" الحرب الإمبريالية على إيران" الحلقة 4كسر الاحتكار النووي: من يردع الكيان الصهيوني النووي؟    انتحار وزير النقل الروسي رومان ستاروفويت بعدما أقاله بوتين من منصبه    سعيدة شرف تعيد الروح للتراث الحسّاني المغربي بأغنية "ليلى ليلى"    المصادقة على إحداث مجموعة جماعات "جبالة" لتحسين الربط الطرقي بتطوان    موجة حر قاتلة تضرب البرتغال وترفع حصيلة الوفيات ل284 حالة    بلاغ يعلق على وفاة أستاذ في البيضاء    أخنوش: إصلاحات جذرية لتحسين أوضاع مهنيي الصحة وتقليص هجرة الكفاءات    أرقام مقلقة وخطة صيفية طارئة.. نارسا تواجه شبح حوادث السير        فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2026    الدوري الفرنسي يرشح أشرف حكيمي للكرة الذهبية بعد موسم استثنائي    انطلاق أشغال بناء المحطة الجوية الجديدة بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء    برمجة دورات تكوينية بعد توقيع محضر الخروج يغضب الأطر التربوية    تجريدة من القوات المسلحة الملكية تشارك في احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال جمهوية القمر الاتحادية    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    نفق المغرب-إسبانيا يعود إلى الواجهة.. حلم الربط القاري يقترب من التحقق بعد 40 سنة من التعثر    منصة يوتيوب تضيف ميزة مشاهدة المقاطع القصيرة بوضع أفقي    الكاف تضاعف دعم الأندية وتستعد لعقد شراكات بمليار دولار لتطوير الكرة الإفريقية    "خريف العمر" و"ربيع" يمثلان المغرب في مهرجان السينما وحقوق الإنسان بنواكشوط    المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بالرباط .. باحثون من أزيد من 100 بلد يناقشون «اللامساواة الاجتماعية والبيئية»    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    البروفيسور عيشان يحذر من مخاطر المكيفات الهوائية على مرضى الحساسية    بورصة البيضاء تحقق حصيلة إيجابية    بنسعيد يوقع مذكرة تفاهم مع مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    مصرع فتى غرقا إثر سقوطه في حوض مائي غير محروس بالنواصر    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    إقصائيات بطولة المغرب العسكرية للقفز على الحواجز 2025 (أسبوع الفرس).. النقيب بدر الدين حسي يفوز بجائزة القوات المسلحة الملكية    جهة سوس–ماسة تحتضن اللقاء الجهوي السابع حول الشباب والمشاركة المواطنة    الكرواتي إيفان راكيتيتش يعتزل بعمر السابعة والثلاثين    تكوين في التحري عن ادعاءات التعذيب    قرب الانتخابات يجدد نقاش جدوى المشاركة الأمازيغية في المشهد الحزبي    ترامب: خطة ماسك "حطام قطار"    أسعار النفط تتراجع        رداً على ادعاءات مغلوطة.. إدارة سجن رأس الماء بفاس توضح حقيقة تعرض سجناء للابتزاز            منع الباحث أحمد ويحمان من دخول افتتاح المنتدى العالمي للسوسيولوجيا    اتفاقية لإدماج 110 من الأطفال والشباب في وضعية هشة بالدار البيضاء                    أبرزهم أوناحي.. أولمبيك مارسيليا يُنزل 6 لاعبين إلى الفريق الرديف    طوفان الأقصى: عودة إلى نقطة الصفر    محمد بهضوض... الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    افتتاح متحف للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في هونغ كونغ    تراجع الذهب نتيجة التقدم في تمديد مهلة الرسوم الجمركية    بالأرقام.. المغرب في طليعة الذكاء الاصطناعي: نحو ريادة عالمية برؤية شاملة وأخلاقيات راسخة    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    رئيس وزراء ماليزيا: "البريكس" أمل الجنوب العالمي لنظام دولي أكثر عدلاً    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاربة ظاهرة تعنيف الأطفال
نشر في العمق المغربي يوم 21 - 04 - 2024

تبدو السادية جلية بنوع من التوحش عند استعمال العنف ضد الأطفال، وتدمير الآخر الذي ليس سوى من سيحمل مشعل استمرار هذه الحياة مستقبلا. ذلك أن العنف ضد الأطفال يعتبر ظاهرة مروعة تخالف كل قيم الإنسانية والأخلاق، وتترك آثارا مدمرة على ضحاياها الصغار، جسديا ونفسيا واجتماعيا. وهذا العنف ليس سوى سلوكا مكتسبا قابلا للإثارة، كما يمكن إخضاعه للضبط من خلال عوامل ثقافية وحضارية متنوعة ومتعددة.
إن ممارسة العنف ضد الأطفال يؤثر على تكوين الشخصية لديهم، بحيث يحد من الحرية والإبداع وتفتق الملكات وتحقيق الذات، كما يؤدي بهم إلى الإحباط واستلاب الحرية والخوف والتعود على الكذب خوفا من العقاب. ويذهب المختصون في التربية وعلم النفس إلى أن ظاهرة العنف خاصية ثقافية واجتماعية تأخذ أشكالا متعددة مباشرة وغير مباشرة، خفية وعلنية. وأخطر ما في الأمر لما نعطي لظاهرة العنف مدلولا تربويا، سواء داخل البيت أو في المدرسة وحتى في الشارع، من قبيل " العصا لمن عصى" أو " العصا تْحيد الدصارة " إلى غير ذلك من المفاهيم الخاطئة والتي ما يزال يتمسك بها المجتمع ومنهم بعض المكلفين بالتدريس والتربية حيث نجدهم يتشبثون بتحميل الصغار مسؤوليات من مهام البالغين رغم أن قدراتهم الجسدية والعقلية لا تطيق ذلك. كما أن القانون يضع الطفل في خانة الصغير غير المميز وحتى لو ارتكب أفعالا جرمية يتم الاحتفاظ به في مراكز خاصة بالأحداث تتوفر فيها معايير تصون كرامته في كل ما يتصل بحياتية الطبيعية والدراسية، وإتاحة الفرصة أمامه لممارسة الرياضة، وتفتح له مجال الترفيه لتنمية عقله، واكتمال نضجه.
بالإضافة إلى العنف الممارس على الأطفال داخل الأسرة من طرف الآباء وحتى الإخوة الكبار والأعمام والأخوال في حالة الأسر التقليدية الكبيرة، المدفوع بدواعي التربية على الطاعة والامتثال للكبار، لكنه في حقيقة الأمر يكون هذا السلوك بدافع عجز الأسرة على تحقيق التربية السليمة الهادئة، والهادفة لتكوين شخصية الطفل الذي يتطلع إلى الحرية الموجهة نحو تفتق مداركه العقلية والإبداعية، وتقوّم سلوكه بطريقة عقلانية تربي فيه حس حب الأسرة والحي والمدرسة والمدينة والوطن، وبالتالي تصب في تكوين المواطن الصالح الذي نتوق إليه. هناك مفارقة غريبة عجيبة يمارس بداخلها العنف بمختلف مستوياته وقد يصبح ثقافة بل في كثير من الأحيان واجبا لابد منه؛ ألا وهي المؤسسة الاجتماعية التعليمية : مدرسة الطفل، وكأنها لم تنشأ ألا لمعاقبته، إنها منتهى السادية طبعا. فنادرا ما تصادف مدرسا يحاول الابتعاد عن تعنيف الصغار وخاصة بالسلكين الابتدائي والإعدادي ويبرر فعله هذا بكونه يلقنهم الدروس بهذه الطريقة والتي مافتئ يدافع عنها دون أدنى حرج؛ ولما تسأله عما إذا كان تلقى دروسا تحثه على ذلك خلال تكوينه المهني لممارسة التدريس أو كون راتبه يتضمن مبلغا كمكافأة له على ذلك، يجيبك إجابات توحي إلى تحقير الصغار ونعتهم بأقبح الصفات منها " الكسالى والشياطين وقْلالين الترابي..." مع العلم أن المؤسسة التعليمية هي التي من المفروض فيها تقويم السلوكات المشينة والشاذة لدى بعض الأطفال وذلك بالسهر على راحتهم وأمنهم وتعليمهم الحب والتسامح والسلم. وخاصة بالنسبة للأطفال الذين لا يتوفر آباؤهم على قدر كاف من التعليم يخولهم السهر على تربيتهم وفق المعايير المتحضرة السليمة.
العنف ضد الصغار منبوذ، سواء كان ماديا يتجلى في العقاب الجسدي أو اللفظي أو التحقير أو عدم إيصال المعلومة المعرفية أو إيصالها بمفهوم خاطئ سواء عن قصد أو عن غير قصد.
إلا أن محاربة هذه الظواهر المشينة في تنشئة الأطفال تتطلب تضافر الجهود ودون تأجيل مع توفر نية حسنة ومؤهلة للحد من الظاهرة، وذلك بتغيير الظروف الاجتماعية والسياسية المتعلقة بطبيعة النظام التربوي ومحتوى المناهج والمقررات التعليمية وتغيير الذهنية السائدة وتطوير الوعي التربوي على مستوى الأسرة والمدرسة على الخصوص لما يفترض أن يكون لها من إمكانيات معرفية في ميدان التربية وتنشئة الأطفال وتنظيم ندوات تربوية وتعميم تجربة الإرشاد الاجتماعي والتربوي داخل المؤسسات التعليمية لمساعدة التلاميذ على حل مشاكلهم وتجاوز الصعوبات التي تعترضهم، كما يجب على أصحاب القرار العمل على إصدار تشريعات جديدة تحرم كافة مظاهر العنف ضد الأطفال، من عقاب بدني و تحقير واستفزاز وإهمال في جميع المؤسسات التعليمية والأقسام الداخلية ودور الأطفال والملاجئ وحتى مراكز إيواء الأحداث .....
كما ينبغي العمل على وضع برامج وحصص ضمن المقررات الدراسية لتثقيف وتوعية الأطفال بحقوقهم الإنسانية وضمان كرامتهم.
ومن جهة أخرى ينبغي تضافر جهود المجتمع المدني من جمعيات أولياء التلاميذ ومنظمات حقوق الإنسان، وتضمين برامج وسائل الإعلام بوصلات توعوية وتثقيفية تحث على تقويم وإصلاح الاتجاهات الذهنية والاجتماعية، وتهدف إلى العمل على تغيير الموروث الثقافي والفكري السائد لدى الآباء والأمهات والمدرسين وكل من لهم صلة بالأطفال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.