أكدت رئاسة النيابة العامة إلزامية إخضاع الأشخاص الموقوفين لفحص طبي كلما استدعت حالتهم ذلك، في إطار تعزيز حماية الحقوق والحريات وتكريس الحق في السلامة الجسدية، وذلك من خلال دورية جديدة وُجهت إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، صدرت بالرباط يوم الجمعة 19 دجنبر 2025. ويأتي هذا التوجيه في سياق تنزيل مقتضيات دستور 2011، خاصة الفصل 22 الذي يجرم كل أشكال المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية ويحظر التعذيب والمعاملات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وكذا في إطار تفعيل المستجدات التي جاء بها القانون رقم 23.03 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية، بما ينسجم مع التزامات المملكة في مجال حقوق الإنسان. وأبرزت الدورية أن إخضاع الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية لفحص طبي يعد إجراءً إلزاميًا كلما لوحظت عليه علامات أو آثار تستدعي ذلك، مع إشعار النيابة العامة قبل إجراء الفحص، وإسناده إلى طبيب مختص في الطب الشرعي أو إلى طبيب آخر عند الاقتضاء، مع توثيق هذا الإجراء في السجلات والمحاضر القانونية وإرفاقها بالتقرير الطبي. كما شددت على وجوب الأمر بإجراء الفحص الطبي من طرف الوكيل العام للملك أو وكيل الملك متى تقدم المشتبه فيه أو دفاعه بطلب في هذا الشأن، أو عند معاينة آثار تبرر هذا الإجراء، مؤكدة الطابع الإلزامي للفحص الطبي في حالة الأحداث، سواء بطلب من وليهم القانوني أو عند وجود مؤشرات تستوجب ذلك. وسجلت رئاسة النيابة العامة أن قانون المسطرة الجنائية الجديد أقر جزاءات إجرائية صارمة في حال الإخلال بهذه المقتضيات، إذ يعتبر باطلاً كل اعتراف مدون في محاضر الشرطة القضائية إذا تم رفض إجراء الفحص الطبي رغم طلبه من طرف المشتبه فيه أو دفاعه، أو عند وجود آثار ظاهرة للعنف. ودعت الدورية إلى فتح أبحاث تلقائية وفورية بخصوص نتائج الفحوص الطبية وتتبعها بجدية، مع القيام بزيارات منتظمة لأماكن الحرمان من الحرية للتأكد من شرعية الإيقاف وظروفه، والتفاعل الإيجابي مع طلبات إجراء الخبرات الطبية المعروضة على القضاء. كما نصت على إحداث سجل خاص بالفحوص الطبية، وتوجيه إحصائيات شهرية بشأنها إلى رئاسة النيابة العامة، مع الإشعار الفوري بالحالات التي تستدعي ذلك، بما يعزز آليات التتبع والتقييم. وختمت رئاسة النيابة العامة بالتأكيد على الأهمية البالغة لهذه التعليمات، داعية المسؤولين القضائيين إلى السهر على حسن تطبيقها بكل حزم وجدية، بما يضمن حماية الحقوق وصون الحريات ويعزز ثقة المواطن في العدالة.