ما زالت حرائق الغابات مستعرة في غرب إسبانيا والبرتغال حيث يواصل آلاف عناصر الإطفاء، بدعم من الجيش وطائرات من دول مجاورة، جهودهم المكثفة لاحتواء النيران التي أسفرت عن مقتل ستة أشخاص في شبه الجزيرة الإيبيرية. دمرت الحرائق أكثر من 343 ألف هكتار في إسبانيا منذ مطلع العام، وهي مساحات تمثل مستوى قياسيا ويخشى اتساعها، وفق بيانات نشرها الاثنين النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات، وهو مؤشرٌ لمرصد كوبرنيكوس الأوروبي. وكان عام 2022 الأسوأ حتى الآن من حيث المساحات التي دمرتها الحرائق في إسبانيا حين بلغت 306 آلاف هكتار. وعلى المستوى الأوروبي، سُجلت في البرتغال أكبر الخسائر منذ بدء التسجيل عام 2006، مع احتراق 563 ألف هكتار في 2017، ومقتل 119 شخصا جراء ذلك. كما أن البلاد تواجه هذا الصيف أيضا النيران التي دمرت 216 ألف هكتار منذ مطلع العام. وفي تطور يبعث على بعض الأمل، بدأت موجة الحرّ التي ساهمت في تأجيج هذه الحرائق، بالانحسار بعد أكثر من أسبوعين من درجات حرارة مرتفعة، بحسب هيئة الأرصاد الجوية الإسبانية. وقالت المديرة العامة للحماية المدنية والطوارئ في إسبانيا فيرجينيا باركونيس، صباح الإثنين في مقابلة مع التلفزيون الإسباني الرسمي "لدينا حاليا 23 حريقا نشطا من المستوى الثاني" من أصل أربعة مستويات، ما يعني أنها تُشكّل تهديدا خطيرا ومباشرا للسكان". وفي الساعات الأخيرة، توفي رجل إطفاء في إسبانيا وآخر في البرتغال، ما يرفع حصيلة القتلى إلى اثنين في البرتغال وأربعة في إسبانيا. ودخلت الحرائق التي تضرب إسبانيا مرحلة أكثر شدة منذ العاشر من آب/أغسطس، وتتركز أعنفها وأكثرها تدميرا في مناطق غاليسيا (شمال غرب)، وقشتالة وليون (شمال غرب)، وإكستريمادورا (غرب). واستدعت هذه الحرائق إجلاء آلاف الأشخاص ودمرت عشرات الآلاف من الهكتارات. وقالت فيرجينيا باركونيس الاثنين "نأمل أن يتحسن الطقس اليوم، فلا يعيق جهود إخماد الحرائق بل يمنحنا بعض الراحة". وبحسب هيئة الأرصاد الجوية الإسبانية، سيكون الاثنين هو "اليوم الأخير" من موجة الحر التي بدأت قبل أسبوعين ووصلت خلالها درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية في بعض مناطق جنوب البلاد، وإلى 40 درجة في العديد من المناطق الأخرى. وتلقت إسبانيا الاسناد الجوي من فرنسا وإيطاليا وسلوفاكيا وهولندا، في حين تلقت البرتغال الدعم الجوي من السويد والمغرب. ووصفت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبليس الوضع بأنه "صعب جدا ومعقد للغاية" في حديثها مع التلفزيون الإسباني الرسمي. وأشارت إلى "شدّة" و"حجم" الحرائق، بالإضافة إلى الدخان الكثيف المتصاعد منها، والذي يمكن رؤيته من الفضاء، ما يُعقد "العمليات الجوية". في إسبانيا، أفادت الحكومة المحلية في منطقة قشتالة وليون على "إكس" بأن عنصر إطفاء لقي حتفه ليل الأحد-الإثنين عندما انقلبت شاحنته المحمّلة بالمياه على طريق غابات شديد الانحدار في ليون، قبل أن تسقط في وادٍ. وتوفي شابان متطوعان في قشتالة وليون أثناء محاولتهما مكافحة النيران، وقبل ذلك، لقي موظف روماني في مزرعة خيول شمال مدريد حتفه أثناء محاولته حماية الخيول من الحريق. من جانبه، أعلن الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا في بيان أن عنصر إطفاء قتل الأحد فيما أصيب اثنان من زملائه بجروح خطيرة. وتُعتبر حالة الوفاة هذه الثانية نتيجة الحرائق التي تضرب البلاد، بعد وفاة عمدة سابق شارك في إخماد النيران الجمعة في منطقة غاردا شرق البرتغال. وتواصل البرتغال جهودها لمكافحة حريق كبير بالقرب من أرجانيل في وسط البلاد، حيث نُشر نصف عدد عناصر الإطفاء البالغ نحو 2000 رجل في الميدان حتى الآن. وفي الأيام الأخيرة، أتت الحرائق على أكثر من 70 ألف هكتار في إسبانيا، بحسب النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات، وهي مساحة آخذة في الارتفاع. أما في منطقة البلقان، فقد تحسنت الأوضاع بشكل كبير مع انخفاض درجات الحرارة وهطول الأمطار، مما ساعد فرق الإطفاء على السيطرة على عشرات الحرائق التي أودت بحياة شخصين خلال الأسبوع الماضي. وفي تركيا أيضا، أعلنت السلطات السيطرة على حريقين كبيرين بعد أن استدعى تمدد أحدهما خلال ليل السبت-الأحد إجلاء مئات الأشخاص من سبع قرى في محافظة تشاناكالي السياحية شمال غرب البلاد.