قبل ثمانية أسابيع من مغادرته السلطة , أعرب الرئيس الأميركي ، جورج بوش, عن أسفه للخطأالاستخباراتي حول أسلحة الدمار الشامل العراقية التي تبين أنها غير موجودة، والتي على أساسها غزت أميركا العراق في عام 2003م , ولا تزال تحتلها حتى يومنا هذا. بوش , الذي يعتبر صاحب أسوأ شعبية في تاريخ الرئاسة الأميركية , يطرح بأسفه هذا بعض التساؤلات الشائكة: أولها، أن الغزو الأمريكي للعراق كان خطأ بحكم أن المبرر الأكبر له غير صحيح، فهل يعني ذلك أن على أميركا أن تقوم بدفع تعويضات لكل من تضرر بسبب هذه الحرب، وخصوصا العراقيين؟. وإن لم يتم دفع هذه التعويضات، فهل يعني ذلك أن كل من أخطأ في حق الشعوب والدول الأخرى ليس مجبراً على دفع التعويضات؟، ولنتذكر مثلا غزو العراق للكويت في عام 1990م، وإجبار العراق ومطالبته بدفع تعويضات عن غزوه الغاشم للشقيقة الكويت!. التساؤل الثاني: يتعلق بالملاحقات القضائية لكل من ساهم في هذه الحرب من الإدارة الأمريكية , وعلى رأسهم الرئيس بوش، أفليس من العدل محاكمة أولئك الذين أخطأوا وتسببوا بخطئهم في مقتل مئات الآلاف من البشر , وتشريد أضعافهم ، ووضع المنطقة والعالم كله على برميل من البارود؟!. ولربما أدت هذه الملاحقات القضائية إلى كشف معلومات أخطر بكثير مما نتوقع وتتعلق بمصائر شعوب بأكملها!. التساؤل الثالث: حول مدى الثقة التي يمكن أن تمنح للاستخبارات الأميركية، وبالتالي لصحة قرارات الإدارات الأميركية المقبلة. فالشعب الأميركي ، على سبيل المثال, لن يثق بكل دعاية مبنية على معلومات استخباراتية، بحجة أن من أخطأ مرة قد يخطئ مرات أخرى، وخاصة لو كان خطؤه فادحا تسبب في حرب كلفت عددا مهولا من الأرواح والأموال، وضياع مثير للأعصاب للجهود الحقيقة التي كان يفترض أن تسخر لمكافحة الإرهاب، وعدم تشتيت هذه الجهود هنا وهناك!. والتساؤل الرابع: عن الأخطاء المحتملة حول القضايا الأخرى وخاصة قضايا الاقتصاد العالمي، والسلام الدولي ولاسيما في الشرق الأوسط، فمن الواضح أن الأزمة المالية العالمية هي نتيجة لقرارات اقتصادية أميركية خاطئة مبنية على معلومات وفلسفات خاطئة، وكذلك فإن تعثر السلام في الشرق الأوسط ناجم - إضافة إلى الإجرام الإسرائيلي- عن أخطاء الإدارات الأميريكية وتحيزها الأعمى للدولة العبرية!. وكأن الأخطاء الأميركية موزعة بإتقان هنا وهناك!. وأخيرا نتساءل عما ستكون عليه الإدارة الأمريكية القادمة برئاسة باراك أوباما؛ فهل ستتوخى الحذر كي لا تقع في أخطاء كارثية كالتي وقعت فيها إدارة بوش، أم أن ذلك صفة أميركية لا فكاك منها!.