مسرحية "النقشة" نقش نفسي وجسدي حيث العقلانية محصورة في الجناح والجنون الحقيقي خارج الأسوار.. احتضن مركب التنشيط الفني والثقافي بسلا تابريكت عرضا مسرحيا استثنائيا حمل عنوان "النقشة" وقدم توقيعه الإبداعي فرقة محترف 21 في إطار جولة وطنية مدعومة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الثقافة. تعد مسرحية "النقشة" لمخرجها ومؤلفها الدكتور عبد المجيد سعد الله، من الأعمال المسرحية المغربية اللافتة التي تنبع من قلب المعاناة النفسية والاجتماعية، ليست مجرد حكاية تروى، بل تجربة وجودية مكتوبة بلغة الجرح، ومجسدة بجسد ممزق بين الأمل واليأس، بين الاعتراف والصمت. أبدع الفنان عبد المجيد سعد الله في كتابة نص يتجاوز الطابع الكلاسيكي للدراما، ليدخلنا في فضاء مغلق ظاهريا، لكنه مفتوح على كل أسئلة الإنسان في لحظاته القصوى.
في هذا العمل، يتموقع الجمهور في جناح للأمراض النفسية، فضاء يبدو منغلقا ومنفصلا عن العالم، إلا أنه في عمقه يعكس صورة دقيقة عن مجتمع مأزوم، وضمائر مثقلة بأوزار الذاكرة والفقد. دخول المرأة الغريبة إلى هذا الجناح يشكل الحدث المفصلي الذي يحرك دينامية النص. ليست شخصية عابرة، بل حضور رمزي يهز السكون، ويستفز الماضي، ويكشف المستور. تتوزع الشخصيات داخل المسرحية كأنها أصوات داخل الرأس البشري، كل واحدة تمثل ألما محددا، خيبة حب، رغبة انتقام، صدمة خيانة، انكسار وجودي. ومع كل مشهد، يتم "نقش" جزء من الحقيقة، وكأن المسرحية عملية نقش نفسي وجسدي على جدار الزمن، أو على جدران الصمت الطويل الذي يعيشه الأفراد في مجتمعات لا تصغي.