خلص الاجتماع السنوي الموسع للنيابات العامة في الدول الأعضاء بالاتفاق الرباعي لمكافحة الإرهاب—المغرب، بلجيكا، إسبانيا وفرنسا—إلى الدعوة لتعزيز التنسيق القضائي وتطوير آليات التعاون لمواجهة التحولات المتسارعة في خارطة التهديدات الإرهابية. الاجتماع الذي انعقد بالرباط يومي 10 و11 دجنبر 2025 بدعوة من المملكة المغربية، ناقش المستجدات الجيوسياسية التي ساهمت في تصاعد خطاب التطرف العنيف واتساع رقعة العمليات الإرهابية في العالم. وسجّل المشاركون أن الهزائم التي مُنيت بها التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق شكّلت منعطفا أدى إلى تغيّر أساليب الاستهداف، خصوصاً بعد دعوة تنظيم "داعش" أتباعه إلى تنفيذ عمليات في دول الإقامة بدل الالتحاق بمناطق نفوذه، مما رفع منسوب المخاطر ضد المدنيين والبنى التحتية. كما شدد الاجتماع على التحول اللافت لمراكز نفوذ الإرهاب نحو منطقة الساحل الإفريقي التي أصبحت مسؤولة لوحدها عن 60% من الوفيات الناتجة عن العمليات الإرهابية سنة 2024. وأكدت أطراف الاتفاق على استمرار تحديات الأمن الداخلي رغم الجهود المبذولة، معتبرة أن الفضاء الرقمي أصبح منصة مفتوحة للتجنيد ونشر التطرف، في وقت تتواصل فيه محاولات التنظيمات استغلال بؤر التوتر الإقليمية واستقطاب عناصر جديدة عبر الإغراءات المادية والهشاشة الاجتماعية. وعبرت الدول المشاركة عن قلقها إزاء تنامي الخطاب السياسي المتشدد في بعض الدول الغربية وما قد يشكله من أرضية خصبة للتطرف. ونبّه البيان الختامي إلى الصعوبات المتزايدة في تعقب الاتصالات المشفرة التي يعتمدها الإرهابيون، داعياً شركات التكنولوجيا إلى الانخراط الجاد في جهود مكافحة الإرهاب عبر وضع إطار قانوني واضح مع الدول المعنية لتسهيل الولوج السريع للمعلومات المطلوبة في سياق التحقيقات القضائية. كما دعا المجتمعون إلى تفعيل آليات التعاون الدولي للحصول على أدلة من المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية، وتحويلها إلى أدلة قانونية قابلة للاستعمال أمام القضاء، بهدف محاكمة العائدين ليس فقط بسبب التحاقهم بتنظيمات إرهابية، ولكن أيضاً عن الجرائم المرتكبة في مناطق النزاع. وسجل الاجتماع بقلق الارتباط المتزايد بين الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، خاصة في مجالات الاتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات، مؤكداً ضرورة تطوير تشريعات وآليات تعاون لمواجهة هذا التقاطع الخطير. وشدد المشاركون على أهمية اعتماد مقاربة شمولية للوقاية من التطرف العنيف وتفكيك خطابه، معتبرين أن المواجهة الأمنية والقضائية وحدها غير كافية دون معالجة الجذور الاجتماعية والفكرية للظاهرة. وفي ختام الاجتماع، عبرت الوفود المشاركة عن تقديرها للمغرب على حسن تنظيم هذا الموعد السنوي، وأكدت ارتياحها لمستوى التعاون القائم بين الأطراف، مع التطلع إلى تعزيز العمل المشترك للقضاء على الإرهاب وضمان احترام حقوق الدفاع والحريات الأساسية في مسار العدالة.