قال الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بمجلس النواب إن "التنمية الشاملة على امتداد التراب الوطني تحتاج إلى توزيع عادل في الاستثمار العمومي والخاص، وفي الاستفادة من الاستراتيجيات القطاعية وميزانيات التأهيل المجالي، حيث إن النشاط الاقتصادي خارج المحور طنجة-الجديدة يظل دون المستوى المطلوب لتحقيق اندماج مجالي عادل". وأضاف الفريق الاشتراكي، في مداخلة قدمها رئيسه عبد الرحيم شهيد خلال المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026، أن 3 جهات تستأثر بأكثر من 58 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الوطني، هي الدارالبيضاء-السطات والرباط-سلا-قنيطرة وطنجة–تطوان-الحسيمة"، مسجلا أن "الجهات نفسها تحتلّ الصدارة من حيث القيمة المضافة لقطاعات النشاط الاقتصادية الرئيسية الثلاثة، في تكريس واضح للفوارق الجهوية وتأثيراتها على التنمية الاقتصادية". "إخفاق حكومي" قال عبد الرحيم شهيد إن الحكومة "فشلت وتحولت إلى تدبير إداري بدون نفس سياسي"، موضحا أن هذا الفشل تجسّد في عدم الرفع من وتيرة النمو إلى معدل 4 بالمائة خلال الولاية الحكومية، وعدم إحداث مليون منصب شغل صاف على الأقل، وعدم رفع نسبة نشاط النساء من 20 بالمائة إلى أكثر من 30 بالمائة". كما سجل أنها "فشلت في "تسريع تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، وفي إخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة، وكذا في رهان حماية وتوسيع الطبقة الوسطى، بالإضافة إلى إخفاقها في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية من 46.4 بالمائة إلى أقل من 39 بالمائة"، مبرزا "فشلها في تعبئة المنظومة التربوية لتحسين تصنيف البلاد على الصعيد الدولي، وفي تعميم التعليم الأولي لفائدة كل الأطفال ابتداءً من سن الرابعة، وفي تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية". من جهة أخرى، أضاف رئيس فريق "حزب الوردة" أن الحكومة "جعلت لقانون المالية عنوانين بارزين، الأول يتعلق ب27 ألف منصب شغل لقطاعي التعليم والصحة، أما الثاني فيتعلق برفع ميزانية القطاعين إلى 140 مليار درهم"، مبرزا أن "هذه الأرقام لا تكتمل قراءتها إذا لم تأخذ بعين الاعتبار أن 40.2 بالمائة من موظفي قطاع التربية الوطنية يوجدون في الفئة العمرية 50 سنة فما فوق، وترتفع هذه النسبة إلى 47.4 بالمائة بالنسبة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، و20.4 بالمائة بالنسبة لقطاع الصحة والحماية الاجتماعية". وأوضح شهيد أن "عدد الموظفين الذين سيحالون على التقاعد لبلوغ حد السن القانوني برسم سنتي 2025 و2026 من المتوقع أن يصل إلى 9506 موظفين بالنسبة لقطاع التربية الوطنية، و1958 بالنسبة للتعليم العالي، و2668 بالنسبة لقطاع الصحة والحماية الاجتماعية". "حكومة محظوظة" بدوره، قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إن "هذه الحكومة محظوظة بكل المقاييس، توفر لها ما لم يتوفر لغيرها"، مضيفا أنها "محظوظة لأنها حققت من المداخيل ما لم يتحقق لغيرها، ولم تنطلق من فراغ، بل وجدت تراكمات فيها الإيجابي أكثر من السلبي"، وتساءل: "هل انعكست مليارات المداخيل على ملايين المواطنين في المدن والمناطق القروية والجبلية، من شباب ونساء وأطفال ومعاقين وموظفين وعمال وفلاحين وتجار وغيرهم؟". وأضاف رئيس الفريق الحركي أن "غياب الأثر أو محدوديته هو الذي ولّد مجموعة من الاحتجاجات، من جيل Z إلى نساء ورجال التعليم، والأطباء والمحامين، ومن شباب الفنيدق إلى أكادير وآيت بوكماز وفكيك وغيرها"، مؤكّدا أن "هذه الاحتجاجات كسرت صمت الحكومة، التي عبّرت عن استعدادها للحوار عبر شاشات التلفزة الوطنية وحتى الأجنبية". وتساءل القيادي في "حزب السنبلة" مستنكرا: "هل كان لا بد من الاحتجاج للقيام بزيارات ميدانية للمستشفيات وإخراج آليات طبية كجهاز السكانير من المخازن؟"، متابعا: "هل تحتاج هذه الحكومة دائما لتعبيرات احتجاجية من أجل الحوار وحل المشاكل؟ أليس من واجبها التحلي بالنظرة الاستباقية للحفاظ على السلم الاجتماعي؟". وأشار المتحدث إلى أن "القرى والمناطق الجبلية لا تزال تعاني من الفقر والهشاشة والنقص في البنيات والمرافق الأساسية، وبالتالي لا مكان اليوم ولا غدا لمغرب يسير بسرعتين"، مضيفا: "المغرب الصاعد لا يمكن أن يُبنى على فوارق اجتماعية ومجالية، بل على تنمية ترابية مندمجة، ولعل المدخل الحقيقي لهذه التنمية هو تسريع تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري". وفي المقابل، شدد رئيس الفريق الحركي على أن "الحصيلة الحكومية ضعيفة في كل المؤشرات: التشغيل لم يتحسن، التعليم تراجع ترتيبه، الفوارق المجالية والاجتماعية تفاقمت، مدخول 'الكرامة' للمسنين لم يُفعّل، وزيادة 2500 درهم لنساء ورجال التعليم مازالت حبيسة التصريحات"، وزاد متسائلا: "لماذا عجزت الحكومة عن الرفع من التمكين الاقتصادي للنساء إلى 30 بالمائة؟ ولماذا تراجع نشاط المرأة إلى ما دون 19 بالمائة؟". وشدد المتحدث على أن "المرأة هي ركيزة المجتمع، ولا بد أن يكون للمرأة الأم بالمنزل دعم خاص لأنها تقوم بدور مجتمعي مهم"، موردا: "لا بد أن تحظى بتمييز إيجابي على مستوى الأجر والعطلة والإعفاء من الضرائب والرسوم، أخذا بعين الاعتبار دورها المزدوج كربة بيت وموظفة أو عاملة، ولا بد أن تستفيد من قفزة نوعية خاصة"، مثيرا الانتباه إلى "المآسي الاجتماعية التي تفاقمت في المجتمع نتيجة ارتفاع حالات الطلاق، والأمهات العازبات، وزواج القاصرات، والعنف والاغتصاب، والإجهاض السري". "أدلة تشهد" من جانبه، أكد النائب عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب أحمد العبادي أن "الحكومة عجزت عن إحداث التحول الاقتصادي المنتظر. فلم تحقق خلال ثلاث سنوات سوى متوسط نمو يتراوح حول 3 بالمائة"، مبرزا أن "التحسن الإيجابي الحالي لا يعود بالضرورة إلى قرارات حكومية خارقة، بقدر ما يعود إلى عوامل معظمها موضوعي، على غرار: تساقطات الموسم السابق، الفوسفاط، الخدمات، عائدات السفر، تحويلات مغاربة العالم". وتابع العبادي: "عندما نقول إن الحكومة فشلت اقتصاديا، فالمعيار الأول هو ارتفاع البطالة"، مضيفا: "أما الثاني فهو العجز في تطوير السيادة الاقتصادية"، فيما يعد الشاهد الثالث هو "غياب البعد الإيكولوجي"، وزاد: "وبالدليل، انطلاقا من أرقام الحكومة نفسها فقد انتقل العجز التجاري من -200 مليار درهم في 2021 إلى -334 مليار درهم في 2025". وأوضح النائب عن فريق "حزب الكتاب" أنه "رغم إنفاقها عشرات المليارات من الامتيازات والدعم متعدد الأشكال على كبار المستثمرين في الفلاحة، وعلى كبار الفراقشية، فإنه في عهد هذه الحكومة، خلال 4 سنوات، بلغ إجمالي وارداتنا من المواد الغذائية 360 مليار درهم، وبلغت صادراتنا منها 317 مليار درهم، بمعنى عجز قدره 43 مليار درهم". ومضى شارحا: "أصبحنا نستورد الحبوب والزيت والزيتون والقطاني والعسل والأبقار والأغنام والماعز، في مقابل احتلالنا المراتب الأولى في تصدير لافوكا والدلاح، على حساب الفرشة المائية، وعلى حساب الفلاح الصغير والمتوسط"، كما "ثمن المنجزات في قطاع الماء، وتخصيص 16.4 مليار درهم لبرنامج التزود بالماء"، وفي الوقت نفسه أكد "ضرورة الانتقال إلى ترشيد الطلب". وبخصوص السيادة الصناعية، أشار العبادي إلى وجود "منجزات في قطاعات السيارات وقطع غيار الطائرات والإلكترونيك. لكن الحكومة لا تزال بعيدة عن التصنيع الحقيقي الحديث، بدليل ارتفاع نسبة المدخلات الخارجية، وضعف نقل التكنولوجيا، وضعف مردودية التشغيل، وضعف مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام". كما نبه "إلى مخاطر الإفراط في الاقتراض، ومخاطر الاعتماد على التمويلات المبتكرة، ليس فقط من حيث تهديد المرفق العمومي، ولكن أيضا لكونها موارد مؤقتة تستعملها الحكومة لتغطية نفقات ذات طابع دائم، وخفض العجز في الميزانية"، مسجلا أن "حصيلة هذه التمويلات المبتكرة، في عهد هذه الحكومة، تجاوزت 140 مليار درهم"، داعيا إلى "إعادة تقييم الامتيازات الجبائية لحذف غير المجدي منها، وهي التي استنزفت 32 مليار درهم في سنة واحدة، أي 2 بالمائة من الناتج الإجمالي".