توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    من أين جاءت هذه الصور الجديدة؟ .. الجواب داخل واتساب    تشيلسي يضرب موعداً مع الكبار في نهائي مونديال الأندية    فرص أكثر للشباب والنساء .. التشغيل يتصدر أجندة حكومة أخنوش    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    حادثة سير مروعة بطنجة تخلف وفاة سيدة وإصابة ثلاثة أشخاص    إقليم شفشاون .. تنظيم يوم تواصلي حول تفعيل الميثاق المعماري والمشهدي لمركز جماعة تنقوب    العلمي يترأس وفدا برلمانيا في باريس    "اللبؤات" يجهزن للقاء الكونغوليات    "دانون" تثمن عقد شراكة مع "الكاف"    تشيلسي يبلغ نهائي مونديال الأندية    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    تحقيقات أمنية في حادث رشق بالحجارة بحي مغوغة تسفر عن استدعاء أطراف مشتبَه فيها    المغرب يؤكد بجنيف التزامه بنظام ملكية فكرية "شامل وداعم للتنمية"    مجلس المستشارين يصادق على مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية    سلا … احباط محاولة بتهريب المخدرات    الطالبة ماجدة بن علي تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة مشرف جدا    قيوح: القطارات المغربية وصلت إلى نسبة انتظام في السير بلغت 85.6%    من الناظور إلى الصويرة.. تعاونيات شبابية تتألق في جائزة "الجيل المتضامن" الوطنية    أخنوش يتتبع تنزيل خارطة التشغيل    انخفاض معدل الاعتقال الاحتياطي بالمغرب إلى أقل من 30% من الساكنة السجنية            مجلة فرنسية: المغرب يرسخ موقعه كوجهة مفضلة لكبار المستثمرين        برقية تعزية ومواساة من الملك محمد السادس إلى دونالد ترامب إثر الفيضانات التي شهدتها تكساس    ارتفاع إضافي مرتقب في درجات الحرارة مستهل الأسبوع المقبل    الأمن ينفي "تجاوزات وشططا" بأكادير    أداء الثلاثاء إيجابي في بورصة البيضاء    قطر: مفاوضات الهدنة تحتاج إلى وقت    بلغاريا تستعد للانضمام إلى "اليورو"    "واتساب" يضيف ميزة إنشاء خلفيات بواسطة الذكاء الاصطناعي    شهرزاد محمود الادريسي فنانة مغربية تسير على خطى الرواد    لوكا مودريتش يعزز صفوف ميلان الإيطالي    في بيان المؤتمر الإقليمي السابع لأكادير إداوتنان دعا إلى توحيد الصف واستنهاض كافة الطاقات من أجل استعادة الريادة تنظيميا وسياسيا بالإقليم    مجلس ‬المنافسة ‬يكشف ‬عن ‬هوامش ‬الربح ‬في ‬المواد ‬الغذائية ‬وعن ‬الأسواق ‬المتحكمة ‬فيها    المغرب ‬يواصل ‬تعزيز ‬صمود ‬المقدسيين ‬في ‬مواجهة ‬الاحتلال    قطاع الإسمنت بالمغرب يسجّل أداء إيجابيا في النصف الأول من 2025    جواد الزيات يعود لرئاسة الرجاء الرياضي لكرة القدم    توقعات احتياجات الخزينة تتراوح بين 12 و12,5 مليار درهم في يوليوز الجاري    المغرب وألمانيا يبحثان الارتقاء بعلاقتهما إلى "شراكة استراتيجية"    مبابي يسحب شكوى المضايقة الأخلاقية ضد سان جرمان        عواصف وأمطار غزيرة تتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية بعدة مناطق بإيطاليا    بعودة حنان الابراهيمي.. سعيد الناصري يصور "تسخسيخة"    مؤسسة منتدى أصيلة تسدل الستار على الدورة الصيفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي ال46 (صورة)    مقتل 5 جنود إسرائيليين بكمين لكتائب القسام في شمال قطاع غزة    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور المكتوب وغير المكتوب
نشر في أخبارنا يوم 19 - 02 - 2017

دخلنا يوم السابع من أكتوبر 2016، للمعزل الانتخابي، لاختيار الحزب الذي سنمنحه صوتنا ونحن واعون بالرهان الانتخابي وهو المتعلق بالحزب المتصدر للانتخابات الذي يمنحه منطوق دستور 2011، حق قيادة وتشكيل الحكومة، حكومة المغرب لخمس سنوات... هذا هو الرهان الوحيد الذي كان يتصارع عليه حزبان (كان النقاش العام يتمحور حول القطبية الحزبية للبيجيدي والبام) وورائهما مواطنون وإرادات.

منذ 2011، لم يكن أحدا يتحدث عن الأغلبية العددية، بل الكل كان متفقا على منطوق الدستور وأيضا العرف الذي يجعل المغرب في منأى عن الصراعات الهدامة، لأن الجميع كان واعيا بضرورة الحفاظ على التوافق ما بين الدولة والمجتمع من خلال حكومة منتخبٌ رئيسها من طرف الناخبين ولكن تشكيلتها وأغلبيتها متوافق عليها ما بين الحزب المتصدر للانتخابات والأحزاب الأخرى، ومن ضمنها تلك القريبة من السلطة... هنا علينا الرجوع لتاريخ الصراع المجتمعي في المغرب حتى تتوضح الرؤية..

سنختصر الكلام من خلال الحديث عن المراحل الأربع المهمة في تاريخ الصراع السياسي. الأولى منذ الاستقلال إلى 1975، يمكن اعتبارها مرحلة الصراع المفتوح ما بين الدولة والمجتمع. هي مرحلة العنف الثوري والانقلابات ولكن أيضا المراجعات، التي مكنت سنة 1975، لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الحسم في اختياراته بانحياز قادته وأطره ومناضليه، بعد نقاش عسير، للاختيار الديمقراطي عوض الاختيار الثوري، موازاة مع استرجاع المغرب لصحرائه والعودة لمسلسل الانتخابات الذي كان توقف سنة 1970.

المرحلة الثانية من 1975 إلى 1998، وهي مرحلة مد وجزر في صراع الدولة والمجتمع اتسمت بمحاولات "أم الوزارات" التحكم القبلي في نتائج الانتخابات ومواجهة المد الانتخابي الجماهيري لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي رفع قائده التاريخي "عبدالرحيم بوعبيد" شعار "المقاعد لا تهمنا" وذلك لمواجهة تزوير الانتخابات والدفع بالمواطنين وخاصة مناضلي الاتحاد لعدم اليأس من النضال من أجل انتقال ديمقراطي آت لا محالة، دون إغفال رمزية تسمية الفريق البرلماني المنبثق عن انتخابات سنة 1977 بفريق "المعارضة الاتحادية"... هذه المرحلة الصعبة ستنتهي بتوافق تاريخي ما بين الدولة وأحزاب الحركة الوطنية الديمقراطية وذلك بتدشين أول تجربة للتناوب التوافقي الديمقراطي في المغرب عبر حكومة، سنة 1998، أُسندت للوزير الأول الاشتراكي "عبدالرحمان اليوسفي"..

لنقف هنا لحظة لنوضح بالأرقام أن الدولة كانت حريصة منذ 1963 على حسم نتائج الانتخابات لصالح الأحزاب القريبة منها، وهذا يتجلى في المعطيات التالية: سنة 1963 (الأحزاب القريبة من الدولة 75 مقعدا والمعارضة 69 مقعدا)، 1970 (229 مقعدا والمعارضة 9 مقاعد.. الحقيقة أن أحزاب الكتلة الوطنية قاطعت الانتخابات)، 1977 (240 مقعدا والمعارضة 74 مقعدا)، 1984 (226 مقعدا والمعارضة 80 مقعدا)، 1993 (206 مقعدا والمعارضة 123 مقعدا)، 1997 (200 مقعدا والمعارضة 125 مقعدا)... لنقف عند هذه الانتخابات التي ستتشكل انطلاقا من نتائجها وبناء على توافق ما بين الملك الراحل وأحزاب الكتلة الديمقراطية، أول حكومة تناوب توافقي..

قلنا سابقا أن نتائج الانتخابات البرلمانية لسنة 1997 لم تمنح الأغلبية لأحزاب المعارضة. حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حصل على المرتبة الأولى ب 57 مقعدا من ضمن 325 مقعدا، وهذا الرقم لم يكن ليسمح له بتشكيل أغلبية برلمانية وحكومة. واليسار عموما كانت نتيجته في حدود 84 مقعدا. لذا سُميت بحكومة التناوب التوافقي لأنها كانت في حاجة لتوافق، ما بين الأحزاب القريبة من الإدارة وأحزاب المعارضة، لتشكيل أغلبية برلمانية مساندة.. هذا الذي وقع ليس مكتوبا لا في الدستور ولا في أي قانون، هو واقع فرضه الصراع المجتمعي بغية تجاوز عقبات كبرى أهمها قانون انتخابي لا يسمح بفرز أغلبية واضحة لحزب معين..

لكن سرعان ما سيتم التراجع عن هذا العرف غير المكتوب وذلك سنة 2002 رغم احتلال حزب الوزير الأول، "عبدالرحمن اليوسفي"، المرتبة الأولى في انتخابات 27 شتنبر 2002 بحصوله على 50مقعدا من ضمن 325 مقعدا... إذ سيتم تعيين التقنقراطي "ادريس جطو" وزيرا أولا باحترام تام للدستور ولكن بالخروج عن "المنهجية الديمقراطية" حسب بلاغ صادر عن المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. هنا علينا الوقوف لتوضيح شيء مهم. الحديث هنا يتعلق بمنهج غير مكتوب ولكنه عرف ديمقراطي يوجب منح رآسة الحكومة للحزب الفائز في الانتخابات، أما الأغلبية الحكومية فالكل كان مقرا على ضرورة تشكيلها انطلاقا من توافق ما بين إرادتين، إرادة المجتمع والناخب وإرادة الدولة.

المرحلة الثالثة، من 2002 إلى 2011، هي مرحلة أساسية في تاريخ المغرب. سنقف عند محطة الربيع المغربي لحركة 20 فبراير 2011 التي مهدت الطريق للتوافق حول دستور جديد فيه الكثير من التعديلات المهمة ولكن واحدة كانت مطلبا ملحا منذ 2002 وهي المتعلقة باحترام إرادة الناخب والعمل بالعرف الديمقراطي من خلال منح تشكيل الحكومة للحزب الفائز بالانتخابات. هذا ما كان، حيث نص الفصل 47 من الدستور الجديد للمملكة على ما يلي : "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها".

لاحظوا معي هنا كون أقوى لحظة توافق وطني استبعدت مؤقتا مطلبا بتغيير جدري للمنظومة الانتخابية، بل كانت دعوات لتنقيحها في اتجاه شفافية الاقتراع، لسبب بسيط هو حرص الجميع على تفادي الصدام ومنح فسحة واسعة لتمثيل مختلف الحساسيات والبحث الدائم عن التوافق ما بين الدولة وأحزاب المعارضة من خلال حكومات ائتلافية.

لذا فالمعركة الرئيسية التي انخرط فيها الجميع، ايام الانتخابات البرلمانية لسنوات 2011 و2016، هي معركة المرتبة الأولى، أما الحكومة فالجميع كان واعيا بتشكيلها في إطار مفاوضات شاقة وضرورية وذلك في أفق تأسيس حكومات "قوية ومنسجمة" في إطار استمرار التوافق الوطني التاريخي... ولا أحد كان يتحدث قبل انتخابات 2011 و2016 عن الأغلبية العددية وما شابه ذلك.

المرحلة الرابعة تبدأ مع إعلان نتائج انتخابات 2016 إلى يومنا هذا والمعروفة عند المغاربة بمرحلة "البلوكاج" الحكومي الناتجة ليس من عدم احترام منطوق الدستور، بل العكس، إذ مباشرة بعد إعلان النتائج عين الملك محمد السادس، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، رئيسا مكلفا بتشكيل الأغلبية والحكومة، بل التراجع كان على مستوى عرف تشكيل حكومة متوافق عليها بإشراف تام وحاسم من رئيس الحكومة المعين..

حركة 20 فبراير، التي نحتفل بذكراها السادسة، رفعت شعار الملكية البرلمانية، لكن إرادة الأمة استقرت على تعديلات دستورية تراعي الوضع السياسي الوطني وكذا المرحلة التاريخية من خلال توافق على إصلاحات تدريجية في إطار تكامل تام ما بين الدولة والمجتمع، وهذا يمر عبر احترام إرادة الشعب المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع والاستمرار في التوافق المبني على احترام صلاحيات كل طرف...

إلى يومنا هذا، تم تجاوز العرف من خلال انتخاب رئيس للبرلمان خارج الأغلبية الحكومية المعلنة من طرف رئيس الحكومة المعين. يبقى السؤال مطروحا إن كان العرف التاريخي المتعلق بالتوافق غير المكتوب حول تشكيل الحكومة سينتصر وسنستمر كوطن نبني مجتمعنا في صراع مفتوح ولكن معروفة حدوده أم أننا سنفتح فترة جديدة سيكون فيها المطلب الرئيس هو مدونة انتخابية تمنح أغلبية واضحة للحزب الأول حتى نستطيع الذهاب لأي انتخابات ونحن واعون لماذا نصوت ولأي هدف.

الأيام القليلة القادمة ستكون بدون شك حاسمة في هذا المضمار...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.