أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء        عطب تقني يربك حركة ترامواي الرباط سلا ويقلص مجال التنقل    البنك الألماني للتنمية يقرض المغرب 450 مليون أورو    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مقاطعة انتخابات ممثلي المهنيين في مجموعة صحية جهوية    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تدين عملية الهدم في حي المحيط والتهجير "القسري" للمهاجرين    وزارة التجهيز والماء تتخذ تدابير عملية لضمان استمرارية حركة السير وتأمين سلامة مستعملي الطريق    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    تمارين في التخلي (1)    القضاء التجاري بالدار البيضاء يأمر بإرجاع المفصولين إلى العمل بفندق أفانتي وأداء أجورهم        الفدرالية المغربية لمقاولات الخدمات الصحية.. انتخاب رشدي طالب رئيسا ورضوان السملالي نائبا له    مونديال 2026: ال"فيفا" يطلق تذاكر ب60 دولارا ل "المشجعين الأوفياء"    محكمة تلزم باريس سان جيرمان بدفع أكثر من 60 مليون يورو لمبابي    منفذ "اعتداء بونداي" يتهم بالإرهاب    استنفار بجماعة مولاي عبد الله لتفادي تدفق مياه واد فليفل لعاصمة دكالة    مركز إيواء يستقبل مشرّدي المحمدية    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    موجة البرد القارس: مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق عملية دعم لفائدة 73 ألف أسرة في 28 إقليما    كأس إفريقيا 2025: بطاقة ب50 درهما وتخفيض 30% وبرنامج قطارات خاص للجماهير    عوامل مناخية وراء التقلبات الجوية التي يعرفها المغرب: "لانينيا" تُضعف المرتفع الأزوري والاحتباس الحراري يُكثّف التساقطات    نقد مقولة "استنفاد التجربة": في تقييم حزب العدالة والتنمية ومنطق الإنهاء السياسي    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    بونو: "الأسود" متحمسون ل"الكان"        توقعات بأرقام قياسية في "الكان"    رصيف الصحافة: مباريات كأس إفريقيا تمدد أوقات إغلاق المقاهي والمطاعم    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    وزارة التجهيز والماء تعبئ إمكانياتها لإزالة الثلوج وضمان حركة السير بعد اضطرابات جوية    تماثل للشفاء    هيئات تطالب الحكومة بإعلان مدينة آسفي منطقة منكوبة وتعويض المتضررين وإنصاف الضحايا    بنكيران: تلقيت تعويضا بقيمة 100 مليون سنتيم بعد إعفائي من تشكيل الحكومة    الحكم على نادي باريس سان جرمان بدفع 61 مليون أورو لفائدة مبابي كمكافآت ورواتب غير مدفوعة    دعوات لإعلان آسفي منطقة منكوبة    ترامب يطالب BBC ب10 مليارات دولار تعويضاً عن تهمة التشهير        أبرز أحزاب المعارضة الكولومبية يرشح مؤيدة لترامب لانتخابات 2026 الرئاسية    مسلحون يقتلون 3 أمنيين في إيران    أبرز عشرة أحداث شهدها العالم في العام 2025    الإعلام الفرنسي يرشّح المغرب للتتويج بكأس إفريقيا 2025    إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف لوس أنجلوس في ليلة رأس السنة    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب على غزة او عندما يتم التطبيع مع الموت
نشر في أخبارنا يوم 30 - 07 - 2014

لم يعد الآن من الممكن الحديث عن التقدم كمبدأ عرفته الإنسانية، فإذا كانت الحروب العالمية قد حطمت أسطورة التقدم كمبدأ مؤسس للحداثة، فإن المجازر الاسرائلية ضد الشعب الفلسطيني تكون قد أعلنت نهاية الحداثة الغربية على المستوى السياسي، وأنها تخلت عن مشروعها الإنساني مؤسس لروحها، فهي تملك من القدرة ما يكفي لإدانة الحملات العسكرية ونصرة الشعب الفلسطيني انتصارا للإنسانية، من هذا المنطلق ينبغي التخلي عن كل الخطابات السياسة ذات النزعة الإنسانية في الفكر الغربي، واقتصر هنا على السياسة الغربية أي "أوروأمريكية" لكوني أتحدث عن القرارات السياسية التي ينبغي أن تصدر من مؤسسات رسمية، فليس لدينا أي شك في وجود ملايين الأوروبين الرافضين للسياسة الإسرائيلية والمنتصرين لقضية الشعب الفلسطيني، لذلك يبقى هذا التمييز ضروريا، ويبقى من الضروري كذلك الكشف عن كيف تحول الموت في الفلسطين مختلف كليا عن تجربة الموت التي تنكس فيها الأعلام البيضاء.
الموت تجربة مؤلمة إذا حل في بلدة ما تتغير العادات والتقاليد، ويتذكر الجميع الله قاصدين المساجد والكنائس كما يتمنى كل شخص على أن لا يكون الموت قد ضرب معه موعدا المرة القادمة، إلا أن هذا الحدث القدري يبقى حدثا عاديا في فلسطين، فقد تصادفه في كل مكان، في الأزقة والشواع، قد تصادفه وأنت في الشاطئ أو في طريق الى المسجد، أو أنت راكعا، فليس للموت هناك موعدا، واعتاد أن يأتي بدون مقدمات، قد يغتالك الموت في أي لحظة، وأمام كاميرات دولية تخلد لحظات معانات الشعب الفلسطيني، في النهاية هو موت لا يجيد الاختيار.
هكذا اختلط في قطاع غزة ألم الحياة بفظاعة الموت فتحول القطاع الى سجن تحاصره جنود مرصعة بنجوم ذهبية، يتوعدن حلم الفلسطيني بقضية السلام، لا سلام ممكن فاليهودي لا يؤمن بالحاضر والمستقبل بالنسبة إليه غامص، ولم يتعلم ما يكفي من القيم، فكل القيم التي تعلمها هي أن يصدر الموت الى جيرانه عبر قذائف الهاون أو طائرات بدون طيار، التي توزع الموت كل يوم على أمل أن يتحول القطاع الى مقبرة كبيرة يسكنها الموتى، تسهل مراقبتهم، فالإسرائيلي لا يثق حتى بالموتى فحراستهم واجبة.
إن تجربة الموت هذه ربما طبع معها المجتمع الدولي، فموت لاعب كرة، أو مغني مشهور أو ملك، أو رئيس جمهورية، يعتبر حدثا فضيعا تغلق فيه الحانات وتتوقف فيه المسلسلات وتتلى فيها آيات من الكتب المقدسة، تنظم أيام من الحداد وتعلن حالة الطوارئ، وتخلد ذكراه سنويا وكأنه إلها، بينما يموت مئات الفلسطينين كل يوم ولا أحد يكترث لقضيتهم، لا يجدون مرثيا ولا قارئا، لا يقف أحدا دقيقة صمت للدعاء لأرواحهم الخالدة، فهم منسيون في الموت والحياة، لذلك ينبغي تذكير المجتمع الدولي على أن الموت واحد ولا يمكن دولنته أو إباحته لا يمكن شرعنة الموت، ولا تبريره، فاذا كان الاعدام مرفضا في المحاكم، فهل من المعقول أن يباح الدم الفلسطيني؟.وهل من المعقول أن يتعرض الشعب الفلسطيني الى عقاب جماعي ؟.
لا يمكن بأي حال أن يبرر الموت، مهما كانت الأسباب والدوافع، ومهما كانت الأهداف والغايات لا يمكن أن يسلب أي فرد من حقه في الحياة، حقه في الحفاظ على وجوده البيولوجي، على أمله في استشراف المستقبل، لأن كل الأشياء تبرر إلا الموت. لذلك نقول لإسرائيل لا يمكن أن تبرر قتلك للفلسطيني دفاعا عن حياة إسرائيلي، لا يمكن أن تحرم الفلسطينين من النوم من أجل أن يحلم إسرائيلي بسلام في نومه، فإذا كان من حق الإسرائيلي أن يستمع بالحياة، فليس من حقك حرمان الفلسطيني من هواء غزة، لا يمكن لأسرائيل أن تبرر قتلها للفلسطنين مهما كانت الأسباب والدوافع، كما قلنا فالموت لا يبرر ولا يمكن أن يسمح به القانون والأعراف الدولية، لأنه من غير المعقول أن يرفض قرارالإعدام في المحاكم، وأن يباح الدم الفلسطيني في المحافل الدولية والسياسة الإسرائيلية، وكأن الدم الفلسطيني أصبح رخيص الثمن، لهذا ينبغي ليس إدانة إسرائيل فقط، وإنما محاكمتها طبقا للقوانين الدولية لارتكابها جرائم حرب ضد الإنسانية.
لقد تحولت القضية الفلسطينية الى قضية قدرية، كل محاولات السلام باءت بالفشل، رغم المحاولات الجادة التي قام بها رئيس الوزراء إسحاق رابين الذي اعترف بدولة فلسطين مانحا إياها حكما ذاتيا في عهد رئيس الراحل ياسر عرفات، إلا أن اغتياله من طرف يهودي متشدد كان بمثابة نهاية الأمل بالنسبة لأحفاد النبي إبراهيم في السلام، ومنذ صعود يهود باراك وأرييل شارون لم تعرف القضية الفلسطينية أي جديد، حرب دائمة، مع الاستمرار في توسيع المستوطنات وتمزيق الأراضي المقدسة.
ينبغي أن يثير اهتمامنا في هذه الحرب أنها ليست حربا على فلطسين، وإنما حرب على غزة فقط، هكذا بدأ يحل تدريجيا قطاع غزة بدل دولة فلسطين، وكأن القطاع أصبح دولة قائمة بذاتها، وبتالي جزئت إسرائيل فلسطين ونجحت في تضييق الحصار على المقاومة الفلسطينية، لأنها أصبحت متموقعة في بقعة جغرافية صغيرة جدا يسهل مراقبتها الى حد ما، كما أن سياسة شن هجمات عسكرية في أيام معدودة والعودة الى الوراء لا يبرر هزيمة إسرائيل كما اعتاد إعلامنا الفاشل الترويج لها، وإنما هي خطط إسرائيلية من أجل تجنب المساءلة الدولية وحتى يطبع كل من يحمل في قلبه بقايا الإنسانية مع العدوان الإسرائيلي، لأن تكرار الأحداث بنفس الكيفية يؤدي مع مرور الوقت الى خلق نوع من الرتابة والتطبيع، وهذا الى حد ما نجحت فيه إسرائيل، فالمواطن العربي طبع بما يكفي مع استشهاد الفلسطينين، لقد أصبح قدرهم، ونحن نؤكد على مواطن العربي بدل السياسيون العرب، فهؤلاء، مخترقون جميعا من الموساد الإسرائيلي، وعروشهم تفوح منهم روائح الفساد، يستطيعون إرسال الهدايا للأموات، لكن لا يمكن أن يتوعدوا اسرائيل، خوفا على عروشهم المزيفة، فهم سيظلون الى الأبد رعاة لمصالحهم الشخصية خادمين لأسرهم البرجوازية، مطيعين للسياسة الغربية، مادام البيت الأبيض هو الضامن الوحيد لكراسيهم التي لا نتمنى أن تظل أبدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.