العجز التجاري يتجاوز 328 مليار درهم    السودان إلى ثمن النهائي رغم الخسارة    خطة أمنية لحماية الاحتفالات بالعيون    هبات رياح أحيانا قوية بعد غد الجمعة بعدد من مناطق المغرب    تحذير لمستعملي الطريق بمناسبة العطلة    ريال مدريد يعلن إصابة لاعبه الفرنسي مبابي في ركبته اليسرى    وكالة الأنباء الإيفوارية: طنجة المتوسط، قطب مينائي استراتيجي للقارة الإفريقية    عاصفة "فرانسيس" تقترب من المغرب .. امطار غزيرة وثلوج كثيفة    ضبط 118 شخص متورطين في الاتجار غير المشروع في تذاكر كأس إفريقيا    طنجة تستعد لاستقبال أفواج إضافية من الجماهير السنغالية    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    وهبي يكشف ملامح الخلاف مع المحامين ويرحب بالحوار بشأن قانون المهنة    ابتدائية تارجيست تصدر حكمها في ملف نور الدين مضيان ورفيعة المنصوري    النفط يتجه نحو تسجيل أكبر انخفاض سنوي منذ عام 2020    دعم 56 مشروعا في مجالات الموسيقى والأغنية    كأس إفريقيا للأمم.. الكعبي يؤكد مكانته كلاعب أساسي في صفوف أسود الأطلس (لوفيغارو)    أحكام قضائية في حق 25 متهماً على خلفية أحداث شغب رافقت احتجاجات "جيل زد" بمراكش    جهة الدار البيضاء–سطات.. التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي واعد    " حلاق درب الفقراء" في ضيافة جمعية إشعاع للثقافات والفنون بالعرائش    العام الجديد 2026 يحل بنيوزيلندا    المكتب الوطني للمطارات .. حماس كأس إفريقيا للأمم يغمر مطارات المملكة    كأس إفريقيا للأمم 2025 .. نجاح كبير للمنتخبات المغاربية    المديرية العامة للضرائب تصدر نسخة 2026 من المدونة العامة للضرائب    نقابة نتقد تعطيل مخرجات المجلس الإداري لوكالة التنمية الاجتماعية وتحذر من تقليص دورها    نمو الاقتصاد المغربي يسجل التباطؤ    رحم الله زمنا جميلا لم ينقض بالهم والحزن    وفاة الممثل "أيزيا ويتلوك جونيور" عن 71 عاما    ارتفاع "الكوليسترول الضار" يحمل مخاطر عديدة    شغيلة جماعة أولاد أكناو تحتج ببني ملال وتلوّح بالتصعيد بسبب تجميد المستحقات    حصيلة نظام الدعم الاجتماعي المباشر بلغت 49 مليار درهم (فتاح)    التهراوي: نموذج المجموعات الصحية الترابية سجل مؤشرات إيجابية على العديد من المستويات    الدنمارك أول دولة أوروبية تتوقف عن توصيل الرسائل الورقية    "المعاملة بالمثل".. مالي وبوركينا فاسو تفرضان حظرا على سفر مواطني الولايات المتحدة    تقرير: تراجع وفيات الأطفال وارتفاع الالتحاق بالتعليم المبكر في الصين    سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس    المغرب يترأس مجلس إدارة معهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة    دياز يخطف أنظار الإعلام الإسباني ويقود أسود الأطلس للتألق في كان المغرب    كأس الأمم الأفريقية.. مباراة شكلية للجزائر ضد غينيا الإستوائية ومواجهة مصيرية للسودان    ألمانيا وفرنسا تؤجلان القتال الجوي    إسرائيل تهدّد بتعليق عمل منظمات    صنع في المغرب .. من شعار رمزي إلى قوة اقتصادية عالمية    قتيل وثلاثة جرحى في حادث إطلاق نار وسط كندا    إطلاق حملة واسعة لتشجير المؤسسات التعليمية بإقليم الفحص-أنجرة    ‬السيادة الديموقراطية…. ‬بين التدخل الخارجي ‬والفساد الداخلي!‬‬‬‬‬    قانون التعليم العالي الجديد: بين فقدان الاستقلالية، وتهميش الأستاذ، وتسليع المعرفة    الاستهلاك المعتدل للقهوة والشاي يحسن وظائف الرئة ويقلل خطر الأمراض التنفسية    فعاليات برنامج مسرح رياض السلطان لشهر يناير تجمع بين الجرأة الإبداعية ونزعة الاكتشاف    المعرض الوطني الكبير 60 سنة من الفن التشكيلي بالمغرب    المغنية الأمريكية بيونسي على قائمة المليارديرات        علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    الحق في المعلومة حق في القدسية!    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاربة منهجية في التعاطي مع ملف سليمان الريسوني وأدم
نشر في عالم برس يوم 30 - 05 - 2020

اعتقال الصحفي سليمان الريسوني بتاريخ 22 ماي 2020 وتقديمه أمام النيابة العامة يوم 25 من نفس الشهر، وقرار احالته على قاضي التحقيق مع متابعته في حالة اعتقال، بدأ نقاش قانوني وحقوقي يواكب هذه القضية.
ما بين التسرع في التموقع منذ الدقائق الأولى للاعتقال وصولا إلى فرز من مع سلميان ومن مع ادم بعد قرار النيابة العامة، في غياب تملك أي طرف للملف كاملا، وخاصة غياب إفادة الصحفي سليمان الرسمية، في مقابل تدوينات الشاب ادم الذي قدم إفادته للرأي العام، ولكنه لم يقدم الدلائل التي يدعي امتلاكها.
ولذلك، وجب إحاطة الموضوع من زاوية منهجية حقوقية محضة، حتى تكون للحركة الحقوقية المغربية بوصلة متينة ورؤية واضحة.
للإشارة، فإن منظومة حقوق الإنسان تراقب علاقة الفرد أو الجماعة بالدولة، أي أن الدولة هي المسؤولة عن حماية الحقوق وضمان ممارسة الحريات، حتى في علاقة بعض المجموعات بالمجتمع، الوصم أو الإقصاء … فإن الدولة هي أيضا المسؤولة عن ذلك سواء من خلال إنتاج تشريعات أو سياسات. بمعنى آخر أنه يتم مؤازرة فرد ما إذا ما تبين أن الدولة لم تضمن له حقوقه أو تفرض أن يمارس حقوقه، ولا يمكن بالمرة مؤازرة شخص وتبني قضيته وجميع حقوقه مصانة، وأن الدولة لم تنتهك أي حق.
وفي إطار القضية موضوع المقالة فإن جميع إجراءات المحاكمة العادلة مضمونة.
اولا :المركز الحقوقي لطرفي الملف والتوازن القانوني
بداية تشير القضية المعروضة الآن، هي “خصومة” بين النيابة العامة والصحفي سليمان الريسوني، لكونها هي من حركت الدعوى العمومية في مواجته، وأن الشاب ادم أدلى بتصريحه أمام الضابطة القضائية يوم الخميس 21 ماي، أي يوم قبل اعتقال سليمان الريسوني، فهل تحول من مصرح إلى مشتك للمطالبة بالتعويض في إطار الدعوة المدنية؟
هذا السؤال لا يمكن الجواب عنه إلا بعد بداية التحقيق التفصيلي من المحاكمة، لأنه في حالة الجواب بنعم، فيقينا أن دفاع ادم سيطالب في أول جلسة للمحاكمة بالتأجيل للاطلاع على الملف وإعداد الدفاع.
إذن من تاريخ الاعتقال إلى تاريخ الجلسة الأولى ليس هناك مشتك طبيعي بل صاحب الشكاية هي النيابة العامة، وبالتالي يطرح السؤال حول التضامن ومؤازرة طرفي القضية؟
1- بخصوص المركز الحقوقي للشاب آدم
نشر الشاب ادم تدوينة يحكي فيها حسب ادعائه المعاناة التي يتعرض لها باعتباره ينتمي للأقليات المثلية ولمحاولة اعتداء جنسي (اغتصاب) من قبل شخص لم يسميه، ولم يتعرض الشاب لأي مضايقات بعد تدوينته، وهذا في حد ذاته معطى إيجابي، يدخل في ضمان حق الأشخاص المثليين في الرأي والتعبير عن ارائهم وأفكار وأن يساهموا في الشأن العام.
تقدم أيضا المعني أمام الضابطة القضائية بالدار البيضاء وتم الاستماع بناء على ما كتبه في تدوينته، وحسب ما دونه أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الاستقبال والاستماع كان جيدا وعبر عن سعادته وراحته، وهو أيضا معطى إيجابي، لكون الشرطة لم تلجأ للقانون الجنائي الذي يجرم “الشذوذ”، بل نسجل أن هذه اللحظة تعتبر انتصارا للحركة الحقوقية بممارسة الأقليات المثلية لحقوقها المدنية والموطناتية دون متابعة ودون مضايقة.
هنا يطرح السؤال، هل انتهكت الدولة حقوق الشاب ادم؟
2- بخصوص المركز الحقوقي لسليمان الريسوني
بدأت لحظة توقيف سليمان الريسوني بتصويره من قبل موقع اليكتروني، وليس هناك أي عقل سليم يقتنع بمسألة صدفة تواجد وفتح الكاميرا في تلك اللحظة، بل المنطق يقتضي أن تتولد قناعة أن الملف بدأ بسوء نية من قبل الدولة، وأن التوقيف والاعتقال مفكر فيه قبل الاستماع للصحفي سليمان.
قررت النيابة العامة متابعة سليمان في حالة اعتقال، وهنا نوضح ثلاث عناصر:
العنصر الأول: أن الحركة الحقوقية تعتبر أن الحرية هي الأصل وهي حق، وتقييدها هو استثنائي ويعتبر آخر إجراء يمكن اللجوء إليه بعد استنفاذ كافة الإجراءات والضمانات الأخرى.
العنصر الثاني: أن المتابعة في حالة اعتقال، جاء في سياق مطالب الحركة الحقوقية العالمية والوطنية بتخفيف الاكتضاض داخل السجون في زمن كوفيد 19، سواء بترشيد الاعتقال الاحتياطي، أو بإطلاق سراح عدد ممن ارتكبوا جرائم وصدرت في حقهم عقوبات سجنية من النساء الحوامل وكبار السن والأطفال ومن سلوكه تحسن واندمج في المجتمع، وهو ما تأتى بالعفو الملكي على 5656 سجين بسبب الكورنا بتاريخ 5 أبريل.
العنصر الثالث: أن القانون الجنائي المغربي يجعل المتابعة في حالة اعتقال في حالات محددة، التلبس وهو غير متوفر في هذه القضية، أو خطورة الجريمة، وبخصوص هذا التكييف، فإن الشاب ادم تحدث عن الجريمة المفترضة التي وقعت سنة 2018، ومن سنة 2018 إلى 2020 أي سنتين ليس أي شكاية أو تهمة الاغتصاب ضد سليمان الريسوني، وبالتالي فهو ليس خطيرا على المجتمع لمتابعته في حالة اعتقال.
خلاصة هذه المجزوءة، فنحن أمام انعدام التوازن القانوني بين طرفي القضية، طرف حر ويتحرك من أجل التحضير والإعداد لملفه، وهو حق له، وطرف آخر محروم من حريته، رغم توفره على كافة الضمانات للمتابعة في حالة سراح.
ثانيا: حقوق الفئات الهشة
يعتبر المثليون من الأقليات، ومن الفئات الهشة، المتواجدة في مواجهة الدولة والمجتمع، لهذا فالتشريعات الدولية تدعو إلى حمايتهم، وفي قضية سليمان وادم، فالواضح أن المعني بالأمر لم يتعرض لأي انتهاك من قبل الدولة، وهو المأمول، ولكن وجب الانخراط في تحصين هذا المكتسب بإلغاء القوانين التي تمس حقوقهم.
كما يعتبر أيضا الصحفيون من الفئات الواجب حمايتها، لكونهم يتواجدون في خط تماس مع السلطة، ويتعرضون في كثير من الاحيان للانتقام، لهذا فهناك عدد من الإجراءات الخاصة الدولية والتشريعات الدولية التي تدعو لحمايتهم.
بخصوص التشهير، فالشاب ادم تعرض للتشهير من قبل بعض الأفراد ومنهم من كتب تدوينة يسلبه حقوقه المدنية والمواطناتية، توعده الشاب ادم بالمتابعة القضائية، كما تعرض أيضا سليمان الريسوني للتشهير من قبل بعض الأفراد والمواقع الاليكترونية، وعموما فيقظة المجتمع المدني المدافع عن مجتمع الميم والحركة الحقوقية أدانت التشهير بكلا الطرفين.
خلاصة هذه المجزوءة، إن التشهير مرفوض وغير مقبول في حق طرفي القضية، كما أن الحماية كفئات هشة تقتضي تهم طرفي القضية أيضا.
نختم هذه المقالة، بالنقطة التالية:
تبني مطلب المتابعة في حالة سراح بعد قرار النيابة العامة، من قبل بعض الجمعيات الحقوقية يعتبر مطلبا حقوقيا سليما، في مقابل محاولة بعض الجمعيات التي لم تعلن رسميا عن نفسها بتبني ملف الشاب ادم وإدانة الصحفي سليمان، فهو تحرك لا أساس حقوقيا، له وليس من المعايير والقواعد المتعارف عليها عالميا.
كل من تحدث عن براءة سليمان أو إدانته قبل 11 يونيو، هو قول غير ذي سند.
يمكن استثمار اللحظة من أجل تكريس حقوق المثليين، بإلغاء التشريعات الجنائية وسن سياسات عمومية، بشكل جماعي، بغض النظر عن موقف كل شخص من القضية.
وأخيرا نحن أمام قضية طرفاها في وضعية اختلال توازن حقوقي وقانوني، طرف حر وطرف مسلوب الحرية، وهو ما يدفع إلى الكثير من التخوف كون الملف تدفعه الانتقائية والانتقام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.