بيلينغهام يغيب 12 أسبوعا عن ريال مدريد بعد جراحة في الكتف    الشرع: لا نخشى الحرب مع إسرائيل    المغرب يعزز ريادته الإفريقية في صناعة السيارات: "ستيلانتيس" تدشّن توسعة مصنع القنيطرة باستثمار ضخم وفرص شغل واعدة    برشلونة يمنح القميص رقم 10 ليامال خلفا لميسي    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    الولايات المتحدة.. زلزال قبالة سواحل ألاسكا يتسبب في تحذير من موجة تسونامي    إسبانيا بين مشروع سانشيز وتهديدات "فوكس" .. الهجرة في قلب المعركة    وفاة شاب في حادث داخل قاعة للرياضة بأزمور أثناء حصة تدريبية    تاحيف يتعاقد مع أم صلال القطري    المدافع معالي ينتقل إلى نادي الزمالك    مسيرة الراحل أحمد فرس .. من شباب المحمدية إلى عرش الكرة الإفريقية    بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    الجيش السوري ينسحب من السويداء    مهرجان الشواطئ ينطلق من المضيق    حادثة سير خطيرة قرب "بيت الصحافة" بطنجة تُخلّف إصابتين بليغتين    المديرية الإقليمية بالعرائش تحتفي بالتميز الدراسي في موسم 2024 – 2025    الشارع الإسباني يرفض خطاب الكراهية ويدعم التعايش مع الجالية المغربية    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    أخنوش: توسعة مصنع "ستيلانتيس" بالقنيطرة ستمكن من مضاعفة طاقة الإنتاج    وفاة الوزير والسفير السابق عبد الله أزماني خلال عطلة بأكادير    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم أحمد فرس    لجنة التعليم والثقافة والاتصال تباشر مناقشة تفاصيل مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    الأمواج تبتلع أما وثلاثة من أطفالها في شاطئ مهجور بالجديدة    توقيف فرنسي مبحوث عنه دوليا في الدار البيضاء    غزلان الشباك ضمن فريق دور المجموعات في "كان" السيدات المغرب 2024    كرة القدم المغربية تودع أحمد فرس            دبلوماسية المغرب الناعمة تهزّ أركان الجزائر: تحوّل تاريخي في جنوب إفريقيا    واقعة معتصم "شاطو" جماعة اولاد يوسف تخرج الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال ببلاغ للرأي العام    هيئات حقوقية وحزبية پإوروبا تتضامن مع المهاجرين المغاربة بمورسيا    الدار البيضاء: توقيف مواطن فرنسي موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    لجنة تسيير قطاع الصحافة تسلم حصيلتها للحكومة وتوصي بإصلاح جذري ينطلق من تأهيل المقاولة والإعلاميين    ارتفاع طفيف في أسعار الغازوال واستقرار في البنزين بمحطات الوقود بالمغرب    58 ألفا و573 شهيدا حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ بدء الحرب    الدورة الثانية لمهرجان العيطة المرساوية تنطلق عبر ثلاث محطات فنية بجهة الدار البيضاء سطات    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    رحلة إلى قلب الفلامنكو في مسرح رياض السلطان بطنجة    خواطر وهمسات على أديم الفضاء الأزرق    كلمة .. وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة...    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    وزارة الثقافة الفرنسية: المغرب خزان فني في ازدهار مستمر    إحداث نحو 49 ألف مقاولة بالمغرب مع نهاية ماي منها أزيد من 15 ألفا في البيضاء    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    خامنئي: هدف الحرب إسقاط النظام    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن        قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة الاعتبار لمهنة التدريس مدخل إلزامي لإصلاح التعليم
نشر في أخبارنا يوم 27 - 10 - 2012

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر من كل سنة بيوم المدرس، امتنانا و تقديرا للدور المتميز الذي يضطلع به في تعليم وتربية الأجيال و"ضخ" المبادئ الإيجابية في نفوس المتعلمين وتكوين شخصياتهم، فهو الحلقة الأهم في أي منظومة تربوية باعتباره بوابة تمرير المخططات والمناهج والبرامج وأجرأة الفلسفات التربوية، ما جعله يحظى في الدول ذات الأنظمة التربوية الناجحة بأهمية قصوى عبر عنها تخصيص يوم عالمي للاحتفال به من جهة ومن جهة ثانية من خلال تزويده بكل وسائل وشروط العمل التي تمكنه من آداء الدور المنوط به على أحسن الأوجه.
ويحل الاحتفال بيوم المدرس هذه السنة على المغرب ،متفاعلا مع نقاش مفتوح حول وضعية التعليم إثر التقارير الدولية الصادمة، التي صنفت المغرب في مراتب متأخرة عالميا في مجال التعليم، وتصاعد الدعوات لإصلاح المنظومة التربوية وأبرزها تلك التي جاءت من أعلى سلطة بالبلاد، و عبر عنها الخطاب الأخير لجلالة الملك،الذي دعا فيه إلى "إعادة النظر في المقاربة التعليمية والطرق المتبعة في المدرسة من خلال إدخال تقنيات جديدة على مناهج الندريس وتقوية مهارات الاستيعاب وتقوية شخصية المتعلم"، في إشارة واضحة إلى "انتهاء صلاحية" المقاربات السابقة ،والتي كان آخرها البرنامج الاستعجالي الذي جاء بمجموعة من الإجراءات والتدابير الرامية إلى تسريع وتيرة إصلاح منظومة التربية والتكوين وتدارك التعثرات التي واجهت أجرأة الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي كان نتاجا لعدة تقارير أبرزها تقرير المجلس الأعلى للتعليم الذي صدر سنة 2008 والذي حاول ملامسة مختلف الاختلالات التي تعيق إقلاع المنظومة.
ويبدو أن المجهودات المهمة والأموال الضخمة التي رصدت لتنفيذ البرنامج الاستعجالي الذي استغرق تنفيذه 3سنوات و ترجم إرادة قوية ورؤية طموحة للمجتمع المغربي برمته من أجل ربح رهان "مدرسة النجاح" ،لم تؤدي إلى النتائج المرجوة حيث لازالت أهم الاختلالات التي تعرفها المنظومة التربوية هي نفسها،والتي لخصها تقرير المجلس الأعلى فيما يلي:
-إشكالية الحكامة على مختلف المستويات.
-ظروف مزاولة مهنة التدريس وانخراط المدرسين.
-نموذج بيداغوجي أمام صعوبات الملائمة والتطبيق.
-الموارد المالية وإشكالية توزيعها.
-ضعف التعبئة حول المدرسة.
وبالرغم من اعتراف تقرير المجلس الأعلى بالظروف الصعبة لمزاولة المهنة -خصوصا في العالم القروي -وتأكيده لأهمية انخراط المدرسين في عملية الإصلاح ،الأمر الذي سيسهم في خلق تعبئة حول المدرسة تكون لها انعكاسات إيجابية على عمل المنظومة، إلا أن الإجراءات والحلول المقترحة لم تتمكن من إيجاد أجوبة على عدد من المشاكل التي تعيق سير المنظومة وخاصة الجوانب المتعلقة بالاكتظاظ ، والفائض والخصاص وإشكالية الأقسام المشتركة وهشاشة بعض البنيات التحتية في العالم القروي والوضعية المادية والمعنوية لنساء ورجال التعليم و..-رغم توفر الوزارة على تقارير دقيقة عنها- وبالمناسبة فإن حل هذه المشاكل كفيل بإيقاف "الخطب التي تخفي مطالب يرفعها البعض لتحصيل مكاسب خاصة". ولم تستطع تلك الإجراءات تحسين ظروف مزاولة المهنة ، بسبب ضعف التحفيز وعدم ربط الترقية بالمردودية بالإضافة إلى عدد من الأسباب المرتبطة بالمعاناة في البوادي وصعوبة الانتقال والترقية وشبه انسداد الآفاق المهنية.. ولم تنجح في النهاية في تشجيع المدرسين على الانخراط في الإصلاح بقوة، وهو الأمر الذي يظل رهينا بتوفير شروط ملائمة تخلق شعورا بأهمية المهنة وأخلاقياتها والاقتناع بها،وبالرضى المهني..
أما الغلاف المالي غير المسبوق المرصود للبرنامج الاستعجالي فلم يغير كثيرا من واقع المؤسسة التربوية وبقيت الحجرات التي يرتادها المتمدرسون تضيق بهم ،وتؤثر على شروط التحصيل الجيد والتجاوب الفعال والسلس بين طرفي العملية التعليمية وبقيت الصورة الهزيلة للمؤسسة التربوية ملازمة لها.
فيما لم يغير الحديث عن الحكامة شيئا من مرارة الواقع وعجز عن إقناع الشركاء والفاعلين التربويين وخاصة الممارسين منهم بجدوى أي إصلاح ،و بقيت آليات الرقابة والمحاسبة والحزم والصرامة .. مقتصرة على الحلقة الضعيفة في المنظومة (المدرس) الذي يعيش في الجبال وفي البوادي النائية في الفرعيات في ظروف يغيب عنها الحد الأدنى من شروط العيش،بدون كهرباء ولاشبكة للهاتف وندرة وسائل النقل وفي أغلب الأحيان بدون مراحيض،مع اتهامه بالمسؤولية عن تدهور القطاع إلى أن يثبت العكس، فيما تتضاعف التعويضات السخية التي يتقاضاها المسؤولون الكبار بوزارة التربية الوطنية،عن السكن والهاتف والماء والكهرباء والتدفئة!
وإذا كان البرنامج الاستعجالي قد ارتكز على مبدأ أساسي تمثل في جعل المتعلم في قلب منظومة التربية والتكوين، فإنه قد جعل المدرس على الهامش،مختزلا دوره في التلقين وتطبيق التعليمات نازعا عنه دور مربي الأجيال..
أما المسألة الأكثر اهمية فهي إغفال التمييز بين التعليم في العالم الحضري وشبه الحضري من جهة وفي البوادي النائية من جهة ثانية رغم التفاوت الهائل القائم بينهما على مستوى توزيع الموارد البشرية وعلى مستوى البنيات وهزالة ظروف الاشتغال وهو معطى طبيعي فرضه ضعف أو غياب البنيات التحتية عن تلك المناطق.
والواقع أن أي إصلاح للمنظومة التربوية يجب أن ينطلق بالضرورة من:
1-تقييم دقيق يكشف الاسباب الحقيقية التي أدت الى فشل البرنامج الاستعجالي الذي قضم أموالا ضخمة من ميزانية الدولة ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.
2- أن يأخذ بعين الاعتبار أن متطلبات إصلاح التعليم في المدار الحضري وشبه الحضري هي غيرها في العالم القروي ،بحكم "المعيقات الطبيعية" القائمة هناك والتي تنهل من ضعف مؤشرات التنمية في البوادي، فإذا كان إصلاح المنظومة في المدن مرتكزا بشكل أساسي على الجانب البيداغوجي -البرامج أو المقررات والتكوين المستمر للمدرسين مع تطوير دور الإدارة التربوية وتعزيز المراقبة التربوية..- ،فإن التعليم في المناطق القروية يمكن أن يتم في إطار التنمية ،بمعنى أن تلك المناطق لا تحتاج إلى المدرسة الابتدائية فقط بل إلى إعداديات وثانويات- (التي تبقى تغطيتها جد محودة)، حتى يتمكن أبناء تلك المناطق من متابعة دراستهم-، كما أنها تحتاج إلى مرافق أخرى ضرورية لاتقل أهمية خصوصا المستشفيات والطرق .. والتي لها علاقة بحياة وصحة المواطنين هناك وعيشهم اليومي..
3-توفير الأجواء الملائمة لممارسة مهنة التدريس لإعادة الاعتبار للمدرس كمربي وشريك أساسي ولا تحصر دوره في التلقين و من خلال تحسين الظروف المادية والمعنوية للعاملين في القطاع،وإقرار تعويضات للمدرسين في العالم القروي خصوصا في المناطق النائية وخوض تجربة المدارس الجماعاتية.
4-أن يتم الإصلاح بطريقة تشاركية -بعد أن أثبتت التجارب فشل المقاربات الفوقية- بين مختلف الشركاء التربويين والاستماع إلى أولئك الذين يرابطون في الخطوط الأمامية والذي يلقى على عاتقهم تنزيل البرامج.
إن الرقي بالتعليم الذي يعتبر أساس قيام تنمية مستدامة في أي بلد، يجب أن ينطلق من الرقي بالموارد البشرية وتوفير العيش الكريم لها -وهو الأمر الذي يشكل ضامن انخراطها في الإصلاح - عوض الواقع المهين الذي يعيش فيه رجال ونساء التعليم بالبوادي، ثم تحفيزهم وبعد ذلك مساءلتهم ومحاسبتهم، أما القفز فوق المشاكل التي يعانون منها بدعوى أنها "خطب" تخفي خلفها مطالب أخرى،فهو ينذر بفشل أي إصلاح جديد للقطاع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.