قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن مشروع القانون رقم 33.17، المتعلق باختصاصات رئاسة النيابة العامة وقواعد تنظيمها، "متلائم على العموم" مع آراء المجلس الاستشاري لقضاة النيابة العامة الأوربيين، التابع لمجلس أوروبا. وأضاف المجلس، في رأي استشاري حول هذا القانون الذي أثار جدلاً داخل مجلس النواب، والذي ينقل رئاسة النيابة العامة من وزير العدل إلى الوكيل العام بمحكمة النقض، أن مشروع القانون "من متطلبات خيار استقلالية النيابة العامة عن السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، ويعزز استقلال القضاء ككل". وقال إن ذلك يشكل "انسجاماً مع روح دستور فاتح يوليوز ومتنه"، مشيراً إلى أن أهميته "تكمن في أنه يتعلق بالنظام التسلسلي للنيابة العامة التي يخول لها القانون مهمة السهر، باسم المجتمع والصالح العام، على تطبيق القانون كلما تم خرقه، مع مراعاة حقوق الأفراد وحرياتهم، وفي الوقت ذاته مستلزمات الفعالية الضرورية للعدالة الجنائية". ولاحظ المجلس، في الرأي الاستشاري الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، أن مشروع القانون يتضمن عشر مواد دون وضع عناوين أو تبويب لهذه المحتويات، وقال إن "هذا يدعو إلى التساؤل عن مدى تغطية هذا المشروع لجميع الجوانب المتعلقة باستقلال النيابة العامة عن وزارة العدل ونقل الاختصاصات من الثانية إلى الأولى، وتنظيم النيابة العامة بما يستجيب لمستلزمات هذه الاستقلالية دون إخلال بشروط الفعالية والموضوعية والحكامة الجيدة وقواعد الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة". وأشار إلى أنه كان "من المستحسن أن يُعتبر المشروع مناسبة لتحديد طبيعة استقلال النيابة العامة ونطاقه ومداه، ولتضمين بعض القواعد العامة المرتبطة بدور النيابة العامة من قبيل مبادئ الموضوعية والإنصاف والشفافية المرتبطة بدور النيابة العامة، إضافة إلى التزام السهر على توفير الحماية التي يضمنها الدستور والقوانين ذات الصلة للمشتبه فيهم والشهود والضحايا، وإخضاع كل توجيه ذي طابع عام صادر عن رئاسة النيابة العامة لشرط الكتابية وللنشر وفق إجراءات محددة، وربط الأمر بإجراء المتابعة في قضية خاصة بضمانات الشفافية والإنصاف". وأوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمراجعة المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية بما ينسجم مع اختيار استقلالية النيابة العامة، التي تنص على أن وزير العدل يشرف على تنفيذ السياسة الجنائية، ويبلغها إلى الوكلاء العامين للملك الذين يسهرون على تطبيقها. وفي ما يخص الاختصاصات التي يحل فيها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض محل وزير العدل، يرى المجلس أنه من الضروري "النص صراحة على أن له الحق في تبليغ ما يصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي إليهم مع أمرهم بمتابعة مرتكبيها، دون أن يمتد هذا الحق إلى الأمر بعدم إجراء الأبحاث والملاحقات القضائية بشأن الجرائم، وفقا لما هو منصوص عليه من التزامات وواجبات في توصية مجلس أوروبا رقم 19 بشأن دور النيابة العامة في العدالة الجنائية". وجاء في ملاحظات المجلس بخصوص المادة الرابعة من مشروع القانون أنه يجب "توضيح آليات المراقبة القانونية لعمل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بوصفه رئيسا للنيابة العامة متمتعاً بصلاحية الأمر بصرف الاعتمادات". وكان مجلس النواب قد صادق على المشروع الاثنين الماضي وسط انقسام حاد بين فرق الأغلبية؛ إذ وجه نواب حزب العدالة والتنمية انتقادات شديدة إلى هذا القانون الذي جاء به وزير العدل محمد أوجار، ولم يسجل المجلس الأعلى للسلطة القضائية أي ملاحظات سلبية. وكان لحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، طلب إبداء الرأي من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بعدما تباينت الآراء حوله داخل فرق الأغلبية، وانتهى في الأخير بالمصادقة عليه ب160 صوتا ومعارضة 53 نائباً من حزب الأصالة والمعاصرة.