تستعد المعارضة البرلمانية لاتخاذ خطوة جديدة داخل مجلس النواب، عقب الجدل الذي تفجّر مؤخراً بشأن شبهات تضارب المصالح في صفقات الأدوية، وما يرافق القطاع من اختلالات بنيوية، أبرزها ارتفاع الأسعار وشبهات الاحتكار، وهي إشكالات سبق للحكومة وتقارير رسمية أن أقرت بوجودها. وتعمل فرق المعارضة، التي لم تنجح سابقاً في تمرير لجنة تقصي الحقائق المتعلقة بدعم استيراد الماشية، على تعبئة أعضائها وجمع التوقيعات اللازمة لتحقيق شرط الثلث المنصوص عليه في الفصل 67 من الدستور، والذي يتيح تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق. ويهدف مشروع الطلب الذي تتداوله مكونات المعارضة إلى تشكيل لجنة نيابية للتحقيق في تنظيم وتوزيع ودعم الأدوية داخل المغرب، وتقييم أثر ذلك على قدرة المواطنين على الولوج إلى الأدوية بأسعار مناسبة. ويؤكد الطلب أن موضوع أسعار الأدوية وظروف الولوج إليها أصبح محط نقاش واسع داخل الرأي العام، خصوصاً في سياق تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، إضافة إلى ما أثير بشأن استفادة شركة مرتبطة بأحد أعضاء الحكومة من عمليات استيراد أدوية، فضلاً عن شكايات تتعلق ببيع بعض المصحات لأدوية بأثمنة مرتفعة بشكل كبير. وتعتبر المعارضة أن من بين مهام اللجنة فحص أثر الإعفاءات الجمركية والضريبية على الأسعار المحلية، واستجلاء الأسس المعتمدة لتحديد أثمنة البيع وهوامش الربح عبر سلسلة التوزيع، من الاستيراد إلى الصيدلية. كما تسعى إلى الوقوف على مدى احترام الحكومة لمقتضيات القانون الإطار للإصلاح الجبائي، خاصة المادة 8 المتعلقة بترشيد التحفيزات الجبائية. وإلى جانب ذلك، تهدف اللجنة—في حال تشكيلها—إلى تقييم مردودية الدعم العمومي الموجه لقطاع الأدوية، ومدى شفافيته ونجاعته، في ظل الشكاوى من ندرة بعض الأصناف الطبية أو ارتفاع كلفتها. كما تبحث في أسباب تمسّك الحكومة ببعض القرارات التنظيمية أو المالية رغم الجدل الذي تثيره على مستوى الرأي العام. ويشمل مشروع الطلب أيضاً التحقيق في واقع الصناعة الدوائية الوطنية وإمكانية وجود ممارسات احتكارية، إضافة إلى متابعة مسار الأدوية المستوردة والمصدَّرة، وحالة التزود داخل السوق المحلية. وترى المعارضة أن هذه اللجنة ستكون مناسبة ل"تكريس الشفافية" والاطلاع على حقيقة الشبهات المتداولة، وتدعيم الثقة في المؤسسات، وتوفير معطيات دقيقة لتقييم السياسات العمومية في مجال الدواء، سواء لتطمين الرأي العام في حال غياب أي مخالفات، أو لاتخاذ الإجراءات اللازمة إذا ثبت وقوع تجاوزات تمس الأمن الدوائي للمملكة.