ميناء الحسيمة .. انخفاض طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري    البنك الدولي: 64% من المغاربة تعرضوا لكوارث طبيعية خلال السنوات الثلاث الماضية    الإبادة مستمرة.. الجيش الاسرائيلي يقتل 26 فلسطينيا في غزة منذ فجر الجمعة    الجنائية الدولية تؤكد القبض على ليبي في ألمانيا لاتهامه بجرائم حرب    المغرب يزداد جفافا.. خبير بيئي يدعو لاستراتيجية تكيف عاجلة    الكونفدرالية تُشدد على حماية مكتسبات المتقاعدين وتُحذر الحكومة من قرارات أحادية في ملف التقاعد    فرحات مهني يُتوَّج في حفل دولي مرموق بباريس    ميتا تخطط لتطوير ذكاء اصطناعي يتجاوز قدرات العقل البشري    "لوفيغارو": المغرب وجهة "مثالية" لقضاء العطلة خلال يوليوز أو غشت    بطولة إيطاليا: انتر يسعى لضم النيجيري لوكمان من أتالانتا    سانشيز: "الهجرة تساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد الإسباني"    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة بالمغرب    مكناس..توقيف شخص يشتبه في تورطه في قضية تتعلق بحيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    احتفاء بالراحل بن عيسى في الإسكندرية بمناسبة اختياره شخصية الدورة العشرين للمعرض الدولي للكتاب    كيوسك الجمعة | موسم عبور استثنائي للجالية المغربية المقيمة بالخارج    البحر يلفظ جثة رجل يرتدي بزة غطس قبالة سواحل سبتة المحتلة    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    جريمة بشعة في تازة.. العثور على طبيبة مقطعة ومدفونة في حديقة والاشتباه في زوجها الطبيب الذي غادر البلاد    سقوط شخص من الطابق الرابع لمنزل سكني بطنجة    اليهود المغاربة يطالبون بإعلان رأس السنة العبرية عطلة رسمية وطنية    "حزب الكتاب" يدافع عن آيت بوكماز    تقرير: الهلال يقنع بونو بتمديد العقد    بعيدا عن قضية الصحراء المغربية .. التعاون يتقوى بين إسبانيا وموريتانيا    تسريب بيانات أفغانية يكشف هويات جواسيس ونخبة من القوات البريطانية    وزير الثقافة يعزي في وفاة الفنانين الأمازيغيين صالح الباشا وبناصر أوخويا    إدانات دولية للهجوم الإسرائيلي على سوريا والشرع: "لسنا ممن يخشى الحرب"    رئيس الفيفا ينعي بأسى وفاة أسطورة الكرة المغربية الراحل أحمد فرس    فيلدا: لبؤات الأطلس عازمات على حسم بطاقة التأهل إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا للجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد    ولد الرشيد يستقبل الرئيس السابق لجنوب إفريقيا وزعيم حزب "أومكونتو وي سيزوي" جاكوب زوما    حصيلة دامية في السويداء: 500 قتيل    محمد رضا يطلق "كشكول شعبي" يحتفي بالتراث بروح عصرية مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الشغف الموسيقي يصدح من كورنيش ابي رقراق    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية    السلطات السويسرية تدعو مواطنيها إلى أخذ الحيطة من الكلاب الضالة في المغرب    وداعا أحمد فرس    مؤسسة وسيط المملكة تلقت أزيد من 13 ألف شكاية وتظلم وطلب تسوية ومبادرة تلقائية خلال سنتي 2022 و2023    تدشين توسعة مصنع «ستيلانتيس» بالقنيطرة    القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن اللبناني جورج عبدالله بعد 40 عاما في السجن    النفط يستعيد توازنه بدعم من انتعاش الاقتصاد الأمريكي    البلاوي: التحديات الوطنية والدولية تتطلب من فضاء النيابة العامة التأهيل على مستوى الممارسة القضائية    الأهلي يتعاقد مع اللاعب المغربي أيوب عمراوي ل 3 مواسم    بيلينغهام يغيب حوالي ثلاثة أشهر عن ريال مدريد بعد جراحة ناجحة في الكتف    موقع "الأول" يتوج بجائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025    بورصة الدار البيضاء تغلق على وقع الارتفاع        الرجاء يحصّن عرينه بخالد أكبيري علوي    تزنيت تحتضن ندوة وطنية حول المجوهرات المغربية: تثمين التراث ومواكبة تحديات التحديث والتسويق الدولي    دراسة تكشف أكبر فجوات الأجور في تسع دول غربية متقدمة    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النّفاق المغربي
نشر في أخبارنا يوم 23 - 05 - 2012

هذه الأيام، يطالب الجميع بسقوط الفساد، وحتى لو تكلم الفساد فإنه سيطالب بسقوط نفسه. إنه مهرجان خاص للحديث عن الفساد، والكل يضرب البندير ويصرخ مطالبا بسقوط الفساد، وهذه أفضل وسيلة لكي لا يسقط الفساد أبدا.
وقبل أسبوع، كانت هناك جلسة صاخبة في البرلمان موضوعها هو الفساد. كل الأحزاب كانت تطالب بسقوط الفساد، بما فيها تلك الأحزاب التي نشأت وترعرت بفضل الفساد، والتي يعتبر زعماؤها من كبار المفسدين.. كانت جلسة برلمانية شعارها هو النفاق، إلى درجة أن إبليس لو كان جالسا هناك لأحس بالخجل وغادر المكان.
من كل مكان في البرلمان، نهض برلمانيون وهم يصرخون في رئيس الحكومة.. يا بنكيران لماذا لم تحارب الفساد؟.. يابنكيران لماذا تأخرت في محاربة الفساد؟ يا بنكيران هل أنت جاد فعلا في محاربة الفساد؟ يا بنكيران إما أن تحارب الفساد أو ترحل..
رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أو عبد الإله المسكين، كما تدل على ذلك تصرفاته الجديدة، كان أكثر وضوحا من الجميع، لأنه اكتشف أخيرا أن الفساد لا يمكن محاربته، وأن الدولة قد تنهار لو انهار الفساد، لذلك ظهر من كلامه أن أفضل شيء يمكن أن يقوم به هو أن يعقد اتفاقية صلح مع الفساد، يعني اتفاقية تشبه التطبيع مع إسرائيل... العْداوة ثابْتة والصّوابْ يْكون.
لكن لماذا صار الجميع ينادي اليوم بمحاربة الفساد؟ هل لأنه اكتشف فجأة أن الفساد موجود؟ أم لأن أوامر جاءته وطلبت منه الانخراط بقوة في تمييع حملة محاربة الفساد؟
ذكّرني مشهد البرلمان المغربي بتمثيلية كوميدية للفنان الفرنسي ديودوني. لقد مثل يوما دور رئيس إفريقي سألته صحافية: لماذا يوجد فساد كثير في بلاده؟ فأجابها بأنه اكتشف قبل يومين فقط أن الفساد موجود فعلا، وأنه سيقضي عليه في صباح الغد.
هذه هي الكوميديا المرّة التي نعيشها هذه الأيام. اكتشف الجميع فجأة، بمن فيه أولئك البرلمانيون الذين وصلوا إلى البرلمان بفضل أموال الحشيش وشراء الأصوات، أن الفساد موجود. لقد سمعوا بأن محاربة الفساد تجري «بإرادة عليا»، فقرروا أن يفعلوا ما يفعلونه عادة، أي التصفيق والهتاف.
مرة، كنت أستمع إلى محاضرة لمحمد الساسي، وهو رجل يشير باستمرار إلى مكمن الداء دون مواربة. قال الرجل عبارة حكيمة حول النفاق المغربي، مضمونها أن الملك لو قرر يوما أن يعتمد النظام الماركسي الشيوعي في المغرب ففي الغد نفسه سنجد الجميع يطبل ويمجد الماركسية والشيوعية. هذه هي مشكلتنا الأساسية، النفاق، لأنه لا شخصية لأحزابنا ولا لسياسيينا، وليست لنا ثقافة الاختلاف، وفقدنا الجرأة وصرنا أمة تنساق مع القدر عوض أن تصنعه.
نحن نقول اليوم إننا نريد محاربة الفساد، لكننا نسينا أن مشكلتنا الأساسية في هذه البلاد هي النفاق، وبعد ذلك يأتي الفساد، ولولا هذا النفاق الغرائبي الذي نغرق فيه لما وصلنا إلى كل هذه الحالة الكارثية من الفساد، إلى درجة أصبحنا نخاف معها من أن تنهار البلاد كلها لو انهار الفساد، لأنه صار مختلطا بدماء الدولة والمجتمع.
يعرف الجميع كيف نشأ الفساد، ويعرف الجميع معاقل الفساد في البلاد، ويعرف الجميع من هم كبار اللصوص والمفسدين، ويعرف الجميع أن الأغلبية الساحقة من الأحزاب نشأت بفضل الفساد وترعرت في حضنه، ويعرف الجميع كل شيء، ونتظاهر بأننا لا نعرف شيئا، لذلك صار الفساد يرفع قبضته في الهواء ويطالب بسقوط الفساد.
إذا كنا سنحارب الفساد فيجب أن نحارب النفاق أولا، فالنفاق والفساد ينامان جنبا إلى جنب في نفس الفراش، وفي كل ليلة يفرخان المزيد من المنافقين والفاسدين، لذلك فإننا لن نقضي أبدا على الفساد ما لم نقض أولا على النفاق.
نعرف جميعا أن أكبر مرحلة لنمو الفساد هي مرحلة الحسن الثاني، ومن تلك المرحلة ورثنا أرقاما قياسية من الفقر والأمية والجهل والفساد والنفاق، ورغم ذلك لا زال كثيرون يصفون تلك المرحلة بالعظيمة وأصحابها بالعظماء. إذا كانت تلك المرحلة عظيمة، فماذا سنسمي المغاربة المساكين الذين تحمّلوا تلك العظمة كل تلك السنين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.