بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الخميس على وقع الأخضر    الادعاء الإسباني يدعو إلى إغلاق التحقيق في حق زوجة رئيس الوزراء    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    الوزير جازولي يدعو المستثمرين الألمان إلى اغتنام الفرص التي يتيحها المغرب    الحكومة تقر بفشل سياسية استيراد أضاحي العيد    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    الاتحاد الجزائري يعلن شرطه الوحيد لمواجهة نهضة بركان!    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    "اتصالات المغرب".. عدد الزبناء ديالها فات 77 مليون بزيادة وصلات ل2,7 فالمية    تراجع حركة المسافرين بمطار الحسيمة خلال شهر مارس الماضي    بعد خسارته ب 10 دون مقابل.. المنتخب الجزائري لكرة اليد يعلن انسحابه من البطولة العربية    واش هادشي غايأثر على شراكة اسبانيا والمغرب والبرتغال فمونديال 2030.. الحكومة فالصبليون دارت الوصاية على الاتحاد الإسباني بسبب الفساد وخايفين من خرق لقوانين الفيفا    البحرية الملكية تنقذ مرشحين للهجرة السرية    الزيادة العامة بالأجور تستثني الأطباء والأساتذة ومصدر حكومي يكشف الأسباب    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    المغرب يستنكر اقتحام باحات المسجد الأقصى    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي : إصدار 2905 تراخيص إلى غاية 23 أبريل الجاري    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    تشافي لن يرحل عن برشلونة قبل نهاية 2025    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات...أي توصيات لأي انتظارات؟
نشر في أخبارنا يوم 05 - 05 - 2019

انعقدت يوم 3 و4 ماي 2019 بمدينة الصخيرات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، وذلك بحضور مجموعة من المختصين والفاعلين السياسيين والمهتمين بالمجال المالي والضريبي، هذه المناظرة تأتي في سياق يعرف فيه النظام الضريبي المغربي مجموعة من الإختلالات والمشاكل سواء على مستوى طريقة التضريب والأسعار والضغط الجبائي المرتفع، أو على مستوى الشق المرتبط بعدم عدالة نظامنا الضريبي المغربي، وأيضا عدم مواكبة النظام الجبائي المحلي للمستجدات الدستورية على المستوى الترابي، والتي تشكل ركيزة أساسية من أجل إنجاح الجهوية المتقدمة.
هذه المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، يأتي تنظيمها بعد ما يقارب الست سنوات على تنظيم المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات، والتي نتج عنها مجموعة من التوصيات التي لم يفعل شق كبير منها، وشكلت موضوع نقاش وتساؤلات لمجموعة من الفاعلين الاقتصاديين الذين عبروا عن قلقهم وريبتهم من الجدوى وراء عقد مناظرة ثالثة، في حين أننا لم نفعل بعد مخرجات المناظرة الثانية، الأمر الذي يؤكد التخبط الذي تعيشه الوزارة الوصية على القطاع. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول طبيعة التوصيات المنبثقة عن هذه المناظرة الثالثة؟ وهل استطاعت أن تجيب على انتظارات مختلف المتدخلين في المجال الجبائي ببلادنا؟

أولا: قراءة في التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات

من بين التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، مسألة إلتزام الدولة بالحرص على احترام القانون من طرف الجميع، هذه النقطة شكلت بالنسبة لنا محطة للتفكير باعتبار أن نقطة احترام القانون من طرف الإدارة الضريبية يلزمها تفعيل مجموعة من الإجراءات من طرفها، أهمها خلق مسطرة ضريبية منصفة ومتساوية وعادلة، خصوصا في مرحلة النزاع الضريبي والتي غيبت في هذه المناظرة ولم يتم خلق أية توصية بخصوصها لا في شقها الإداري ولا القضائي، بالأخص الإشكالات الكبيرة التي تثيرها المسطرة المتبعة فيها.
النقطة الثانية هي التوصية المرتبطة بالعمل على احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للملزمين، والمساواة أمام الضريبة والإنصاف الضريبي وتوازن الحقوق بين الملزم والإدارة الضريبية، كل هذه التوصيات تصب في خانة الأداء الضريبي من طرف الملزمين بشكل كلي، أي أنه على الجميع المساهمة في التكاليف العمومية، فكيف يعقل أن 10% من السكان يسيطرون على 90% من ثروة البلاد ولا يؤدون الضريبة، و140 شركة فقط تؤدي 50% من الضرائب، ونتحدث عن مساواة وعدالة ضريبية؟ فلحد الساعة هناك مجموعة من اللوبيات الضاغطة في المؤسسة التشريعية لم ترحب بمسألة تطبيق الضريبة على الثروة بالمغرب، والتي تعتبر إحدى التوصيات المنبثقة عن المناظرة الثانية لسنة 2013، الأمر الذي جعل هذه اللوبيات تحارب بشتى الطرق والوسائل هذه الضريبة وهو ما حدث بالفعل، الأمر الذي لا يستقيم وعدالة النظام الضريبي المغربي الذي يشكل وعاءا للمتناقضات.
التوصية الثالثة تصب في خانة ضرورة تجميع الضرائب والرسوم في نفس المدونة (أي المدونة العامة للضرائب)، الأمر الذي سيشكل عبئا جديدا على الممارسين والعاملين بالإدارة الجبائية، فكيف يمكن الحديث عن مدونة عامة للضرائب غنية بالمفاهيم والمصطلحات والأرقام الضريبية التقنية الصعبة الفهم على الممارسين، فكيف بالملزم العادي ونحن نتحدث اليوم عن ثقافة جبائية وتقريب المواطن/الملزم من الإدارة الجبائية، الأمر الذي سيشكل ضغطا آخر من خلال تجميع الرسوم المحلية في المدونة العامة للضرائب، الأمر الذي كان يمكن له أن يستبدل بمدونة عامة للجبايات المحلية تكون منفصلة عن المدونة العامة للضرائب بلغة مفهومة وبسيطة وسهلة، خصوصا وأننا نبتغي من وراء هذا التجميع تسهيل المأمورية في وجه العاملين بالإدارة الجبائية على تدبير هذه الرسوم من أجل توريد السيولة المالية الضرورية اللازمة لإنجاح الجهوية المتقدمة.
التوصية الرابعة تتعلق بسيولة العمليات بين الأنظمة المعلوماتية للإدارات، وهو ما نأمل من خلاله أن يتم الربط بين مختلف الإدارات الجبائية سواء الترابية أو الوطنية، وذلك من أجل مساعدة على الخصوص الإدارة الجبائية الترابية على تدبير الرسوم المحلية (ينبغي إصلاح الجبايات المحلية (الترابية) وإصلاح قانونها المؤطر رقم 06.47 الذي يعرف العديد من الإختلالات ولا يواكب التقسيم الترابي للدستور)، بشكل فعال وناجع.

النقطة الأخيرة وهي التوصية المتعلقة بإحداث مجلس وطني للاقتطاعات الضريبية، وهو عبارة عن نقل حرفي لما ذهب إليه المشرع الفرنسي الذي سبق وأحدث نفس المجلس الوطني (le conseil des prélèvement obligatoires)، والذي يقوم بمهمة دراسة النظام الضريبي وعرض مكامن الخلل المرتبطة به، وبقوم بإعداد تقارير تهم الميزانية المتأتية من الضرائب، الأمر الذي يجعلنا نطرح السؤال حول لماذا مازال المشرع المغربي ينقل حرفيا كل ما ذهب إليه المشرع الفرنسي، بالرغم من أن النظام الضريبي الفرنسي يعاني هو الآخر من عدة مشاكل، ويشكل ضغطا على ملزميه.

ثانيا: الانتظارات من وراء توصيات المناظرة الوطنية الثالثة

لقد حاولت توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، الإجابة عن مجموعة من الإشكالات المرتبطة أساسا بالعدالة الضريبية في العلاقة الجبائية، وخلق إجراءات جديدة يمكن لها أن تجيب عن انتظارات مختلف المتدخلين في الموضوع. إلا أنه وجب القول بأن مجموعة من التوصيات الصادرة عن هذه المناظرة سبق وأن تم التنصيص عليها في المناظرة السابقة ولم يتم تفعليها، خصوصا الشق المرتبط بنشر وتعميم المادة الجبائية بما في ذلك إدراجها في منظومة التربية والتكوين، فقد سبق لوزير الاقتصاد والمالية أن وقع خلال المناظرة الوطنية الثانية اتفاقية شراكة لإدماج المسألة الضريبية في البرامج التعليمية قصد خلق ثقافة ضريبية ومواطنة حقة، وكما سبق للأستاذ محمد شكيري أن تساءل حول هل نظامنا الضريبي بصيغته الحالية قابل للتلقين والتدريس على مستوى الإعدادي والثانوي ضمن مادة التربية الوطنية أو تدبير الشأن العام؟ في ظل اللغة التقنية المكتوبة بها المدونة العامة للضرائب والمعاناة التي يجدها المواطن أثناء قراءتها وفهمها.
زيادة على أن توصيات المناظرة الثالثة تناست أو أغفلت المسألة المرتبطة بالمنازعات الضريبية بشقيها الإدارية والقضائية، والإشكالات الكبيرة التي تثيرها أثناء التطبيق، وهو ما لم تشمله المناظرة الثالثة بأيه توصية، الأمر الذي يطرح معه علامة استفهام كبيرة.
إن مسألة الإصلاح هي بالدرجة الأولى نابعة من الإرادة السياسية وليس مناظرات تنتج توصيات غير واقعية وغير قابلة للتطبيق، فكيف يعقل أن نتحدث عن مناظرة وطنية ثالثة حول الجبايات في حين أن توصيات المناظرة الثانية لم يتحقق منها على أرض الواقع شيء، بل الأكثر من ذلك أدت إلى ترسيخ نظام ضريبي بعيد كل البعد عن تحقيق العدالة الضريبية. وكيف يمكن لمناظرة لم تحدث ولو لجينة من أجل تتبع تفعيل التوصيات أن تحدث أثرا إيجابيا على المستوى القريب في نجاعة وفعالية وعدالة النظام الضريبي ببلادنا؟. إن مسألة المناظرات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك ضعف الفاعل الحكومي والوزارة الوصية على القطاع الجبائي في خلق التغيير المرجو وخلق نظام ضريبي عادل بين جل مكوناته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.