أخنوش: نجحنا في خفض التضخم ونواصل ضبط التوازنات الماكرو اقتصادية    لقاء دولي في الداخلة يناقش التكامل بين التربية الإعلامية وصحافة الجودة (صور)    غريب.. الحكم على منصف المرزوقي بالسجن 22 عاما لجرائم على صلة ب"الإرهاب"    وكالة بيت مال القدس تحيط وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بمبادراتها الإنسانية المتواصلة تجاه الفلسطينيين    تكريم الناخب الوطني وليد الركراكي في مؤتمر المدربين الدولي بمدريد    شحنة "حشيش" طافية تستنفر مصالح الدرك البحري قبالة سواحل الحسيمة    السلطات تشرع في تأمين تزويد مدينة تطوان ومنطقتها الساحلية بالماء الشروب انطلاقا من سد الشريف الإدريسي    كورال نساء طنجيس يحيي سهرة فنية كبرى بطنجة يخصص جزء من مداخليها لفائدة المركز الاجتماعي الزياتن    موازين 2025.. زياد برجي يشيد بالأغنية المغربية كنموذج للإبداع والتنوع    عضة كلب شرس ترسل فتاة في مقتبل العمر إلى قسم المستعجلات بالعرائش وسط غياب مقلق لمصل السعار            عرض أوبرا صينية يُبهر جمهور مكناس في أمسية ثقافية مميزة    المدير العام لنادي مالقة الإسباني لكرة القدم: أكاديمية محمد السادس حاضنة للتميز في خدمة الكرة المغربية    صحافية إسبانية استقصائية تفضح انتهاكات البوليساريو وسرقة المساعدات في تندوف    من العيون.. ولد الرشيد: الأقاليم الجنوبية، منذ المسيرة الخضراء، عرفت تحولات كبرى على كافة المستويات    مهرجان كناوة .. منصة مولاي الحسن على إيقاع حوار الكمبري والعود والأفروبيتس    مونديال الأندية.. الوداد ينهي تحضيراته لمواجهة يوفنتوس غدا الأحد    روبي تشعل منصة موازين بالرباط بأغانيها الشبابية    الوزير السكوري يعفي مديرة "لانابيك" بعد 14 شهرا على تعيينها    إسرائيل تعلن اغتيال قيادي إيراني    بدء أعمال "خارجية التعاون الإسلامي"    شكوى ضد ميرتس بسبب تصريحة الذي تضمن عبارة "نازية".. إن "إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عنا جميعاً"    اتصالات المغرب تستثمر 370 مليار لتطوير الأنترنت في مالي وتشاد    هزة أرضية جديدة ببحر البوران قبالة سواحل الريف    إعلامي مكسيكي بارز : الأقاليم الجنوبية تتعرض لحملات تضليل ممنهجة.. والواقع بالداخلة يكشف زيفها    حفل "روبي" بموازين يثير الانتقادات    العاصمة الرباط تطلق مشروع مراحيض عمومية ذكية ب 20 مليون درهم        العجلاوي: المغرب لا يفاوض على مغربية الصحراء وقد يعتمد مجلس الأمن مبادرة الحكم الذاتي في أكتوبر    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المؤتمر الدائم للغرف الإفريقية والفرنكوفونية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    اعتقال 10 متورطين في شبكة مخدرات بالناظور    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    تدشين القنصلية العامة للمغرب بمونت لاجولي    نادية فتاح تتوَّج كأفضل وزيرة مالية في إفريقيا لعام 2025: المغرب يواصل ريادته في التنمية القارية    الترجي يسجل أول فوز عربي وتشيلسي ينحني أمام فلامينغو وبايرن يعبر بشق الأنفس    بوشهر في مرمى النار.. هل يشهد العالم كارثة نووية؟    وكيل النجم البولندي ليفاندوفسكي: الانتقال ممكن للدوري السعودي    كيوسك السبت | ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب بنسبة 55 بالمائة    "ليفربول" يتعاقد مع الألماني "فلوريان فريتز"    البنك الأوروبي يقرض 25 مليون دولار لتطوير منجم بومدين جنوب المغرب    محمد الشرقاوي يكتب: لحظة الحقيقة.. ما لا يريد أن يراه مناصرو التطبيع ووعّاظ الاتفاقات الإبراهيمية!    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    تراجع أسعار الفائدة قصيرة المدى في سوق السندات الأولية وفق مركز أبحاث    الفيفا يعلن آخر التعديلات على قانون كرة القدم .. رسميا    بين الركراكي والكان .. أسرار لا تُروى الآن    محمد أشكور عضو المجلس الجماعي من فريق المعارضة يطالب رئيس جماعة مرتيل بتوضيح للرأي العام    فضيحة "وكالة الجنوب".. مؤسسة عمومية أم وكر مغلق لتبذير المال العام؟    حرب الماء آتية    توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى 69 على وفات رسول السلام خلال القرن العشرين
نشر في العمق المغربي يوم 30 - 01 - 2017

يعتبر المهاتما غاندي من بين الشخصيات التي زينت تاريخ البشرية، ترك سيرة فريدة و متميزة يستفيد منها كل إنسان باختلاف أيدولوجيته لأنها تعطي صورة لأنسان عاش حياة بسيطة بث من خلالها قيم المحبة و التسامح و التعاون و التضامن و نصرة الضعيف و الوقوف أمام كل أشكال الظلم و التمييز العنصري و الطبقي و نضاله مع العمال و الفلاحين من أجل تسوية أوضاعهم و انتزاع حقوقهم.
ولد موها نداس كارمشند غانديفي الثاني من أكتوبر سنة 1869م في بلدة بورباندار على الساحل الغربي للهند، لأسرة متوسطة الحال تنتمي إلى طبقة ال "فيشيا"، التي تعمل في التجارة و الصناعة، وهي الطبقة الثالثة في الترتيب الطبقي الاجتماعي في الهند، بعد "البراهما" و "الكشاتريا". في عام 1876م دخل غاندي مدرسةراجكوت ثم انتقل إلى المدرسة الثانوية عام 1881م، وتخرج منها عام 1887م. وأثناء دراسته المرحلة الثانوية تزوج غاندي وعمره آنذاك الثالثة عشرة سنة بزوجته-رفيقة دربه-كاستورباي و التي كانت في نفس عمره تقريبا، ورزق منها بأربعة أطفال.
سافر بعد ذلك إلى بريطانيا لدراسة القانون وبعد عودته إلى الهند عام 1891م مارس المحاماة في راجكوت ولما لم ينجح نجاحا لم يذكر،فإنه توجه إلى جنوب أفريقيا ليعمل محاميا لدى أحد الشركات، وعند وصوله إلى جوهانسبورجلاحظ غاندي أن الهنود لم يكونوا موضع احترام كبير. بل إن غاندي نفسه تعرض لبعض المضايقات بسبب كونه هنديا ملونا و بالأخص عند استخدامه السكك الحديدية في السفر و التنقل و الترحال. وغير ذلك من المعاملات التي تنتقص من قيمته و كرامته بوصفه إنسانا أولا وأخيرا، وبقي في جنوب أفريقيا إحدى وعشرين سنةصرفها كلها في الدفاع عن حقوق الهنود. يذكر بأن غاندي في عام 1904م أصدر صحيفة أسبوعية أسماها "الرأي الهندي" وعلى صفحاتها كان يشرح مبادئ "الساتياغراها"، أو "الساتياغراهي"، حيث الحق و المقاومة بطريق اللاعنف، أو بتعبير آخر " القوة المنبعثة من الحق ومن المحبة" وهي كذلك تعني "الحركة المنزهة عن كل عنف".
بدأ كفاحه الوطني ضد الاستعمار البريطاني في عام 1914م وبعد سنة أنشأ المهاتما مؤسسة "أشرام" الاجتماعية لمساعدة المنبوذين وإيوائهم وقاد مظاهرات وشن حملة واسعة على القوانين التي يصدرها المستعمر التي تقيد الحريات المدنية و من بينها قانون "رولات" ودعا الشعب الهندي إلى التظاهر السلمي و ترك اللجوء للعنف. رغم أن الاحتلالالبريطاني استعمل سياسة العنف في تفريق المتظاهرين حيث تم إطلاق الرصاص عليهم فأسفر عن هذا الحادث مقتل 400 شخص و جرح أكثر من 2000 من المدنيين الهنود،فهذه المجزرة قد زادت من تصميم غاندي على مواجهة المحتلين بالمزيد من الوسائل السلمية، اللاعنفية، فأعلن عام 1920م اعتماد سياسة الساتياغراها وهي تعني سياسة اللاعنف في مقاومة الاحتلال ولخص معالم هذه السياسة في النقاط التالية:
- ترك التعاون مع سلطات الاحتلال في إدارتها واستغلالها للبلاد.
- رفض الألقاب و المناصب التي تخلعها بريطانيا على الهنود.
- مقاطعة شاملة للبضائع البريطانية.
- مقاطعة الخدمة العسكرية و ترك دفع الضرائب و مقاطعة المحاكم البريطانية.
ومن بين المواقف التي تميز و تفرد بها غاندي نذكر منها:
رفضهللغش، يغفر لضاربه، يقوم بالصلح بين المختصمين، يعتمد على نفسه، يحب كل الناس، يطهر نفسه أولا، يرفض الهدايا، ينظف دورات المياه، يهتم بأحوال الفلاحين، متواضع ومقاوم للفروق الطبقية، البساطة و الحكمة، أمانة الوسيلة، التزام الحقيقة، التوفير، التربية و النظافة و حفظ الصحة، قيمة الوقت، اللاعنف، احترام الرأي الآخر، عقيدة الصوم، تغيير العادات الاجتماعية، زواج الأرامل، نهضة النساء، عدم المبالغة، ينشر الحق، الاندماج بين المواطنين، حرية حق العبادة، الوحدة الوطنية، مقاطعة الأقمشة الأجنبية، اهتمامه بالغزل اليدوي، يأكل ليعيش لا يعيش ليأكل، المال وسيلة لا غاية، الخدمة العامة، طلب الحرية...
استمر كفاحه لمدة ثلاثة وثلاثين سنة حتى نالت الهند استقلالها سنة 1947م، لكن غاندي حزن كثيرا بسبب تقسيم الهند إل دولتين مستقلتين هما: الهند وباكستان. وقد أصر على رفض التقسيم ورفض المشاركة في احتفالات الهند الاستقلال، وانسحب من ميدان العمل السياسي وانصرف إلى عبادته.
فهو الزعيم الروحي للشعب الهندي و قائد نضاله التحرري ضد الاستعمار البريطاني، كما يعتبر أحد كبار القادة السياسيين في العالم خلال القرن العشرين.
يقول غاندي في ختام مذكراته تحت عنوان " في سبيل الحق أو قصة حياتي":
إن لتجاربي قدرا كبيرا في حياتي، وإن كنت لا أدري هل استطعت أن اوفيها حقها من العرض السليم، وكل ما أستطيعأن أقوله هو إنني لم أدخر لكي أروي قصة حياتي بصدق وأمانة. لقد كان جهدي كله متجها إلى تقصي الحق كما تجلى لي، فكان ذلك معينا لا ينضب من المدد الروحي الذي بعث إلى نفسي الاستقرار و السكينة و أوحى إلى عقلي بالهدوء و السلام، فإن أعظم امنية لي من رواية تجاربي هي أن يكون فيها ما يعيد الإيمان بالحق وبالمحبة لمن كان مترددا أو كان في قلبه زيغ.
فلقد أقنعتني تجاربي في مختلف نواحي الحياة بأنه ما من إله غير الحق. وإذا كان في صفحات هذه الفصول ما لا يوحي إلى القارئ بأن الطريق الوحيد للوصول إلى الحق هو طريق المحبة، فلا مناص لي من أن أعتبر أن كل ما بذلته من جهد في تصنيف هذه الفصول قد ضاع هباء منثورا، وحتى إذا كانت جهودي في هذا السبيل لم تثمر، ولم تؤت أكلها، فرجائي إلى القارئ أن يذكر أن الخطأ في ذلك إنما هو في طريقة العرض، لا في المبدأ نفسه. على أن جهودي في سبيل نشر المحبة مهما كانت خالصة مخلصة فهي بالضرورة غير كافية وغير مبرأة من كل شائبة. فاللمحات السريعة التي استطعت فيها أن أتبين الحق لا تمكن أن تعطي صورة كاملة عن نور الحق المتلألئ الذي يسمو في إشعاعه على نور الشمس الساطعة، الذي نراه بأعيننا كل يوم، ملايين المرات. بل الواقع أن ما رأيته من ذلك النور ليس إلا بصيصا خافتا من نور الحق المشرق، ولكن شيئا واحدا مع ذلك أستطيع أن أقوله بثقة و يقين بعد كل تجاربي، وهو انه لا سبيل إلى رؤية الحق إلا بعد السمو إلى أقصى المراتب في محبة الكائنات جميعا.
نعم، فلكي نستطيع أن نشاهد روح الحق التي تسود الكون و تتخلل كل جنب من جنباته و نلقاها وجها لوجه يجب أن نتعلم كيف نحب أدنى المخلوقات وأقلها شأنا كما نحب أنفسا، و الرجل الذي يطمع في ذلك يستطيع مع ذلك أن ينأى بنفسه عن اي ميدان من ميادين الحياة، وهذا هو السبب في أن إخلاصي للحق قد جذبني إلى ميدان السياسة. وإني لأستطيع أن أقول من غير تردد على الإطلاق، ولكن بتواضع كبير، إن من يقولون بأن الدين لا شأن له له بالسياسة لا يعرفون كنه الدين.
وكذلك لن يستطيع المرء أن يتعرف على كل شيء حي إلا إذا طهر نفسه من أدرانها. فمن غير أن يطهر الإنسان نفسه ستبقى كل طاعة لقانون المحبة حلما غامضا وسرابا يخدع الناظرين، والله تعالى لن يتجلى لمن كان قلبه أعمى، لذلك كان تطهير النفس معناه تخليصها من جميع أدرانها فيكل ناحية من نواحي الحياة. ولما كان تطهير النفس ينتقل بالعدوى كان تطهير الإنسان لنفسه باعثا على تطهير البيئة التي يعيش فيها.
غير أن طريق شاق شديد الانحدار، ولكي يصل الإنسان إلى أكمل درجات الطهر يجب أن يتخلص في تفكيره، وفي حديثه، وفي فعله، من كل أثر للشهوات، وأن يرقى بنفسه فوق مستويات التذبذب بين الحب و الكراهية، بين الوصل و البعد. وإني لأدرك أنني لم أصل بعد إلى الطهر المنشود في هذه النواحيالثلاث، على الرغم من جهودي التي لا تنقطع في سبيل ذلك، ولهذا كان إطناب العالم كله لا يهزني أو يحركني، بل إني كثيرا ما أحس بوخزه.
وإن قهر الشهوات الكامنة في النفس لهو أشق بكثير من قهر العالم بحد السيف، وقد أحسست منذ عودتي إلى الهند بأثر هذه الشهوات التي ترقد في كوامن النفس و تختفي في أعماقها، فكان إحساسي بذلك يشعرني بالذلة و الهوان وإن لم يشعرني بالهزيمة.
ومع ان تجاربي كانت تشد من أزري وتبعث في نفسي سرورا عظيما، فإني أعلم مع ذلك.
علم اليقين أن الطريق أمامي لا يزال طويلا ووعرا، وأن علي أن أُقص من قدر نفسي وأن أتضاءل حتى أكون صفرا، فإنه لا سبيل إلى خلاص المرء إلا إذا اتخذ مكانه طائعا مختارا في نهاية الصف بين زملائه في البشرية. ذلك أن المحبة و التعفف عن العنف و الكراهية هما أعلى مراتب التواضع.
وإني إذ أودع القارئ الآن، على الأقل مؤقتا، أرجو منه أن يشاركني في الدعاء إلى الإله الحق أن يسبغ عليَّ نعمة المحبة في تفكيري، وحديثي، وفعلي.
المراجع:
-كتاب "غاندي رسالة اللاعنف و التسامح" للكتاب رامي عطا صديق(تقديم : فايز فرح).
-كتاب مهاتما غاندي سيرة ذاتية-نشرها مستر اندروز ( ترجمة: اسماعيل مظهر- تحرير و تقديم: د.أحمد الهوارى)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.