حوار مغربي جزائري مسؤول    "بنك المغرب" يسجل ربحا يفوق مليار درهم في 2024 .. و"الكاش" ينمو ب8%    الملك محمد السادس يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني الشقيق    الموريتاني بدة يتشبث بمطالب مالية    إنفانتينو: المغرب ضمن النخبة الكروية    حادثتان مروعتان في يوم واحد بطنجة.. وفاة سائقَيْ دراجتين ناريتين بشارع محمد السادس    تفاصيل مقتل همهام برصاص جزائري    لقاء يتناول الأمن السيبراني بالقنيطرة    سينما الشهرة.. النجومية معركة بين الرغبة في التفرد والخوف من النسيان    صاحب المطعم الذي تعرض لتماس كهربائي بإمزورن يوضح        وفاة السفير المغربي السابق وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال محمد ماء العينين    الريسوني توضح شروط الاستفادة من العقوبات البديلة والفئات المستثناة منه    بعد المصادقة على إحداث مؤسسات جامعية بالحسيمة.. جهان الخطابي: نترافع من أجل كلية الطب    طنجة.. مصرع سائق دراجة نارية بعد اصطدامه بحاجز حديدي    محاولة تهريب "الكوكايين" تسقط سيدة بمركز باب سبتة    بعد زلزال روسيا "تسونامي" مفاجئ يهدد سواحل الناظور..دراسة علمية تدق ناقوس الخطر    الملك محمد السادس يأمر بإرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لفائدة ساكنة قطاع غزة    بنك المغرب: القروض أرخص والودائع أقل ربحًا بعد تخفيض الفائدة    اسبانيا.. هذا ما صرح به المغربي الذي فجر احداث توري باتشيكو أمام المحكمة                موسيقى الراب والشعبي وكناوة تصدح في سهرة اليوم الثالث من صيف الاوداية    المغرب يستعد لإيصال مساعدات كبيرة إلى غزة    بنك المغرب: الأصول الاحتياطية الرسمية بلغت 375,5 مليار درهم خلال سنة 2024    حصيلة الإنجازات وآفاق الريادة المغربية    الميوعة والبؤس الجامعي… حين تتحول الجامعة إلى مسرح احتفال لا مختبر فكر    ضمنها هيئات مغربية.. 120 شبكة ومنظمة حقوقية عبر العالم تطالب بوقف الإبادة في غزة    بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد .. المؤسسة الملكية بين الثبات الداخلي والحركية الخارجية: حصيلة سنة من الفعل والتأثير    ترقية المتصرفين التربويين: بين تناقضات الجواب الوزاري والخرق الصريح للقانون    الفن فقد أحد أكثر وجوهه نقاء وتواضعا .. وداعا لطفي لبيب الفنان الجندي الذي شارك في حرب أكتوبر ورفض تكريم الاحتلال    تجربة احترافية جديدة لأبوخلال وعبقار    الملك محمد السادس يُكرم لبؤات الأطلس بعد بلوغهن نهائي كأس إفريقيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    تغييرات جديدة تطال صفوف الوداد    مكتب المطارات يعين مديرين جديدين    ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    غابات المغرب بين رهانات الاستراتيجية وتحديات التنزيل    بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية بمناسبة الذكرى ال26 لتربّع جلالة الملك على العرش        بريطانيا ترفض انتقادات بأن خطوة الاعتراف بدولة فلسطينية "تكافئ حماس"    كيف غير لقجع قواعد اللعبة في القارة السمراء ؟    أسعار النفط تتراجع مع تقييم الأسواق لمخاطر المعروض بعد إنذار ترامب لروسيا    مشاهير مغاربة يهنئون الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال26 لعيد العرش    رحيل الفنان المصري لطفي لبيب عن 72 عاما بعد صراع مع المرض    15 دولة غربية تدعو البلدان الأخرى إلى إعلان عزمها الاعتراف بفلسطين    تقارير: قرعة المونديال في لاس فيغاس    كندا.. مونتريال تستضيف مهرجان "أوريونتاليس" في غشت المقبل بمشاركة المغرب    معرض فوتوغرافي يفحص تغيير "الصحون" أذواق ورؤى وذهنيات المغاربة    عضة كلب ضال تودي بحياة طفل نواحي الناظور    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    متى ينبغي إجراء الفحوص الدورية على العينين؟    استخدام الهاتف في سن مبكرة يهدد الصحة العقلية    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزهراوي يتساءل: لماذا أجل ملك البلاد خطاب النصر؟
نشر في القناة يوم 30 - 07 - 2025

خلال الذكرى 26 لعيد العرش، تضمن الخطاب الملكي فقرة تبدو صغيرة وفق عدد الكلمات لكنها كبيرة وغنية من حيث الدلالات، وهي تخص الجزائر، شعبيا ورسميا، على المستوى الأول، وخلال هذه المناسبة، أقر الملك بأواصر الأخوة والصداقة التي تربط الشعبين المغربي والجزائري، أما على المستوى الرسمي، وفي يشبه التحية الأخيرة لحكام الجارة الشرقية، بادر عاهل البلاد إلى إعادة سياسة اليد الممدودة في سياق مغاير ومخالف للحقائق وموازين القوى، سياق عنوانه الابرز العداء والقطيعة بل هو سياق يؤشر على وشك وقوع الحرب في كل لحظة وحين.
لماذا اختار الملك محمد السادس هذا التوجه الذي قد يراه البعض "حكيما واخويا ونبيلا" فيما قد يراه البعض بمثابة "محاولة مستحيلة لإيقاظ الموتى" سيما وأن سياسات وتوجهات النظام العسكري الجزائري مغرقة في عقيدة العداء للمغرب، وعلى الأرجح بأنها باتت على شاكلة "الزواج الكاتوليكي"، إذ يعتنق قادة الجزائر عقيدة العداء كطقس للخلاص، بالنسبة لهم، فناء المغرب هو خلاص الجزائر، وهي معادلة باتت تتجاوز المنطق والحسابات الجيوسياسية. وصارت أقرب إلى" الحالات النفسية التي عادة ما تلجأ الى "التعاويذ المقدسة" بعد نزول البلاء.
لكن، لماذا أجل جلالة الملك خطاب النصر رغم أن كل المؤشرات التي باتت تجعل من النزاع حول الصحراء في حكم الماضي؟ ما هي خلفيات اليد الممدودة عبر الزمن لنظام لا ينظر إلا بمنظار العداء والحرب والحقد؟، أسئلة ترتبط أساسا بحيزا قد يبدو طارئ أو غير أساسي على مستوى الخطاب الملكي، لكنه يحمل دلالات عمقية ومعبرة، ويمكن تفكيك الاشارة الملكية من خلال ثلاث مستويات وذلك لمحاولة فهم الرسائل والغايات من ذلك:
أولا، السياق الراهن يؤشر على تفكك واندحار أطروحة الانفصال، والإشارة الملكية إلى الروابط التاريخية والدينية واللغوية التي تجمع الشعبين المغربي والجزائري هي بمثابة رسالة تأكيدية على أن الشعب الجزائري غير معني بهذا الصراع بالنسبة للمغرب، وهو معتقد أو عقيدة يدركها المغاربة حكومة شعبا.
بالتالي، فهذه الإشارات المشفرة تعيد التأكيد على متانة وعمق روابط الأخوة بين الشعبين رغم الحملة الدعائية الشرسة التي يحاول من خلالها حكام الجيش الجزائري "شيطنة النظام الملكي المغربي" وتسميم العلاقة وخلق حالة من التوتر والتعصب والفرقة بين الشعبين. هي إشارة واضحة، على التمييز بين "سياسات نظام يعيش على انقاض الماضي السحقيق"و" ميولات شعب يتقاسم مع جاره التاريخ والحاضر والمستقبل.
ثانيا؛ إشارة الملك إلى التمسك بالاتحاد المغاربي، والتأكيد على أنه لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر مع باقي الدول الشقيقة، تؤشر على رغبة المملكة في إحياء هذا "الكيان الجامد" بفعل مجموعة من الفواعل والخيانات والاصطفافات الهجينة والطارئة، كما تؤكد هذه الدعوة على فشل كل المحاولات الجزائرية التي كانت ترمي إلى تشكيل اتحاد مغاربي بدون المغرب، وفي نفس الوقت، هي إشارة على تجاوز الاشكالات العابرة والمؤقتة والثانوية مع باقي الدول المغاربية مثل تونس.
ثالثا، يتعلق الأمر بالفقرة الأخيرة التي تهم العلاقة المغربية الجزائرية والنزاع حول الصحراء، إذ أكد الملك الحرص على إيجاد حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب يحفظ ماء وجه جميع الأطراف.
وهو تأكيد أو إقرار قد يكون منافيا للتحولات والمؤشرات على الارض، إذ شكلت هذه الفقرة من هذا الخطاب "دعوة ضمنية" للحوار مع كل من الجزائر وقيادة البوليساريو، فكيف يستقيم والحالة هاته أن يجالس المنتصر (المغرب) الطرف الآخر المنهزم بدون شروط!، على الأرجح، يحاول الملك أن يعطي الفرصة الأخيرة لخصوم وحدته الترابية، يبدو أن الأمر وكأنه يتعلق "بخطاب الفرصة الأخيرة" إن جاز التوصيف.
بمعنى أن خطاب العرش قد يكون مغاير لخطاب الذكرى " الخمسينية" للمسيرة الخضراء المرتقب يوم 6 نونبر من هذه السنة، إذ على الأرجح ومن المحتمل أن تكون الثلاثة شهور القادمة فاصلة ومفصلية قد يتغير كل شيء قبلها أو بعدها بحسب التحولات الجيوسياسية والتوازنات الدولية، لكن، يحاول الملك اليوم أن يؤجل لغة الانتشاء والانتصار، وبحكمة ودعوة صادقة يرسل من خلالها رسائل الود والاخوة، بل يرمي بطوق النجاة للطرف الاخر الذي بات في حكم المنهزم بلغة الواقع "الذي لم يعد في رصيده سوى الشعارات واجترار نفس المفردات و والسرديات.
لربما هو "حبل الود الملكي الأصيل" المطوق بمحاذير التاريخ والجغرافيا والمستقبل، هي محاذير الاجداد والاباء المؤسسين لهذه الامبرطورية الممتدة عبر الزمن لقرون، إذا، دون شك، هي دعوة لحفظ ماء الوجه لهؤلاء، ومن المحتمل أن تكون الاشارة الملكية بمثابة رغبة أو خطوة ذكية لرفع الحرج ولجعل أطراف النزاع فاعلة ومساهمة" ظاهريا" وفي الوقت البدل الضائع في صناعة المصير المحتمل الذي لا محيد عنه بعد سلسلة الاعترافات لطي ملف الصحراء تحت السيادة المغربية.
*أستاذ العلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.