أعلنت البرتغال الخميس الحداد الوطني غداة حادث مروع أوقع ما لا يقل عن 16 قتيلا حين خرج ترام يستقله الكثير من السياح عن السكة في لشبونة واصطدم بأحد المباني. وفتحت السلطات القضائية تحقيقا في الحادث، بعدما اصطدمت عربة الترام المعلق الشهير "غلوريا" الذي يربط بين جادة ليبرداد (الحرية) وتلة ساو بيدرو دي ألكانتارا المطلة على المدينة، بأحد المباني مساء الأربعاء، بعيد الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (17,00 ت غ). وقالت شاهدة عيان أوردت روايتها وسائل إعلام محلية، إن إحدى العربتين اللتين تتحركان صعودا ونزولا في آن واحد على منحدر قوي باستخدام نظام الوزن المعادل، وصلت إلى نهاية مسارها بسرعة غير معتادة، وتجاوزت محطتها النهائية بقليل عند أسفل التل. وأثناء محاولة الشاهدة وعدد من المتواجدين في المكان مساعدة الركاب الذين لم يُصابوا بأذى على مغادرة العربة، لاحظوا العربة الأخرى تنحدر بسرعة شديدة من أعلى التل نحوهم. وعندما بادروا إلى الفرار ظنا أنها ستصطدم بالعربة المتوقفة، خرجت العربة عن مسارها عند منعطف صغير واصطدمت بعنف بمبنى مجاور، بحسب روايات شهود. والعدد الوارد في الحصيلة يوازي تقريبا القدرة الاستيعابية القصوى للعربة التي تُقدَّر بنح 40 راكبا. وقد لقى 15 من القتلى هم 8 رجال و7 نساء حتفهم في موقع الحادث، بينما توفي آخر بعد نقله من المكان. وبين الضحايا عدد كبير من الأجانب، نظرا لكون هذه العربة من المحطات السياحية الشهيرة في العاصمة البرتغالية. ومع أن جنسيات جميع الضحايا لم تُعلن بعد، أفادت فرق الإسعاف بأن من بين المصابين 11 أجنبيا هم ألمانيان وإسبانيان وفرنسية وإيطالي وسويسري وكندي وكوري جنوبي ومغربي ورجل من الرأس الأخضر. ووفقا لمصدر في الشرطة نقلا عن موقع "أوبسيرفادور" الإخباري البرتغالي، فإن عائلة ألمانية كانت من بين ضحايا الحادث، إذ قُتل الأب فيما الأم حالتها حرجة وأصيب طفلهما البالغ من العمر ثلاث سنوات بجروح طفيفة. وأكدت مسؤولة في فرق الإسعاف وجود طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات بين المصابين، من دون أن تُحدّد جنسيته. ولا تزال أسباب الحادث غير معروفة حتى الآن، إلا أن وسائل إعلام عدة أشارت إلى احتمال ان يكون كابل الأمان قد انقطع، وطرحت تساؤلات حول جودة الصيانة التي كانت تُسند من قِبل مشغّل الترام إلى شركة خارجية. ومن باب الاحتياط، أعلنت بلدية لشبونة تعليق تشغيل عربات الترام المعلق الثلاث الأخرى في المدينة مؤقتا، "للتحقق من ظروف تشغيلها وسلامتها"، بحسب المسؤولة عن الحماية المدنية في العاصمة البرتغالية مارغاريدا كاسترو. ووفقا لموقع المعالم الوطنية، بُني هذا الترام على يد المهندس الفرنسي-البرتغالي راوول ميسنييه دو بونسار ودُشّن في العام 1885. وبدأ تشغيله بالكهرباء في العام 1915. وأكدت شركة "كاريس" المشغلة لوسائل النقل في لشبونة أن "جميع بروتوكولات الصيانة" قد طبقت، وأوضحت أنها فتحت تحقيقا مشتركا مع السلطات لتحديد أسباب الكارثة. وعند زيارته لموقع الحادث، اعترف رئيس مجلس إدارة "كاريس" بيدرو بوغاس، بأن أعمال الصيانة أوكلت إلى شركة متعاقدة خارجية منذ 14 عاما، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. وتُعد حوادث عربات الترام من هذا النوع نادرة، وكانت أخطر كارثة مماثلة في أوروبا وقعت في 11 نوفمبر 2000، عندما اندلع حريق في عربة داخل نفق في مدينة كابرون النمساوية، ما أدى إلى وفاة 155 شخصا. وقال رئيس بلدية لشبونة كارلوس مويداس، مساء الأربعاء "إنها مأساة لم تشهدها مدينتنا من قبل"، قبل إعلان الحكومة الخميس يوم حداد وطني. وأثار الحادث صدمة كبيرة بين سكان لشبونة والسياح على حد سواء، إذ بدا التأثر واضحا في الشوارع. والخميس، يواصل المحققون عملهم في موقع الحادث، وهم يرتدون قفازات زرقاء وسترات فسفورية، متفحصين هيكل العربة المحطمة بحثا عن أي أدلة قد تقود إلى كشف أسباب الكارثة. من جهته، عبّر السائح الإسباني أنطونيو خافيير عن مشاعر مختلطة من الارتياح والقلق إذ كان يخطط مع عائلته لركوب الترام في ذلك اليوم. وقال في تصريح لفرانس برس "كنا نُفكر في استقلال هذه العربة، لكن الطوابير كانت طويلة… وفي النهاية لم نصعد".