اعتبر الملك محمد السادس، اليوم الإثنين، أن كل أرض تهجرها الحياة يستوطنها انعدام الأمن، مشددا على أن الأمن الغذائي والأمن الإنساني، والأمن بوجه عام، أصبح إلى جانب الأمن البيئي، موضوعا على المحك. وقال الملك إن المناطق المعروفة بتدهور ظروفها البيئية بشكل بالغ، هي في الغالب، المناطق نفسها التي تندلع فيها الصراعات والنزاعات، ويضطر فيها السكان للنزوح والهجرة، وتسعى الجماعات الإرهابية والانفصالية إلى التسلل إليها. جاء ذلك في خطاب وجهه الملك محمد السادس، إلى قمة قادة الدول ورؤساء الحكومات حول التصحر والتدبير المستدام للأراضي، والتي انطلقت أشغالها اليوم الإثنين بالعاصمة الإيفوارية بأبيدجان، وهو الخطاب الذي تلاه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي. وأوضح الملك أن "مكافحة التصحر وتدهور الأراضي لتمثل بحق، معركة من أجل البقاء، يتحتم أن ينخرط فيها الجميع، ولا سيما إفريقيا. بل ويجب ألا يقف في طريق هذا الكفاح، لا غياب القدرات التكنولوجية، ولا انعدام الموارد الاقتصادية، بل ولا حتى ضعف الإرادة السياسية". وأضاف أن "الجبهات التي يجب أن نخوض فيها غمار معركتنا ضد التصحر، تتمثل في الحد من قابلية التأثر بالجفاف، وبناء القدرات من أجل الإدارة المستدامة للأراضي؛ والعمل على تضافر الجهود الإقليمية والدولية ؛ وتيسير إعداد وتنفيذ حلول تستهدف مشكلات محددة، والتحكم في استغلال الموارد المائية. تلكم هي معركتنا جميعا، في كل آن وحين". وفي هذا الصدد، هنأ الملك، رئيس جمهورية كوت ديفوار، الحسن درامان واتارا، على "التنظيم الناجح لهذه القمة المنعقدة حول الجفاف والتدبير المستدام للأراضي، على هامش الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر (كوب 15)". وقال إن "هذه المبادرة المحمودة لمضيفنا الكريم الرئيس واتارا، لتجسد قوة العزم على تعبئة ملموسة لمواجهة مشكلة الجفاف، التي تشكل تحديا هيكليا في قارتنا الإفريقية، أكثر من أي مكان آخر. كما أنها تعكس بجلاء صورة هذه القارة الإفريقية العزيزة علينا جميعا: إفريقيا المبادرة التي تأخذ زمام مصيرها بيدها". وشدد الملك محمد السادس في خطابه إلى المؤتمر، على أن تغير المناخ ليس قضية نظرية ولا موضوعا للنقاش العقيم، بل هو واقع مؤلم وقاس، ما فتئت آثاره الوخيمة تتزايد بفعل تعاقب موجات الجفاف بشكل أكثر حدة وتدميرا. وأشار إلى أن "تعاقب فترات الجفاف، وما ينتج عنه من تدهور للتربة، أضحى يشكلان تحديا كبيرا وحقيقيا. فقد مست آثارهما، خلال العقدين الماضيين، أكثر من مليار ونصف المليار شخصا في العالم، وتسببا في خسائر اقتصادية تفوق 124 مليار دولار". أما في إفريقيا، يضيف الملك، "فقد أصبح التصحر يهدد ملايين الهكتارات، بفعل زحف الرمال الذي يتزايد في بعض المناطق بمعدل خمسة كيلومترات في السنة، علما بأن تدهور الأراضي يشكل عاملا يسهم في استفحال أوجه الضعف والهشاشة".