بوريطة يعلن من بغداد عن إرسال وفد تقني إلى سوريا لفتح سفارة المملكة بدمشق    سوريا تشكر الملك محمد السادس على قرار فتح سفارة المغرب بدمشق    أخنوش في العيون: انتصارات دبلوماسية وورش تنموي متواصل في خدمة القضية الوطنية    "سيارة أمان" تخطف الأنظار في استعراض أمني مميز بالجديدة    الخارجية المغربية تتابع أوضاع الجالية المغربية في ليبيا في ظل اضطراب الأوضاع وتضع خطوطا للاتصال    اعتقال مقاتل "داعشي" مطلوب للمغرب في اسبانيا    المغرب يتصدر السياحة الإفريقية في 2024: قصة نجاح مستمرة وجذب عالمي متزايد    الأمن الوطني وتحوّل العلاقة مع المواطن: من عين عليه إلى عين له    بالتفاصيل.. اتساع دائرة المتورطين في بيع شهادات الماستر بأكادير    الملك محمد السادس يبارك عيد النرويج    وهبي يؤكد جاهزية "أشبال الأطلس" لخوض نهائي كأس إفريقيا في مصر    أمين بنهاشم مدربا رسميا للوداد استعدادا لكأس العالم للأندية    منعوت يغيب عن لقاء بركان وسيمبا    ريال مدريد يتعاقد مع المدافع هويسن    المالكي يدعو لتقييم الوضع السياسي    الهيئة العليا للاتصال تنذر "ميد راديو"    تنسيق إسباني مغربي يطيح ب"داعشي"    السينما المغربية تراكم الإشادة الدولية    نقاط بيع جديدة للسمك تُعزز تنظيم النشاط التجاري بميناء الحسيمة    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    جلالة الملك يدعو إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية بالضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى طاولة المفاوضات    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    توقيف ثلاثة أشخاص متورطين في ترويج الكوكايين والسرقات بإمزورن    شاب يضع حدًا لحياته شنقًا ب "طنجة البالية"    إشبيلية الإسباني يعلن مواجهة فريق مغربي في مباراة ودية    "استئنافية طنجة" تؤيد إدانة رئيس جماعة تازروت في قضية اقتحام وتوقيف شعيرة دينية    مزبار: المثقف الحقيقي هو من يُعلم الفكر النقدي ويتحمل مخاطرة المواجهة الفكرية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    مجموعة مدارس إحسان بالجديدة تنظم مهرجانا ثقافيا تحت شعار: ''تراث الأجداد بيد الأحفاد'    فيلم بين الجرأة والاعتبارات الأخلاقية يعرض بمشرع بلقصيري    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    الناخبون البرتغاليون يدلون بأصواتهم غدا لانتخاب ممثليهم بالجمعية الوطنية    عباس في قمة بغداد: ندعو إلى إلزام حماس بتسليم السلاح للسلطة    الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    وكالات روسية: بوتين يستضيف أول قمة روسية عربية في أكتوبر المقبل    إفران تعتمد على الذكاء الاصطناعي للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها    الفيفا تكشف توقعاتها لمداخيل كأس العالم 2030.. إيرادات غير مسبوقة    محمد صلاح مهاجم ليفربول يحدد موعد اعتزاله    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    "السينتينليون".. قبيلة معزولة تواجه خطر الانقراض بسبب تطفل الغرباء    المغرب أثبت قدرته على مواجهة التحديات الأمنية وترسيخ الأمن والاستقرار (رئيس الإنتربول)    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3    الدرهم يرتفع بنسبة 0,4 في الماي ة مقابل اليورو خلال الفترة من 08 إلى 14 ماي(بنك المغرب)    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    أبرز تعديلات النظام الأساسي ل"الباطرونا"    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات...أي توصيات لأي انتظارات؟
نشر في أخبارنا يوم 05 - 05 - 2019

انعقدت يوم 3 و4 ماي 2019 بمدينة الصخيرات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، وذلك بحضور مجموعة من المختصين والفاعلين السياسيين والمهتمين بالمجال المالي والضريبي، هذه المناظرة تأتي في سياق يعرف فيه النظام الضريبي المغربي مجموعة من الإختلالات والمشاكل سواء على مستوى طريقة التضريب والأسعار والضغط الجبائي المرتفع، أو على مستوى الشق المرتبط بعدم عدالة نظامنا الضريبي المغربي، وأيضا عدم مواكبة النظام الجبائي المحلي للمستجدات الدستورية على المستوى الترابي، والتي تشكل ركيزة أساسية من أجل إنجاح الجهوية المتقدمة.
هذه المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، يأتي تنظيمها بعد ما يقارب الست سنوات على تنظيم المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات، والتي نتج عنها مجموعة من التوصيات التي لم يفعل شق كبير منها، وشكلت موضوع نقاش وتساؤلات لمجموعة من الفاعلين الاقتصاديين الذين عبروا عن قلقهم وريبتهم من الجدوى وراء عقد مناظرة ثالثة، في حين أننا لم نفعل بعد مخرجات المناظرة الثانية، الأمر الذي يؤكد التخبط الذي تعيشه الوزارة الوصية على القطاع. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول طبيعة التوصيات المنبثقة عن هذه المناظرة الثالثة؟ وهل استطاعت أن تجيب على انتظارات مختلف المتدخلين في المجال الجبائي ببلادنا؟

أولا: قراءة في التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات

من بين التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، مسألة إلتزام الدولة بالحرص على احترام القانون من طرف الجميع، هذه النقطة شكلت بالنسبة لنا محطة للتفكير باعتبار أن نقطة احترام القانون من طرف الإدارة الضريبية يلزمها تفعيل مجموعة من الإجراءات من طرفها، أهمها خلق مسطرة ضريبية منصفة ومتساوية وعادلة، خصوصا في مرحلة النزاع الضريبي والتي غيبت في هذه المناظرة ولم يتم خلق أية توصية بخصوصها لا في شقها الإداري ولا القضائي، بالأخص الإشكالات الكبيرة التي تثيرها المسطرة المتبعة فيها.
النقطة الثانية هي التوصية المرتبطة بالعمل على احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للملزمين، والمساواة أمام الضريبة والإنصاف الضريبي وتوازن الحقوق بين الملزم والإدارة الضريبية، كل هذه التوصيات تصب في خانة الأداء الضريبي من طرف الملزمين بشكل كلي، أي أنه على الجميع المساهمة في التكاليف العمومية، فكيف يعقل أن 10% من السكان يسيطرون على 90% من ثروة البلاد ولا يؤدون الضريبة، و140 شركة فقط تؤدي 50% من الضرائب، ونتحدث عن مساواة وعدالة ضريبية؟ فلحد الساعة هناك مجموعة من اللوبيات الضاغطة في المؤسسة التشريعية لم ترحب بمسألة تطبيق الضريبة على الثروة بالمغرب، والتي تعتبر إحدى التوصيات المنبثقة عن المناظرة الثانية لسنة 2013، الأمر الذي جعل هذه اللوبيات تحارب بشتى الطرق والوسائل هذه الضريبة وهو ما حدث بالفعل، الأمر الذي لا يستقيم وعدالة النظام الضريبي المغربي الذي يشكل وعاءا للمتناقضات.
التوصية الثالثة تصب في خانة ضرورة تجميع الضرائب والرسوم في نفس المدونة (أي المدونة العامة للضرائب)، الأمر الذي سيشكل عبئا جديدا على الممارسين والعاملين بالإدارة الجبائية، فكيف يمكن الحديث عن مدونة عامة للضرائب غنية بالمفاهيم والمصطلحات والأرقام الضريبية التقنية الصعبة الفهم على الممارسين، فكيف بالملزم العادي ونحن نتحدث اليوم عن ثقافة جبائية وتقريب المواطن/الملزم من الإدارة الجبائية، الأمر الذي سيشكل ضغطا آخر من خلال تجميع الرسوم المحلية في المدونة العامة للضرائب، الأمر الذي كان يمكن له أن يستبدل بمدونة عامة للجبايات المحلية تكون منفصلة عن المدونة العامة للضرائب بلغة مفهومة وبسيطة وسهلة، خصوصا وأننا نبتغي من وراء هذا التجميع تسهيل المأمورية في وجه العاملين بالإدارة الجبائية على تدبير هذه الرسوم من أجل توريد السيولة المالية الضرورية اللازمة لإنجاح الجهوية المتقدمة.
التوصية الرابعة تتعلق بسيولة العمليات بين الأنظمة المعلوماتية للإدارات، وهو ما نأمل من خلاله أن يتم الربط بين مختلف الإدارات الجبائية سواء الترابية أو الوطنية، وذلك من أجل مساعدة على الخصوص الإدارة الجبائية الترابية على تدبير الرسوم المحلية (ينبغي إصلاح الجبايات المحلية (الترابية) وإصلاح قانونها المؤطر رقم 06.47 الذي يعرف العديد من الإختلالات ولا يواكب التقسيم الترابي للدستور)، بشكل فعال وناجع.

النقطة الأخيرة وهي التوصية المتعلقة بإحداث مجلس وطني للاقتطاعات الضريبية، وهو عبارة عن نقل حرفي لما ذهب إليه المشرع الفرنسي الذي سبق وأحدث نفس المجلس الوطني (le conseil des prélèvement obligatoires)، والذي يقوم بمهمة دراسة النظام الضريبي وعرض مكامن الخلل المرتبطة به، وبقوم بإعداد تقارير تهم الميزانية المتأتية من الضرائب، الأمر الذي يجعلنا نطرح السؤال حول لماذا مازال المشرع المغربي ينقل حرفيا كل ما ذهب إليه المشرع الفرنسي، بالرغم من أن النظام الضريبي الفرنسي يعاني هو الآخر من عدة مشاكل، ويشكل ضغطا على ملزميه.

ثانيا: الانتظارات من وراء توصيات المناظرة الوطنية الثالثة

لقد حاولت توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، الإجابة عن مجموعة من الإشكالات المرتبطة أساسا بالعدالة الضريبية في العلاقة الجبائية، وخلق إجراءات جديدة يمكن لها أن تجيب عن انتظارات مختلف المتدخلين في الموضوع. إلا أنه وجب القول بأن مجموعة من التوصيات الصادرة عن هذه المناظرة سبق وأن تم التنصيص عليها في المناظرة السابقة ولم يتم تفعليها، خصوصا الشق المرتبط بنشر وتعميم المادة الجبائية بما في ذلك إدراجها في منظومة التربية والتكوين، فقد سبق لوزير الاقتصاد والمالية أن وقع خلال المناظرة الوطنية الثانية اتفاقية شراكة لإدماج المسألة الضريبية في البرامج التعليمية قصد خلق ثقافة ضريبية ومواطنة حقة، وكما سبق للأستاذ محمد شكيري أن تساءل حول هل نظامنا الضريبي بصيغته الحالية قابل للتلقين والتدريس على مستوى الإعدادي والثانوي ضمن مادة التربية الوطنية أو تدبير الشأن العام؟ في ظل اللغة التقنية المكتوبة بها المدونة العامة للضرائب والمعاناة التي يجدها المواطن أثناء قراءتها وفهمها.
زيادة على أن توصيات المناظرة الثالثة تناست أو أغفلت المسألة المرتبطة بالمنازعات الضريبية بشقيها الإدارية والقضائية، والإشكالات الكبيرة التي تثيرها أثناء التطبيق، وهو ما لم تشمله المناظرة الثالثة بأيه توصية، الأمر الذي يطرح معه علامة استفهام كبيرة.
إن مسألة الإصلاح هي بالدرجة الأولى نابعة من الإرادة السياسية وليس مناظرات تنتج توصيات غير واقعية وغير قابلة للتطبيق، فكيف يعقل أن نتحدث عن مناظرة وطنية ثالثة حول الجبايات في حين أن توصيات المناظرة الثانية لم يتحقق منها على أرض الواقع شيء، بل الأكثر من ذلك أدت إلى ترسيخ نظام ضريبي بعيد كل البعد عن تحقيق العدالة الضريبية. وكيف يمكن لمناظرة لم تحدث ولو لجينة من أجل تتبع تفعيل التوصيات أن تحدث أثرا إيجابيا على المستوى القريب في نجاعة وفعالية وعدالة النظام الضريبي ببلادنا؟. إن مسألة المناظرات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك ضعف الفاعل الحكومي والوزارة الوصية على القطاع الجبائي في خلق التغيير المرجو وخلق نظام ضريبي عادل بين جل مكوناته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.