أثار تهديد وزير العدل عبد اللطيف وهبي للمحامين بالمتابعة الجنائية في حال تقديمهم تصريحات كاذبة بخصوص صحة الوثائق المقدمة للمحكمة، ضجة داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، فيما اتهم البرلماني الاستقلالي لحسن العمود، وهبي ب"استهداف" مهنة المحاماة. وأكد وهبي خلال مناقشة مواد مشروع قانون المسطرة المدنية بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، أن المحامي الذي يصرح بامتلاكه لأصل الوثيقة ويقدم صورة منها فقط، سيواجه متابعة جنائية بتهمة الإدلاء بتصريحات كاذبة. وأضاف: "إذا قال المحامي إن لديه الوثيقة الأصل، واتضح أنه ليست لديه، فإن الأمر يدخل في باب التصريحات الكاذبة ولن أرحمه"، مشيرا إلى أن العلاقة بين المحامي والقاضي فيما يخص الوثائق يجب أن تبنى على الصدق وليس الكذب. وشدد وزير العدل على أن المسألة أخلاقية، ويجب على المحامي أن يوضح ما إذا كان يتوفر على الوثيقة الأصلية أم صورة منها أم صورة طبق الأصل، مؤكداً أنه لا يجوز للمحامي التصريح بامتلاكه الوثيقة الأصلية حتى لو أكد له موكله أنه سيحضرها لاحقاا مشيرا إلى أنه كلما تحدث عن المحامين ينتفضون. في المقابل، انتفض البرلماني الاستقلالي لحسن العمود، الذي يمتهن المحاماة، في وجه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، مؤكدا على ضرورة استماع الوزير للرأي الآخر قائلا: "الوزير نقدره ونحترمه، ولا يجب أن تكون علاقته بالمحامين متشنجة"، موضحا أن النقاش لا يقتصر فقط على المحامي، بل يشمل المتقاضي والخبير والمفوض، ولا ينبغي أن تكون هناك حساسية أو تخوف. وأشار العمود إلى أنه إذا قام المحامي بإعداد المقال وتسجيل الدعوى، والأصل في ذلك هو حسن النية، فإن المحامي إذا لم يُدل بأصل الوثيقة فلا ينبغي جره إلى الجنايات بسبب ذلك، لأن الخطأ قد يحدث. كما طرح ملاحظة أخرى تتعلق بحالة وعد الموكل محاميه بتقديم أصل الوثيقة ولم يفِ بوعده، متسائلاً ما إذا كان المحامي سيتحمل المسؤولية في هذه الحالة. واتهم البرلماني الاستقلالي، وزير العدل بتمرير مغالطات، وأشار إلى أن مهنة المحاماة تضم العديد من الشرفاء، رافضاً وصف المحامين بأنهم "يبحثون فقط عن المال"، واعتبر ذلك عبثاً. واستطرد قائلاً: "من لا يحب المال؟"، قبل أن يقاطعه رئيس لجنة العدل والتشريع، مؤكداً أن هذه العبارة لم تُقال داخل اللجنة. من جهتها، قالت البرلمانية عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ربيعة بوجة، إن عددا من النواب داخل اللجنة يمارسون مهنة المحاماة، في حين أن قانون المسطرة المدنية يسري على جميع المغاربة، مشيرة إلى أنه من المفروض أن يتدخلوا بصفتهم كنواب برلمانيين، ومن له دراية في المجال أن يتكلم فيه دون أن يخلط الصفات، مشددة على ضرورة أن تكون هناك مساواة في النقاش، وإلا يجب ترك المحامين ليناقشوا بمفردهم. فيما رد عليها البرلماني الاستقلالي لحسن العمود، بأنه لا يتحدث بصفته كمحام وإنما كممثل للأمة، مشددا على أنه يدافع عن المحامين والنساخ والخبراء، مضيفا: "أصبحنا ضحية مغالطات خطيرة، والمهنة مستهدفة، ولن أسمح بالاعتداء على أية مهنة قضائية". بالمقابل، قال رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، سعيد بعزيز، "نحن هنا نشرع للوطن، وليس لفئة على حساب أخرى"، مضيفا أن النظام الداخلي لمجلس النواب نص على أنه في حالة وجود تضارب للمصالح على النائب أن يغادر ولا يناقش هذه الأمور من تلقاء نفسه. وعاد وزير العدل عبد اللطيف وهبي للتأكيد على أن المادة التي تحدث ضمنها تهم المحامين، وأن الهدف هو توفير جميع الوسائل الضرورية للمحامين الشرفاء والأنقياء للقيام بعملهم.