحسين ظروف استقبال واستشفاء المواطنين، ووضع نظام فعال لتدبير الأدوية وتوزيعها. كما يرتبط تأهيل الرأسمال البشري بتيسير الولوج إلى السكن اللائق وخاصة بالنسبة للفئات ذات الدخل المتوسط والضعيف والفئات العوزة، وهو ما يقتضي من جهة تثمين النتائج المحققة خاصة على مستوى تنويع العرض السكني، وتحسين جودته وتأهيل المدن والقضاء على دور الصفيح، ومن جهة أخرى تقييم أثر البرامج القائمة ووضع أسس تنمية منسجمة ومستدامة للمجال الترابي تحترم المعايير المعتمدة في مجال التعمير والبناء. وأشارت المذكرة إلى أنه ينبغي في نفس الوقت وضع أولوية تشغيل الشباب في صلب السياسات العمومية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، معتبرة أن بلوغ مستوى أعلى من النمو الاقتصادي يجب أن ينعكس بشكل جلي على إحداث فرص الشغل. وأبرزت المذكرة أنه يجب أيضا ربط الاستثمارات العمومية بمردوديتها بالأساس على مستوى التشغيل ودورها كرافعة لاستقطاب استثمارات خاصة تساهم في استيعاب الشباب الوافد على سوق الشغل، لافتة إلى أنه ينبغي استثمار الفرص التي يتيحها الاقتصاد الاجتماعي والتعاونيات، وكذا اقتصاد المعرفة على مستوى التأهيل والتشغيل. إضافة إلى ضرورة دعم دينامية نظام المقاول الذاتي كآلية أساسية لدعم روح المبادرة والمقاولة، وتيسير ولوج الشباب إلى سوق الشغل، باعتباره إطارا مبسطا على مستوى المساطر ومحفزا اجتماعيا وجبائيا. وحسب ذات المذكرة، فإن تأهيل الرأسمال البشري يرتبط أيضا، وبشكل وثيق، بالتصدي لكل مظاهر الفقر والهشاشة والعجز الاجتماعي، وتحسين أوضاع سكان العالم القروي، والمناطق الصعبة والبعيدة، والاحياء الهامشية والعشوائية بضواحي المدن، والتخفيف من معاناتهم وإدماجهم في الدورة الاقتصادية والتنموية. وفي هذا الإطار، أبرز رئيس الحكومة في مذكرته أنه ينبغي تثمين وتوطيد المجهودات المبذولة على مستوى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكذا صندوق التماسك الاجتماعي عبر ضمان استدامة موارده وفعالية تدخلاته، إضافة إلى ضرورة تسخير كل الامكانيات لتفعيل البرنامج الملكي لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي في إطار التنسيق والتكامل مع البرامج القطاعية والمخططات التنموية للجهات. كما اعتبر السيد ابن كيران أنه يتعين توطيد وتكثيف وضمان اندماج البرامج والتدابير الموجهة لتحسين ظروف عيش النساء والأطفال والشباب والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والنهوض بأوضاعهم وإدماجهم في المسيرة التنموية للمغرب. وشددت المذكرة أيضا على اهمية مواصلة المجهودات المبذولة على مستوى تحديث وتيسير الخدمات المقدمة لأفراد الجالية بالخارج، وتحسين التواصل والتعامل معهم، وصيانة حقوقهم، علاوة على تعزيز ارتباطهم بوطنهم ومشاركتهم في مسيرته التنموية.