"الخدمة العسكرية"..الإحصاء يشارف على الانتهاء وآفاق "واعدة" تنتظر المرشحين    تفاقم "جحيم" المرور في شوارع طنجة يدفع السلطات للتخطيط لفتح مسالك طرقية جديدة    جماهري يكتب.. 7 مخاوف أمنية تقرب فرنسا من المغرب    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و262    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    أحزاب الأغلبية تحسم الانتخابات الجزئية بفاس وبنسليمان لصالحها و"البيجيدي" يشكو تدخل المال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    طنجة.. توقيف متهم بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية بحوزته 2077 شريحة هاتفية    حيوان غريب يتجول في مدينة مغربية يثير الجدل    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    المغرب وإسبانيا .. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مفوض حقوق الإنسان يشعر "بالذعر" من تقارير المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    اتجاه إلى تأجيل كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025 إلى غاية يناير 2026    انتقادات تلاحق المدرب تين هاغ بسبب أمرابط    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    بنسعيد يبحث حماية التراث الثقافي وفن العيش المغربي بجنيف    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    المنتخب الوطني الأولمبي يخوض تجمعا إعداديا مغلقا استعدادا لأولمبياد باريس 2024    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    إساءات عنصرية ضد نجم المنتخب المغربي    وزير إسباني : المغرب-إسبانيا.. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    أساتذة جامعة ابن زهر يرفضون إجراءات وزارة التعليم العالي في حق طلبة الطب    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    هل تحول الاتحاد المغاربي إلى اتحاد جزائري؟    "إل إسبانيول": أجهزة الأمن البلجيكية غادي تعين ضابط اتصال استخباراتي ف المغرب وها علاش    شركة Foundever تفتتح منشأة جديدة في الرباط    نوفلار تطلق رسميا خطها الجديد الدار البيضاء – تونس    للمرة الثانية فيومين.. الخارجية الروسية استقبلات سفير الدزاير وهدرو على نزاع الصحرا    إقليم فجيج/تنمية بشرية.. برمجة 49 مشروعا بأزيد من 32 مليون درهم برسم 2024    تفكيك عصابة فمراكش متخصصة فكريساج الموطورات    بنموسى…جميع الأقسام الدراسية سيتم تجهيزها مستقبلا بركن للمطالعة    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فنانون دائمون في الفن.. مؤقتون في السياسة
نشر في الأيام 24 يوم 24 - 09 - 2021


* نجاة أبو الحبيب

ثلاث فنانات اخترن أن يصبحن "حمامات" حاملات لرسائل المجتمع والفن إلى قبة البرلمان باسم حزب التجمع الوطني للأحرار. وفنان رابع كان قد اختار حزب العدالة والتنمية ليصبح نائبا باسمه.
وبين الأمس واليوم، كانت هناك محطات ركب فيها الفنان قطار السياسة الآيل للتوقف في أي لحظة، قبل بلوغ محطة النهاية، حيث النزول الذي قد يعبر عن معناه الحقيقي، أو الصعود نحو القمة، كما عكست ذلك تجارب سابقة حكت عن نفسها بالاختصار المفيد.
عندما قال الحسن الثاني للطيب الصديقي: «آش بينك وبين شي سياسة؟»

خلفت ترشيحات فنانين في الانتخابات التي جرت في الثامن من شتنبر الجاري ردود فعل متباينة سواء داخل الأوساط الفنية أو خارجها، بين مؤيد ومعارض لولوج الفنان للسياسة وإعلان انتمائه حزبيا، على الرغم من أن الفنان، وخاصة المسرحيين منهم، كانت السياسة في الغالب حاضرة في مسرحياتهم بطرق غير مباشرة في شقها النقدي على الخصوص.
فقد سبق لرائد المسرح المغربي الطيب الصديقي أن عاش تجربة الترشح للانتخابات في مسقط رأسه بمدينة الصويرة، حيث حكى عن هذه التجربة في أحد حواراته بقوله: «لقد سبق أن رشحت نفسي للانتخابات في الصويرة وكنت أعلم أنني لن أفوز لأن إدريس البصري وزير الداخلية، كان يكرهني، وهل أنا في حاجة لأن أكون في البرلمان؟ ماذا سأفعل هناك؟» يعلق الطيب الصديقي ساخرا.
وقد عبر الفنان المسرحي عبد الحق الزروالي عن رأيه المعارض لدخول الفنان لمعترك الانتخابات مستشهدا بتجربة الصديقي، وذلك خلال مشاركة الزروالي في برنامج تلفزيوني حول الموضوع حين قال إن الملك الراحل الحسن الثاني قال للطيب الصديقي في لقاء له مع الفنان الفقيد: «آ الطيب آش بينك وبين شي سياسة؟، خليك بعيد على السياسة، واهتم بمسرحك»، وحين حاول الصديقي أن يبرر للملك سبب اتخاذه قرار الترشح للانتخابات، أجابه الحسن الثاني: «عندي ما يكفي من الأشخاص الذين يصلحون ليكونوا في قبة البرلمان، ولكن ليس لدي شخصين أو ثلاثة مثلك يمكنهم أن يعملوا هذا المسرح الذي أعتز به».

ثريا جبران بعد الوزارة: لقد ماتت خلايا الإبداع بداخلي

كانت الفنانة الراحلة ثريا جبران دائماً في قلب السياسة بشخصيتها وفنها أيضاً، وكانت ممارستها للسياسة فنيا، تعد إضافة كبيرة في مسارها الذي جاوز نصف قرن تقريبا، قبل أن يتوقف بشكل غير مباشر في سنة 2007 حينما فوجئت باختيارها وزيرة للثقافة، لتكون بذلك أول فنانة مغربية تصل إلى هذا المنصب.
ظلت الراحلة قريبة من هموم الفنانين، وتمكنت من جعل مرورها في هذا المنصب الذي غادرته مضطرة لأسباب صحية وهي في نصف ولايتها، يضيف الكثير للفنان، بدءا من خروج بطاقة الفنان للوجود، والالتفات إلى تحسين الوضع الاجتماعي للعاملين في الفن. لكن حلم ثريا الكبير لم يتحقق كاملا، كما سبق أن كشفت «للأيام» ذات حديث شجي عندما غادرت الوزارة التي خلفها فيها الكاتب بنسالم حميش.
كانت الفنانة الراحلة تحلم أن يكون للفنان مسكن يليق به، وكانت الخطوة الأولى التي بدأتها في هذا المشروع أنها ذهبت لزيارة الفنانة القديرة صفية الزياني في مسكن تنعدم فيه الكثير من عناصر العيش المريح صحيا. هذه الفنانة التي وجدت اليوم نفسها في الشارع مؤخرا بعد أن نفذ في حقها الحكم بالإفراغ في وقت تعاني فيه من وعكة صحية. لقد حدث فعلا ما كانت تخشاه ثريا جبران على كرامة الفنان، وما حدث مع صفية الزياني لا يشكل الاستثناء بالنسبة للعديد من الفنانين.
لكن منذ سنة 2007 وحتى وفاتها في غشت 2020، ابتعدت ثريا كليا عن المشاركة في أعمال فنية، حتى أن التلفزيون أوقف بث سلسلة كانت تجمعها بالممثل الكبير محمد خيي حينما عندما أصبحت وزيرة للثقافة، وكان هذا العمل الكوميدي الهادف يحظى بمتابعة كبيرة، فتساءل الكثيرون حينها عن مغزى أن يتوقف فجأة، في الوقت الذي ظل الجميع متشبثا بالنظر إلى ثريا الوزيرة على أنها فنانة، وساهمت هي الأخرى كثيراً في تكريس هذه النظرة. كانت تشعر أنها فنانة جمعت حولها ما تفرق في السياسة، حينما احتكت بكبار السياسيين، وكان قدرها أن يجاور قبرها قبر الراحل عبد الرحمان اليوسفي.
ابتعدت الفنانة الراحلة عن المجال دون أن تغيب عنه من خلال حضورها في العديد من التظاهرات الفنية. كانت ثريا تمارس السياسة بفنها ومسرحياتها الشهيرة القريبة جداً من نبض المجتمع في نظرته للممارسة السياسية، لكنها عندما مارست السياسة في ميدانها بعيدا عن الركح، لم يمر ذلك دون أن يترك أثرا. لقد انطفأ شيء داخلها، فقد روى عبد الحق الزروالي في أحد لقاءاته أنه مرة سأل ثريا جبران وكانت حينها لاتزال تمارس مهامها كوزيرة: هل تفكرين بعد مغادرة الوزارة في العودة إلى المسرح؟ فأجابته بالنفي، مضيفة: «لقد ماتت داخلي خلايا المبدعة، فحتى لو أردت العودة للمسرح فلن أستطيع».

ياسين أحجام: قدمت خبرتي للبرلمان كفنان

«حزب العدالة والتنمية هو الحزب الأقرب لي سياسيا»، هكذا عبر الفنان ياسين أحجام في أحد حواراته عن سبب اختياره خوض الانتخابات البرلمانية باسم حزب العدالة والتنمية، في مسقط رأسه شفشاون. كان قرار ياسين أحجام مفاجئا، وخاصة اختياره الانتماء لحزب إسلامي لم يكن يخفي نظرته للفن، وكذلك لتربيته داخل محيط أسري كان فيه الوالد قريبا جداً من الاتحاد الاشتراكي.
كان الممثل ياسين أحجام قد دخل عالم الفن في نهاية التسعينيات بعد تخرجه من المعهد العالي للمسرح والتنشيط، وعلى الرغم من الانتقادات التي طالت الفنان البرلماني بعد مغادرته للبرلمان الذي قضى به خمس سنوات، والتي عرف فيها المجال الفني عدة مشاكل خاصة على مستوى الإنتاج التلفزيوني وكذلك المجال السينمائي، فإن ياسين أحجام ظل مقتنعا بأنه وضع بصمته في الدفاع عن حقوق الفنان في فترة مروره بالبرلمان ، كما تحدث عن ذلك في أحد حواراته: «لم يسبق لي أن مارست السياسة، بالشكل التقليدي لكنني قدمت خبرتي العلمية وخبرتي التطبيقية كفنان حاصل على الماستر في موضوع المنظومة القانونية للفن للبرلمان المغربي عندما كنت نائبا»، مضيفا أنه قام «بخطوة تاريخية كبرلماني وهي اقتراح قانون الفنان والمهن الفنية إلى جانب الإرادة التي عبرت عنها مختلف الهيئات والنقابات التي تمثل الفن والثقافة في المغرب. وهذا القانون تم التصويت عليه بعد أن قمت بإنجازه وتم إصداره سنة 2016».
وعلى الرغم من أدائه للعديد من الأدوار في أعمال مغربية وعربية منذ ولوجه الفن في سنة 2001، ومنها على الخصوص سلسلة «بنات للا منانة» التي حققت شهرة واسعة، إلا أن بعض مشاركاته لم تساهم في شهرته، وكان آخرها دوره في «سلمات أبو البنات» في جزئه الأول الذي جسد فيه دور شخص مغتصب، جلب عليه سخط الجمهور، خاصة وأن هذه السلسلة حظيت بمتابعة كبيرة وتعاطفا مع بطلات العمل.

فاطمة خير: سيدة من زمن الكبار «بين البارح واليوم»

فاطمة خير الفنانة بالأمس، والبرلمانية اليوم، ونائبة فيدرالية الفنانين التجمعيين. «بين البارح واليوم» لم يكن فقط مجرد عمل مسرحي يقارن بين حاضر وماضي من خلال مسار في بعده السياسي والاجتماعي والفني، ولكن كان محطة انطلاق لحياة مشتركة جمعت فاطمة خير بالفنان سعد التسولي منذ عشرين سنة. لتجد نفسها تروي تعطشها للمعرفة أكثر مع احتكاكها بحماها شيخ المسرحيين محمد التسولي جد ابنيها آية ويحيى، والذي كان قد راكم حينها أربعين سنة من الفن بفرقته «الشهاب»، التي سلم قيادتها لسعد وفاطمة في ذكرى الميلاد الستين للفرقة التي أعادت فاطمة لخشبة المسرح بعد سنوات من الابتعاد عن الركح الذي كانت منه انطلاقتها. حيث عمدت فاطمة رفقة زوجها إلى الرقي بالمسرحيات التي يقدمونها لمناقشة القضايا العربية والاجتماعية، ومنها مسرحية «المشقوف» حول اللاجئين السوريين، وكذلك «قنبولة» تكريما للمغاربة الذين شاركوا في تحرير فرنسا، وغيرها من الأعمال ذات البعد السياسي والاجتماعي على الخصوص.
لعل بداية فاطمة خير مع الكبار، وراء شخصيتها الرزينة، فحين مازحها يوما الكوميدي حسن الفد على خشبة أحد المهرجانات، بقوله أنه كان يعرفها كزميلة منذ كان يجب عليها العودة للمنزل قبل أن تضاء مصابيح الشارع، كان يذكرها بقرار الجدة والجد من أبيها خوفا على الطفلة التي تربت في كنفهما منذ سن الثالثة عشرة حينما توفي والدها في حادثة سير، وهذا الفقد كان وراء انخراط فاطمة خير في التحسيس بمخاطر حوادث السير في برنامج «طريق الخير» لسنوات.
فحين وضع القدر الفنان الكبير محمد سعيد عفيفي في طريق فاطمة خير في بداية تكوينها الفني في المعهد الذي كانت تذهب إليه خلسة عن جديها، كان الفنان الراحل قبل أن يقرر أن يرافقها لمنزل جديها لإقناعهما بموهبة فاطمة وتعهده بالاهتمام بها، قد جربها في اختبار دور «أوفيليا» بطلة مسرحية «هاملت» لشكسبير الذي كان عفيفي يعشق أدبه بجنون، لكن فاطمة لم تكن تدري أن القدر أيضا سيجعل في طريقها فنانا كبيرا أيضاً سيكون وراء انطلاقتها الأولى في التلفزيون في نهاية الثمانينيات بفيلم «وفاء» الاجتماعي وبجانبها القديرة الفنانة الراحلة أمينة رشيد.
ساعد احتكاك فاطمة خير بالكبار على مدى ثلاثين سنة من مسارها على حفاظها على اختيار أعمالها، مفضلة أحيانا العطالة على أن تغامر باسمها في عمل لا يضيف لمسارها شيئا، لدرجة أنها غابت عن التلفزيون تسع سنوات قبل أن يعيدها مسلسل «الماضي لا يموت» إلى الجمهور إلى جانب رشيد الوالي بعد مرور خمسة عشر سنة على آخر عمل شاركا فيه معا.
وإذا كان زملاء فاطمة خير يعرفون جيدا شخصيتها الميالة للاهتمام كثيرا بالقضايا الاجتماعية، ونجاحها في تقديم برنامج «قضايا وحلول»، فإن الكثير من اختياراتها لأعمالها تعكس ذلك أيضاً ومنها فيلم «القسم رقم 8» الشهير، و«سعيدة» الذي جسدت فيه دور سيدة متزوجة تتعرض للاغتصاب، وهو من الأدوار الصعبة التي أدتها فاطمة خير، وفيلم «نساء ونساء» وغيرها.
ولعل ملامح فاطمة المعبرة والجادة ساعدتها كثيراً في لفت الانتباه إليها كما حدث مع كاظم الساهر حينما شاهدها على ملصق فيلم «ياقوت» ليختارها بطلة لشريطه الغنائي المصور حول الجولان.
لم يفاجئ ولوج الفنانة فاطمة خير عالم السياسة وسطها الفني، لكن هل ستتمكن من أن تنجح فيما فشل فيه زميلاها السابقان داخل قبة البرلمان لمدة خمس سنوات: ياسين أحجام، وفاطمة تباعمرانت؟.

كليلة بونعيلات: "الطريق إلى البرلمان" بعد "الطريق إلى كابول"

لعل أبهى النجاحات التي عاشتها الفنانة كليلة بونعيلات ابنة سوس ماسة، كانت مع فيلم «الطريق إلى كابول» الذي يعالج معضلة الهجرة السرية، من إخراج زوجها إبراهيم الشكيري، لكونه أول فيلم في تاريخ السينما المغربية يحقق أعلى إيرادات في شباك التذاكر، رغم تعرضه للقرصنة، قبل أن يتحول فيما بعد إلى سلسلة تلفزيونية ناجحة، دون أن يؤثر ذلك على الإقبال على مشاهدة الفيلم. لكن طريق كليلة بونعيلات إلى الفن في سنة 2004 كان صدفة، وذلك حينما وجدت نفسها تعوض أختها «دمنة» في سلسلة فكاهية اجتماعية، لتواصل مسارها الفني إلى اليوم، بعد تحولت شقيقتها إلى مخرجة، لتلتفت كليلة أكثر إلى كتابة السيناريو، من خلال عملها «الماضي لا يعود» الذي شاركت في تمثيله أيضاً وأخرجه زوجها.
وللصدفة أسرارها أحيانا، فكليلة بونعيلات وفاطمة خير الفنانتان اللتان ينتظرهما مقعدان في البرلمان، كانتا معا قبل سنتين قد تألقتا في عملين بعنوانين شبيهين: «الماضي لا يموت»، و»الماضي لا يفوت»، ولأن الماضي يستحضره الحاضر أحيانا في مواقف واختيارات، فإن الفقيه الذي درس «كليلة ودمنة» في جامع القرية، لم يتردد في التفاعل مع كليلة عبر رسالة إلكترونية يعيدها فيها إلى ذكريات الطفولة حينما كانت ترافقهما جدتهما كل يوم إلى «المسيد» لتعلم القرآن الكريم، لأن والدتهما كانت موظفة بالبريد، ووالدهما الحاج عمر كان حريصا على تعليم القرآن لتوأميه اللتين اختار لهما اسمين دالين من عالم التراث الأدبي النادر والهادف والناطق بالحكمة على لسان الحيوانات، فهل كان الوالد الذي كان دون شك معجبا بكتاب «كليلة ودمنة» الذي ترجمه ابن المقفع إلى العربية، والذي يضم من أبوابه عنوان «الحمامة المطوقة» يستشعر دخول ابنته لمعترك السياسة؟
حينما عبرت كليلة بونعيلات عن رغبتها في خوض الترشح للانتخابات، وجدت تشجيعا كبيرا من محيطها الأسري والفني، خاصة وأنها ثاني فنانة تنتمي لنفس الجهة التي عرفت ولوج الفنانة الشعبية الأمازيغية فاطمة تباعمرانت لقبة البرلمان في انتخابات 2011.

فاطمة تابعمرانت التي علمتها الصحافة القراءة: "لن أكرر التجربة"

حينما دخلت الفنانة الشعبية الأمازيغية فاطمة تبعمرانت عالم السياسة من بوابة البرلمان كأول فنانة تمثل المغاربة في قبته، لم يكن ذلك ليمر دون أن يشكل مفاجأة لم يستسغها الكثيرون، حتى بات مرورها في جلسات الأسئلة في البرلمان يجذب فضولا لمتابعتها.
لكن تباعمرانت ظلت طيلة السنوات الخمس التي قضتها برلمانية، مواظبة على الحضور والتمسك بالظهور بزيها المزين برموزه الأمازيغية، كما ظلت بعد خروجها من البرلمان، تردد أنها لن تخوض التجربة مرة أخرى، لكنها مقتنعة أنها أدت دورها كنائبة، كما لخصت ذلك في أحد حواراتها. «نعم نجحت في تحقيق مجموعة من المكتسبات، التي وعدت بها الناس في حملتي الانتخابية، دافعت عن الأمازيغية كلغة رسمية للمغاربة، وكنت أول امرأة تطرح سؤالا بالأمازيغية في البرلمان المغربي، وبهذا أفسحت الطريق أمام أمازيغ آخرين لطرح أسئلتهم باللغة الأمازيغية داخل قبة البرلمان، وهي سابقة لم يشهدها البرلمان المغربي من قبل، وناضلت كذلك من أجل إقرار رأس السنة الأمازيغية كعطلة رسمية في المغرب، وناضلت من أجل مكتسبات أخرى».
لم تتوقف فاطمة تابعمرانت خلال فترة ولايتها بالبرلمان عن متابعة حياتها الفنية بشكل طبيعي، خاصة وأن دخولها معترك السياسة أكسبها شهرة أوسع خاصة في منطقتها بالأطلس الصغير، حيث عاشت يتيمة الأم في سن مبكرة، مما فتح أحاسيسها على التعبير عن يتمها بواسطة الكلمة المغناة، وتفتقت موهبتها في نظم الشعر الذي عمدت إلى جمعه بعد سنوات في كتاب.
وعلى الرغم من مستوى تعليمها المتواضع جدا حينما دخلت فاطمة تابعمرانت مجال الفن في بداية الثمانينات وبصعوبة كباقي المعاناة التي عاشتها جل الفنانات الشعبيات من جيلها بفعل محيطهن المحافظ، إلا أنها وجدت سندا في زوجها، وحين بدأت شهرتها في الصعود بشكل ماراطوني داخل الوطن وخارجه، لم تعد فاطمة تبعمرانت تكتفي بما يحكى لها على متابعة الصحافة لأخبارها، فقررت أن تتعلم القراءة، لتطلع بنفسها عما يكتب عنها، حتى أنها اعترفت في أحد حواراتها بأن للصحافة الفضل في تعلمها القراءة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.