إبتداء من غد الاربعاء سترفع حكومة السيد بن كيران يدها نهائيا عن دعم المحروقات بعد فترة إنتقالية تميزت في مرحلة أولى بحذف الدعم الموجه للبنزين و الفيول في فبراير الماضي على أن تتلوها خطوة حذف دعم الدولة للغازوال مع بداية السنة الجديدة . الماكينة الدعائية للحزب الحاكم تصور إقدام رئيس الحكومة و فريقه الحكومي على مبادرة حذف الدعم على أنها قرار تاريخي يحسب في كفة حسنات حكومة ما بعد الربيع العربي . السيد بن كيران منتشي بالقرارات «المهمة « التي اتخذتها حكومته في إطار إصلاح منظومة الدعم حيث شهدت نفقات المقاصة انخفاضا ملحوظا انعكس إيجابا على التوازنات الماكرو-اقتصادية للمغرب حسب تحليله الشخصي للوضع . رئيس الحكومة الذي يصور إنخفاض تكاليف الدعم المتحملة من طرف الدولة لصندوق المقاصة كانجاز تاريخي لحكومته يقدم للمغاربة فقط نصف الكوب المليء بالماء و يتعمد تجاهل و تناسي أسئلة و قضايا جوهرية تتصل بمدى إلتزام الحكومة في تطبيق نظام المقايسة الجزئية الذي وضعته بنفسها و خاصة عندما هوت أسعار النفط في الأسواق الدولية الى ما دون ال 70 دولار للبرميل . المسألة الجوهرية الهامة في سياق البروباغندا العقيمة التي يقودها رئيس حكومتنا هي إذا كانت أسعار النفط تسجل كل هذه التراجعات , و تشكل بالنسبة للدول المستوردة للمحروقات سترة النجاة للخلاص , ولو ظرفيا من إكراهات التوازنات الماكرو إقتصادية المرتبطة بكلفة الاستيراد بأسعار السوق , فما مصير مبلغ ال500 مليون درهم الذي رصدته حكومة السيد بن كيران لابرام عقود تأمين مع شركات أجنبية يتم بموجبه تحديد سقف لارتفاع سعر الغازوال محدد في 120 دولار للبرميل . إن القرائن تؤكد أن قيام الحكومة بصرف هذا المبلغ الضخم من أجل تسديد كلفة التأمين على مخاطر ارتفاع أسعار النفط كان قرار إراتجاليا متسرعا و غير مدروس لأن الوقائع تؤكد أن هذا المبلغ تبخر بدون أن يستفيد منه المغاربة . إن إشادة السيد بنكيران بالتدابير «الجريئة» المتخذة من طرف حكومته من أجل إنجاح ورش إصلاح صندوق المقاصة ، وزعمه بأن هذا الإصلاح المزعوم قد أفضى إلى انخفاض قدره 2,9 درهم في أسعار البنزين الممتاز، وارتفاع طفيف قدره 26 سنتيما في أثمنة الغازوال (ينم عن مغالطة مغرضة للرأي العام المغربي و إستهزاء بذكائه و تعمد إخباره بأنصاف الحقائق فقط . فالانخفاض المزعوم في أسعار البنزين مرده فقط الى الحسابات التقنية العرجاء و غير المنسجمة , التي يقدمها نصف شهريا وزير الحكامة دون أن يقنع بها أحدا و مرده أيضا الى تهاوي أسعار الخام في الأسواق الدولية , و لا يحسب إطلاقا لمنطق نظام المقايسة الجزئية الذي إبتكرته حكومتنا و تخلت عنه في وسط الطريق . إن المنطق الصحيح للاصلاح و المحاسبة و الشفافية يفترض أن يتم إخبار المغاربة عن من يتحمل مسؤولية صرف و تبديد 500 مليون درهم في صفقة تأمين فاشلة و بدون مردودية تذكر .