المدير العام للأمن الوطني يتقلَّد وسام الصليب الأكبر للاستحقاق للحرس المدني الإسباني    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    مستشارو جلالة الملك يعقدون اجتماعا مع زعماء الأحزاب الوطنية لتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي    دعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة يندرج ضمن دينامية إصلاحات عميقة تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك (أخنوش)    عمالة طنجة-أصيلة : لقاء تشاوري حول الجيل الجديد من برنامج التنمية الترابية المندمجة    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    المنتخب الوطني يجري حصة تدريبية مفتوحة امام وسائل الاعلام المعتمدة بملعب طنجة الكبير    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    (فيديو) بنسعيد يبرر تعين لطيفة أحرار: "كانت أستاذة وهل لأن اسمها أحرار اختلط على البعض مع حزب سياسي معين"    الكشف عن الكرة الرسمية لكأس أمم إفريقيا المغرب 2025    كيف أصبح صنصال عبئاً على الديبلوماسية الجزائرية؟    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    اقتراب منخفض جوي يجلب أمطارًا وثلوجًا إلى المغرب    لتعزيز جاذبية طنجة السياحية.. توقيع مذكرة تفاهم لتطوير مشروع "المدينة المتوسطية"    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    مجلس القضاء يستعرض حصيلة 2024    "واتساب" يطلق ميزة جديدة تتيح للمستخدمين الوصول إلى جميع الوسائط الحديثة المشتركة    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعرض تجربة الذكاء الاصطناعي في منصة "SNRTnews" بمعرض كتاب الطفل والشباب    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    منيب تتقدم بمقترح قانون للعفو العام    الجزائر ‬تجرب ‬جميع ‬أوراقها ‬في ‬مواجهة ‬الانتكاسات ‬الدبلوماسية ‬    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    تفجير انتحاري يوقع 12 قتيلا بإسلام أباد    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    خط جوي جديد بين البيضاء والسمارة    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقاب الجسدي والنفسي.. مؤشر على فشل المدرس في مهمته
مذكرات ‬وزارية ‬علاها ‬الغبار ‬بمكاتب ‬مسؤولي ‬المؤسسات ‬التعليمية
نشر في المساء يوم 09 - 12 - 2014

على ‬الرغم ‬من ‬كل ‬المذكرات ‬الوزارية ‬التي ‬تحث ‬على ‬إعمال ‬الأساليب ‬التربوية ‬في ‬التعامل ‬مع ‬التلاميذ، ‬إلا ‬أن ‬حالات ‬العنف ‬لا ‬تزال ‬تمارس ‬في ‬جل ‬المدارس ‬المغربية ‬خصوصا ‬حينما ‬يتعلق ‬الأمر ‬بالتعليم ‬الإبتدائي. ‬ويسجل ‬المهتمون ‬أن ‬العنف ‬إما ‬أن ‬يكون ‬ماديا ‬أو ‬لفظيا. ‬لذلك ‬بدأت ‬مصالح ‬وزارة ‬بلمختار ‬تولي ‬هذا ‬الأمر ‬العناية ‬اللازمة ‬من ‬خلال ‬لجان ‬المراقبة ‬لكي ‬لا ‬تتحول ‬المدارس ‬والحجرات ‬إلى ‬قاعات ‬للضرب ‬والعنف.‬
لم ‬يتوقف ‬اللجوء ‬إلى ‬وسائل ‬العقاب ‬الجسدي ‬والنفسي ‬داخل ‬المؤسسات ‬التعليمية، ‬خاصة ‬في ‬المدارس ‬الابتدائية ‬والإعدادية ‬المحتضنة ‬للتلاميذ ‬صغار ‬السن ‬سواء ‬العمومية ‬او ‬الخصوصية، ‬رغم ‬استهجان ‬جميع ‬الطرائق ‬التربوية ‬والبيداغوجية ‬لها ‬وإجماع ‬علماء ‬التربية ‬وعلم ‬النفس ‬على ‬عدم ‬جدواها ‬بل ‬إفرازها ‬لنتائج ‬عكسية ‬على ‬نفسية ‬المتعلم ‬تولد ‬لديه ‬الكره ‬للمؤسسة ‬التربوية ‬والتعليمية ‬ونفوره ‬منها ‬وتؤدي ‬إلى ‬فشله ‬في ‬الدراسة ‬والتعلم ‬والتحصيل. ‬
فالحوادث ‬تتكرر ‬كلّ ‬يوم ‬في ‬مؤسساتنا ‬التعليمية ‬منها ‬ما ‬يتم ‬فضحه ‬والكشف ‬حينما ‬يصل ‬العقاب ‬حدود ‬الوحشية ‬، ‬والعديد ‬منها ‬يتم ‬التستر ‬عنه ‬وتجاوزه ‬لاعتبارات ‬عدة ‬منها ‬إقرار ‬الجهلة ‬بكونه ‬من ‬مكونات ‬التربية ‬والطرائق ‬التدريس ‬ومنها ‬ما ‬يتكتم ‬عنه ‬الطفل ‬خوفا ‬من ‬مزيد ‬من ‬العقاب ‬ويترك ‬لوحده، ‬رغم ‬هشاشته ‬الجسدية ‬والنفسية، ‬فريسة ‬للرعب ‬والفزع ‬تلازمها ‬تداعياتهما ‬أناء ‬الليل ‬وأثناء ‬النهار ‬قد ‬تبرز ‬من ‬خلال ‬النوم ‬المضطرب ‬والتبول ‬والهلع ‬عند ‬أي ‬حركة ‬أو ‬صوت.. ‬
نددت ‬فعاليات ‬المجتمع ‬المدني ‬للجماعة ‬القروية ‬أيت ‬شيشار ‬الواقعة ‬تحت ‬النفوذ ‬الترابي ‬لإقليم ‬الناظور ‬بشدة، ‬بالاعتداء ‬الذي ‬تعرضت ‬له ‬تلميذة ‬تتابع ‬دراستها ‬بفرعية ‬إمهارشن ‬بمجموعة ‬مدارس ‬بني ‬شيكر ‬بنفس ‬الجماعة ‬القروية ‬على ‬يد ‬أستاذها، ‬في ‬نونبر ‬الماضي. ‬وعمد ‬أحد ‬أساتذة ‬المدرسة ‬الذي ‬عمر ‬بها ‬لما ‬يقارب ‬ال30 ‬عاما، ‬إلى ‬الاعتداء ‬على ‬تلميذة ‬عمرها ‬8 ‬سنوات ‬تتابع ‬دراستها ‬بالمستوى ‬الثاني ‬بذات ‬الفرعية، ‬وذلك ‬بتوجيه ‬لكمات ‬قوية ‬لوجهها ‬مع ‬إحكام ‬قبضته ‬عليها ‬على ‬مستوى ‬العنق ‬باليد ‬الأخرى ‬لأسباب ‬لا ‬تستدعي ‬ذلك.‬
واتهم ‬أحد ‬التلاميذ ‬الذي ‬يتابع ‬دراسته ‬بالسنة ‬السابعة ‬بثانوية ‬سلوان ‬الإعدادية، ‬أستاذة ‬بنفس ‬المؤسسة ‬بتعنيفه ‬بالضرب ‬في ‬أطراف ‬مختلفة ‬من ‬جسده. ‬كما ‬أكدت ‬أسرة ‬التلميذ ‬أن ‬هذا ‬الأخير ‬رفض ‬العودة ‬إلى ‬المؤسسة ‬التعليمية .‬
لا ‬يستوعب ‬الطفل ‬المتعلم ‬لماذا ‬يستلذ ‬المدرس ‬بتعنيفه ‬بالضرب ‬واللكم ‬والصفع ‬واستعماله ‬لوسائل ‬متنوعه ‬لإذلاله ‬أمام ‬زملائه، ‬هذا ‬الطفل ‬المتعلم ‬الذي ‬لا ‬حول ‬له ‬ولا ‬قوة ‬إلا ‬البكاء ‬والصراخ ‬والتوسلات ‬أمام ‬مدرس ‬راشد ‬قوي ‬البنية ‬مسلح ‬بجميع ‬‮«‬الأسلحة‮»‬ ‬التي ‬تناسبه ‬من ‬قضبان ‬حديدية ‬وخشبية ‬وأنابيب ‬بلاستيكية، ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬كان ‬ينتظر ‬منه ‬أن ‬يحتضنه ‬ويرعاه ‬ويحميه ‬ويدرسه ‬ويحبب ‬له ‬المدرسة ‬كما ‬تتضمنه ‬الأناشيد ‬التي ‬يحفظها ‬الأطفال ‬ويحلو ‬لهم ‬ترديدها ‬والتي ‬تعتبر ‬من ‬ركائز ‬التنشئة ‬الاجتماعية. ‬
ولا ‬بدّ ‬من ‬الإقرار ‬أنه ‬رغم ‬كلّ ‬المذكرات ‬الوزارية ‬التي ‬صدرت ‬في ‬موضوع ‬منع ‬وتجنب ‬العقاب ‬الجسدي ‬أو ‬النفسي ‬أو ‬أي ‬وسيلة ‬من ‬الوسائل ‬والأساليب ‬والطرائق ‬العنيفة ‬التي ‬يعتقد ‬أنها ‬كفيلة ‬بتقويم ‬الاعوجاج ‬السلوكي ‬عند ‬الطفل ‬و»ترويضه‮»‬، ‬أو ‬‮«‬تحفيزه‮»‬ ‬على ‬العمل ‬والتحصيل، ‬ما ‬زال ‬عدد ‬كبير ‬من ‬المدرسات ‬والمدرسين ‬سواء ‬في ‬المؤسسات ‬العمومية ‬أو ‬الخاصة ‬يمارسون ‬هذه ‬الأساليب ‬التقليدية ‬في ‬التربية ‬التي ‬تنبذها ‬جميع ‬النظريات ‬العلمية ‬التربوية ‬والبيداغوجية ‬والسيكولوجية ‬الحديثة.‬
العقاب ‬مؤشر ‬على ‬فشل ‬المدرس
سبق ‬لابن ‬خلدون ‬أن ‬حذر ‬من ‬الشدة ‬على ‬المتعلم، ‬إذ ‬بين ‬أن ‬المبالغة ‬في ‬عقاب ‬المتعلم ‬تضر ‬بنفسيته. ‬فالعقاب ‬الشديد ‬يضيق ‬على ‬النفس، ‬ويزرع ‬في ‬المتعلم ‬خلق ‬الكذب ‬والخبث، ‬كما ‬قال ‬ابن ‬خلدون. ‬فالمتعلم ‬خوفا ‬من ‬العقاب ‬يلجأ ‬إلى ‬الكذب ‬والنفاق ‬والمكر ‬والخديعة، ‬وهذا ‬هو ‬المقصود ‬بصفة ‬الخبث ‬عند ‬ابن ‬خلدون. ‬وهذه ‬الصفات ‬الذميمة ‬التي ‬ينشأ ‬عليها ‬المتعلم ‬الصغير ‬ليست ‬مؤقتة، ‬بل ‬ستصبح ‬خلقا ‬وعادة ‬كما ‬قال ‬ابن ‬خلدون، ‬وهذا ‬معناه ‬أن ‬ضرر ‬الشدة ‬في ‬العقاب ‬خطير، ‬لأن ‬آثاره ‬لن ‬تزول ‬بتجاوز ‬المتعلم ‬مرحلة ‬الطفولة.‬
ويعتبر ‬المربون ‬المتخصصون ‬في ‬التربية ‬وعلم ‬النفس ‬أن ‬العقاب ‬البدني ‬وسيلة ‬من ‬لا ‬وسيلة ‬له ‬كأسلوب ‬لردع ‬المتعلم ‬وتقويم ‬سلوكه، ‬لكن ‬سلوك ‬هذا ‬‮«‬المربي‮»‬ ‬ينم ‬عن ‬ضعفه ‬وافتقاده ‬لأساليب ‬التربية ‬الحديثة ‬من ‬حوار ‬ومناقشة ‬وبحث ‬عن ‬الاسباب، ‬وبالتالي ‬عجزه ‬في ‬القيام ‬بمهمته ‬التربوية ‬وفشله ‬في ‬تحقيق ‬العملية ‬التعليمية/‬التعلمية. ‬
ويعتبرون ‬العقاب ‬البدني ‬أسهل ‬الحلول ‬وأرخصها ‬لأنه ‬لا ‬يكلف ‬المربي ‬عناء ‬ومشقة ‬التحاور ‬وفي ‬الوقت ‬ذاته ‬لا ‬يوصله ‬سوى ‬لنتيجة ‬واحدة ‬‮«‬عدم ‬حل ‬المشكل ‬بل ‬تفاقمه ‬مع ‬العقاب‮»‬، ‬إذ ‬أن ‬المتعلم ‬لا ‬يتفاعل ‬مع ‬الضرب ‬والسب ‬كأسلوب ‬لتقويم ‬سلوكه ‬ولكنه ‬يتفاعل ‬معه ‬كاعتداء ‬يمارسه ‬عليه ‬الراشد.‬
‮«‬إننا ‬كأساتذة ‬ومربين ‬مسؤولون ‬إلى ‬حد ‬كبير، ‬على ‬تزكية ‬العداء ‬المجتمعي ‬للمدرسة ‬والمدرس، ‬وذلك ‬باعتمادنا ‬لأساليب ‬التربية ‬الكلسية ‬المتحجرة ‬العقيمة، ‬التي ‬لا ‬تنجب ‬سوى ‬أطفالا ‬حاقدين ‬على ‬المنظومة ‬منذ ‬نعومة ‬أظافرهم‮»‬.‬
طرق ‬عقابية ‬وحشية ‬ومهينة
يلجأ ‬بعض ‬المدرسات ‬والمدرسين ‬في ‬المؤسسات ‬الابتدائية ‬والإعدادية ‬وحتى ‬التأهيلية ‬سواء ‬بقناعة ‬أو ‬بحسن ‬نية ‬أو ‬عن ‬جهل ‬إلى ‬طرق ‬وأساليب ‬تقليدية ‬مختلفة ‬ومتنوعة ‬لممارسة ‬العقاب ‬البدني ‬والنفسي ‬قد ‬يلحق ‬أضرارا ‬جسدية ‬بالغة ‬بالمتعلم ‬كما ‬بالمدرس ‬وتتحول ‬إلى ‬جنحة ‬أو ‬جناية ‬يعاقب ‬عليها ‬القانون ‬ويحاكم ‬بها ‬الجاني، ‬منها ‬عدد ‬من ‬القضايا ‬تتبعها ‬التضامني ‬الجامعي ‬ورافع ‬عنها ‬منذ ‬سنوات ‬وهي ‬خير ‬دليل ‬على ‬نتائج ‬وخيمة ‬صدرت ‬عن ‬مدرسين ‬ومدرسات ‬في ‬حالة ‬انفعال ‬وغضب ‬أو ‬جهل. ‬
إن ‬أساليب ‬العقاب ‬المرفوضة ‬تربويا ‬متعددة ‬ومتنوعة ‬ومنها ‬المبتكرة ‬من ‬طرف ‬بعض ‬المدرسين ‬الساديين، ‬وتتمثل ‬هذه ‬الأساليب ‬في ‬الضرب ‬المبرح ‬واللكم ‬والصفع ‬و»الفلقة‮»‬ ‬والضرب ‬على ‬الأصابع ‬وعلى ‬الأنامل ‬والأظافر ‬وعلى ‬المؤخرة ‬وإرغام ‬الطفل ‬على ‬الوقوف ‬على ‬رجل ‬واحدة ‬والوقوف ‬وجها ‬أمام ‬جدران ‬القسم ‬في ‬زاوية ‬من ‬زواياه ‬والحجز ‬في ‬مكان ‬مغلق ‬والإهمال ‬والتجاهل ‬وعزله ‬عن ‬باقي ‬زملائه ‬ووضعه ‬في ‬طاولة ‬في ‬آخر ‬الفصل ‬والحرمان ‬من ‬فترة ‬الاستراحة ‬والإذلال ‬باستعمال ‬الألفاظ ‬القاسية ‬الحاطة ‬من ‬الكرامة ‬وخصم ‬نقط ‬من ‬معدل ‬المادة ‬المحصل ‬عليه ‬وإرغام ‬التلميذ ‬على ‬كتابة ‬جمل ‬وعبارات ‬لمئات ‬المرات ‬والتشهير ‬به ‬بتعليق ‬عبارات ‬ذلّ ‬واحتقار ‬على ‬ظهره ‬أو ‬على ‬صدره ‬او ‬إرغامه ‬على ‬حمل ‬لوحة ‬مكتوب ‬عليها ‬ما ‬يحيل ‬على ‬حيوان ‬وتطويفه ‬على ‬الأقسام ‬وعرض ‬امام ‬التلاميذ ‬في ‬الساحة ‬وإرغامه ‬على ‬القيام ‬بأشغال ‬مهينة ‬وصعبة ‬كتنظيف ‬المراحيض...‬
حالات ‬عرفت ‬طريقها ‬إلى ‬المحاكم
ومن ‬بعض ‬الحالات ‬التي ‬عرفت ‬طريقها ‬إلى ‬المحاكم ‬الضرب ‬بقضيب ‬بلاستيكي، ‬ووفاة ‬بعض ‬التلاميذ ‬نتيجة ‬الضرب، ‬وإصابة ‬عيون ‬بعض ‬التلاميذ، ‬وإدانة ‬بسبب ‬الإقرار ‬باستعمال ‬العنف، ‬وإدانة ‬بسبب ‬ضرب ‬تلميذ ‬، ‬ووفاة ‬تلميذ ‬بسبب ‬الإهمال ‬وعدم ‬المراقبة، ‬وإيداع ‬أستاذة ‬بمؤسسة ‬للأمراض ‬العقلية ‬بعد ‬الحكم ‬بانعدام ‬مسؤوليتها ‬الجنائية ‬، ‬ومؤاخذة ‬معلم ‬من ‬أجل ‬الجرح ‬الخطأ، ‬واعتقال ‬ومحاكمة ‬بغرفة ‬الجنايات ‬بسبب ‬إصابة ‬تلميذ ‬في ‬عينه، ‬وإدانة ‬معلم ‬ومعاقبته ‬بالحبس ‬لضرب ‬تلميذه، ‬وحينما ‬يقود ‬التأديب ‬البدني ‬إلى ‬انتقام ‬الأهل ‬وإدانة ‬القضاء، ‬ووصول ‬بعض ‬التلاميذ ‬إلى ‬حالة ‬نفسية ‬سيئة ‬والتعقيد ‬من ‬دراستهم، ‬وخروج ‬بعض ‬التلاميذ ‬من ‬المدارس ‬بعد ‬كرههم ‬للدراسة.‬
مذكرات ‬وزارية ‬تحت ‬الغبار
بيّنت ‬جميع ‬أبحاث ‬العلمية ‬والنفسية ‬والتربوية ‬والبيداغوجية ‬أن ‬للعقاب ‬المادي ‬والمعنوي ‬أضرارا ‬خطيرة ‬على ‬المتعلم، ‬إضافة ‬إلى ‬انتشار ‬ثقافة ‬حقوق ‬الطفل ‬والحرية ‬والديمقراطية ‬والإعلان ‬عن ‬حقوق ‬الطفل ‬في ‬العالم ‬وغيرها، ‬كما ‬انخرطت ‬بلادنا ‬في ‬طرق ‬التربية ‬والتعليمية ‬الحديثة ‬وذكرت ‬وزارة ‬التربية ‬الوطنية ‬، ‬غير ‬ما ‬مرة، ‬بمنع ‬العقاب ‬الجسدي ‬او ‬النفسي ‬واجتنابه ‬عبر ‬موضوع ‬‮«‬ظاهرة ‬العقاب ‬البدني ‬في ‬حق ‬التلاميذ‮»‬ (‬المرجع : ‬المذكرة ‬الوزارية ‬رقم ‬99/ ‬807. ‬بتاريخ ‬23شتنبر ‬1999).‬
جاء ‬فيها ‬‮«‬ ‬فقد ‬توافد ‬على ‬مصلحة ‬الشؤون ‬التربوية ‬عدد ‬كبير ‬من ‬الآباء ‬والأمهات ‬يشتكون ‬من ‬العقاب ‬البدني ‬الذي ‬تعرض ‬له ‬أبناؤهم ‬داخل ‬المؤسسات ‬التعليمية، ‬سواء ‬من ‬طرف ‬الأساتذة ‬أو ‬من ‬طرف ‬بعض ‬أطر ‬الإدارة ‬التربوية.‬
ومعلوم ‬أن ‬العقاب ‬البدني ‬لا ‬يمكن ‬أن ‬يكون ‬وسيلة ‬تربوية ‬ناجعة ‬لتعديل ‬السلوك ‬بسبب ‬الآثار ‬السلبية ‬التي ‬يتركها ‬في ‬نفسية ‬التلميذ، ‬سواء ‬على ‬المدى ‬القريب ‬أو ‬البعيد، ‬والحقد ‬الذي ‬يمكن ‬أن ‬يتولد ‬لديه ‬تجاه ‬المدرسة ‬والمدرسين، ‬مما ‬يخلق ‬أحيانا ‬ردود ‬أفعال ‬مختلفة ‬ضدهم ‬من ‬طرف ‬الأطفال ‬وأوليائهم.‬
وعليه ‬فإنني ‬أذكر ‬بمحتوى ‬المذكرة ‬الوزارية ‬المشار ‬إليها ‬في ‬المرجع ‬أعلاه، ‬وأطلب ‬من ‬السادة ‬المدرسين ‬ورجال ‬الإدارة ‬التربوية ‬اجتناب ‬أي ‬شكل ‬من ‬أشكال ‬العنف ‬الجسدي ‬أو ‬النفسي ‬ضد ‬التلاميذ ‬واللجوء ‬إلى ‬الأساليب ‬التربوية ‬الحديثة ‬لتقويم ‬سلوكهم‮»‬.‬
وذكرت ‬المذكرة ‬المرجع ‬ما ‬لاستعمال ‬العنف ‬والكبت ‬والتسلط ‬من ‬آثار ‬سلبية ‬خطيرة ‬على ‬النمو ‬العقلي ‬والنفسي ‬للأطفال ‬وعلى ‬استقرار ‬ومردودية ‬المدرسين، ‬فضلا ‬عن ‬تناقض ‬هذه ‬الأساليب ‬مع ‬مبادئ ‬الحرية ‬وحقوق ‬الطفل ‬وثقافة ‬الحوار ‬والانفتاح ‬التي ‬تحرص ‬بلادنا ‬على ‬ترسيخها ‬وتنميتها.‬
كما ‬طالبت ‬المذكرة ‬الوزارة ‬من ‬النواب ‬الإشراف ‬شخصيا ‬على ‬تنظيم ‬عملية ‬تحسيسية ‬واسعة ‬بمشاركة ‬الطر ‬التربوية ‬تهدف ‬إلى ‬تعريف ‬المديرين ‬والمدرسين ‬والمفتشين ‬بمخاطر ‬ظاهرة ‬العنف ‬بالمؤسسات ‬التعليمية ‬وآثارها ‬السلبية ‬نفسيا ‬وتربويا ‬وأخلاقيا ‬على ‬التلاميذ ‬والمربين ‬على ‬السواء، ‬كما ‬تستهدف ‬حثّ ‬الجميع ‬على ‬التحلي ‬بروح ‬التسامح ‬واحترام ‬الكرامة ‬الانسانية ‬وكرامة ‬الطفل ‬على ‬الخصوص ‬وذلك ‬بتقبل ‬حرية ‬الرأي ‬والتعبير ‬وتشجيع ‬الإبداع
‬والتفتح.‬
القانون ‬الجنائي ‬المغربي ‬يجرم ‬العقاب ‬في ‬حق ‬المتعلم
ويعاقب ‬القانون ‬الجنائي ‬في ‬المغرب ‬العقاب ‬البدني ‬في ‬حق ‬المتعلم، ‬وحقوقيا ‬يعتبر ‬‮«‬ ‬إعلان ‬حقوق ‬الطفل‮»‬ ‬و»اتفاقية ‬حقوق ‬الطفل‮»‬ ‬العقاب ‬البدني ‬مسا ‬بكرامته. ‬أما ‬على ‬المستوى ‬فالتعنيف ‬النفسي ‬له ‬تأثير ‬سلبي ‬على ‬قابلية ‬المتعلم ‬للاكتساب، ‬وعلى ‬مواظبته ‬واتجاهه ‬نحو ‬المدرسة ‬والمدرسين، ‬وانخراطه ‬في ‬الأنشطة ‬المدرسية، ‬حيث ‬يغيب ‬الحماس ‬والإقبال ‬على ‬الدراسة، ‬وتخبو ‬الرغبة ‬والتلقائية ‬وحافز ‬التعلم... ‬وكلها ‬عوامل ‬هامة، ‬كما ‬هو ‬معروف، ‬في ‬نجاح ‬العمل ‬التربوي، ‬وغيابها ‬يحل ‬محله ‬الخوف ‬والانطواء ‬والكراهة (‬الصامتة ‬التي ‬قد ‬تنقلب ‬إلى ‬أعمال ‬عنف) ‬ضد ‬المربي ‬والمدرسة، ‬وقد ‬يكون ‬التعنيف ‬الجسدي ‬والمعنوي، ‬من ‬أسباب ‬التعثر ‬الدراسي ‬والهدر(‬وحتى ‬الانحراف).‬
ولذا ‬حث ‬علماء ‬التربية ‬والنفس ‬على ‬تجنبه، ‬ودعوا ‬إلى ‬تفهم ‬شخصية ‬الطفل ‬وحاجاته ‬وخصائصه ‬النفسية، ‬واللجوء ‬إلى ‬الأساليب ‬والوسائل ‬التربوية، ‬لمعالجة ‬أخطائه ‬وعثراته، ‬وحتى ‬شيطنته ‬وأفعالِه ‬
غير ‬اللائقة .‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.