محطة القطار "الرباط الرياض" تفتتح تأهبا لاستقبال كان المغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    الصين.. حجم صناعة الذكاء الاصطناعي سيتجاوز 170 مليار دولار في 2025    رافينيا يحسم مستقبله مع برشلونة بقرار مثير: "لن أغادر الفريق قبل التتويج بدوري أبطال أوروبا"    طقس عاصف يوقف الدراسة بالمضيق-الفنيدق    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات الرعدية بإقليم آسفي إلى 37 وفاة واستنفار متواصل للسلطات    فاجعة الفيضانات.. الحزب الاشتراكي الموحد بآسفي يحمّل المسؤولية للمسؤولين على التدبير المحلي    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    كيوسك الاثنين | إطلاق أكبر مخطط هيكلة لشبكات الماء الشروب بجهة الدار البيضاء    مطالب بإحداث مطبّات لتخفيف السرعة أمام مدرسة البلسم الخاصة بالجديدة    من المعبد إلى المدرّج: كرة القدم بوصفها دينا ضمنيا    آلاء بنهروال... كفاءة مغربية شابة تتوج مسارها الأكاديمي بماستر في علوم البيولوجيا بجامعة مونبليي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    محكمة الاستئناف بالجديدة تُدين ممرضا في الصحة النفسية بتهمة التحرش بعد إلغاء حكم البراءة    إشادات بشجاعة بائع الفواكه أحمد الأحمد.. "البطل" الذي تصدى لمنفذي هجوم استراليا    الأمطار الغزيرة في آسفي توحد جهود المجتمع والدولة لمواجهة الفاجعة    كأس العالم للأندية سيدات .. الجيش الملكي يضرب موعدًا مع أرسنال في نصف النهائي    ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم سيدني إلى 16 قتيلا و40 مصابا    أمطار قوية وتساقطات ثلجية ورياح عاصفية مرتقبة بعدد من مناطق المغرب    من باريس.. فرحات مهني يعلن ميلاد جمهورية القبائل ويطرق أبواب الاعتراف الدولي        لقجع ل"فرانس فوتبول": كرة القدم المغربية بُنيت بعقل استراتيجي لا بمنطق الإنجاز العابر    التوفيق يبرز بواعث الحاجة إلى المذهب المالكي في ظل التحولات المجتمعية    الخصوصية التفاعلية والقاتلة    انتخاب محمد شويكة رئيسا للجمعية المغربية لنقاد السينما    الرباط تحتضن مهرجان "ربادوك" للسينما الوثائقية    طنجة تحتضن البطولة الوطنية للشرطة في الجيدو والكراطي بمشاركة واسعة    رونار: السلامي صديقي لكن عليه التوقف    أكادير تحتفي بعشرين سنة من تيميتار: دورة إفريقية بامتياز تسبق كأس أمم إفريقيا وتجمع الموسيقى الأمازيغية بالعالم    المغرب يوقّع على سابقة غير مسبوقة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    من شفشاون إلى الرباط: ميلاد مشروع حول الصناعة التاريخية    توقيف مشتبه به في حادث جامعة براون    تطبيق "يالا" يربك الصحافيين والمشجعين قبل صافرة انطلاق "كان المغرب 2025"    أوجار من الناظور: الإنجازات الحكومية تتجاوز الوعود والمغاربة سيؤكدون ثقتهم في "الأحرار" عام 2026    احتفال يهودي بأستراليا ينتهي بإطلاق النار ومصرع 10 أشخاص    ائتلاف يدعو إلى وقف تهميش المناطق الجبلية وإقرار تدابير حقيقية للنهوض بأوضاع الساكنة    مقتل 10 أشخاص في إطلاق نار خلال فعالية يهودية في سيدني    مجلس النواب والجمعية الوطنية لمالاوي يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون البرلماني    استقالات جماعية تهز نقابة umt بتارودانت وتكشف عن شرخ تنظيمي.    إسرائيل تندد ب"هجوم مروع على اليهود"    ألمانيا: توقيف خمسة رجال للاشتباه بتخطيطهم لهجوم بسوق عيد الميلاد    زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب غرب إندونيسيا    مسؤول ينفي "تهجير" كتب بتطوان    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش    البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة        المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هم المفاوضون الخمسة الاساسيون على الاتفاق المفقود بين إسرائيل وحماس
نشر في الأيام 24 يوم 21130

أحيى مخطط الخروج من الازمة الذي عرضه جو بايدن الأسبوع الماضي المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس. لكنه مسلسل بالغ التعقيد، تشرف عليه الولايات المتحدة من جهة والوسطاء المصريون والقطريون من جهة ثانية.

"خارطة الطريق من أجل وقف دائم لإطلاق النار" التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة 31 ماي الماضي، أحيت مسلسل المفاوضات الرامية إلى إنهاء العمليات القتالية في غزة والافراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس. الإنطلاقة الجديدة لاستئناف هذه المفاوضات، التي كانت متوقفة منذ دخول القوات الإسرائيلية لمدينة رفح في بداية شهر ماي، أعطيت مع عودة مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية وليام بورنز إلى الدوحة يوم الأربعاء 5 يونيو.

مخطط الخروج من الازمة ، الذي اعتبرته حماس " إيجابيا" واستقبلته إسرائيل بفتور واضح، ينص على عودة الهدوء على ثلاث مراحل: الأولى تشمل وقفا لإطلاق النار لست أسابيع مقرون بانسحاب إسرائيل من المناطق السكنية في غزة وإطلاق سراح بعض الرهائن (النساء والأطفال والمسنين) مقابل الافراج عن سجناء فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
الخلاف الأبرز بين الطرفين يكمن في المرحلة الثانية المفترض أن تضع نهاية للمواجهات وتقود إلى انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع وعودة آخر الرهائن الإسرائيليين. أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتتعلق بإعادة إعمار غزة.

حماس تطالب بضمانات بعدم استئناف إسرائيل هجومها بمجرد الافراج عن الرهائن. من جانبه يخشى بنيامين نتنياهو من أن يصبح مكتوف الايدي. فترسيم نهاية الحرب سيعرضه لانتقادات وهجمات الجناح اليميني المتطرف لحكومته الذي يحلم بإعادة احتلال غزة. ويتعين على الوسطاء الثلاثة المنخرطين في الملف، الولايات المتحدة ومصر وقطر، البحث عن الصيغ الملائمة وتوصيل الرسائل الكفيلة بتلبية المطالب المتناقضة للطرفين. وفيما يلي توضيح لهذه المعادلة المعقدة ذات الابعاد الخمسة من خلال شخصيات الفاعلين الأساسيين في هذه المفاوضات.

دافيد بارنيا، رأس المخابرات الإسرائيلية

في هذه المفاوضات يضطلع رئيس الموساد دفيد بارنيا بمهمة الناطق باسم حكومة منقسمة على نفسها بشكل عميق. وإلى جانب جنرال الاحتياط نيتزان ألون المكلف بالرهان والمختفين ورئيس الاستخبارات رونان بار ، يقود بارنيا فريقا لم يعد يخفي" خيبته الكبيرة" من موقف حماس وبالأخص من مواقف نتنياهو. وحسب مصادر قريبة من المفاوضات فإن نتنياهو يحاول "نسف" جهود المفاوضين، بهدف إطالة أمد الحرب من أجل الاستمرار في السلطة مع حرصه على الاستجابة لمطالب شركاءه في الحكم من اليمين المتطرف الذين يريدون تنفيذ تطهير عرقي في غزة.

ومنذ شهور تعيش الحكومة الإسرائيلية انقسامات حادة حول هامش المناورة الممنوح لمفاوضيها. فقد طلب منهم نتنياهو العودة إلى إسرائيل من أجل التشاور لمدد طويلة وغير مفهومة. كما جرى تسريب بعض تفاصيل مشاوراتهم في الدوحة والقاهرة للصحافة، مما أثار عاصفة من الانتقادات من جانب اليمين المتطرف الإسرائيلي، والغموض لدى أسر الرهائن.
في بداية ماي، وبينما كانت المفاوضات الجارية تبدو مشجعة، منع نتنياهو المفاوضين الإسرائيليين من التوجه إلى القاهرة والدوحة. وفي الوقت الذي وافقت حماس على مسودة اتفاق عدلته مصر وقطر، كان رد نتنياهو هو بدء الهجوم على مدينة رفح.

وللحد من سلطة نتنياهو على إلحاقمزيد من الضرر وتعزيز موقع رئيس الموساد، نزل الرئيس الأمريكي بكل ثقله وعرض نص خطته التي كشف عنها يوم 31 ماي، وقدمها" كمقترح" إسرائيلي. وتشير بعض المصادر الإسرائيلية المتتبعة إلى أن رئيس الموساد قد يواجه الحكومة بقوة ولكنه يخشى التعبير عن وجهات نظره داخل مجلس الحرب الإسرائيلي مخافة تسريبها للصحافة..

دفيد بارنيا ضابط سابق في كومندو "سياريت متقال"، مثل نتنياهو. التحق بالموساد في سنوات 1990، واشتغل لسنوات في التجنيد والتعامل مع العملاء في الخارج ضمن فرع "تزوميت" الذي كان يترأسه. ومن بين رؤساء الأجهزة الامنية الإسرائيلية، يبقى الوحيد الذي لا تنتظر استقالته مع نهاية الحرب: ومهمته لا تغطي الأراضي الفلسطينية ومسؤوليته في ما وقع يوم 7 أكتوبر محدودة و هامشية.

وفي بداية ماي نشر مكتبه اعتذارا واعترف بأن هجوم حماس" فاجأه". وسبق لبارنيا أن أشرف قبل الحرب على التحويلات المالية الشهرية بعشرات الملايين من الدولارات التي تصل من قطر إلى غزة. وهي الأموال التي كان يفترض أن تحافظ على الهدوء في قطاع غزة المحاصر، لكنها تتعرض اليوم لانتقادات كبيرة في إسرائيل.

رئيس الموساد زار الدوحة عدة مرات ويحظى فيها بتقدير خاص، وكان موجودا هناك في نهاية سبتمبر قبل أيام من بداية الحرب، من أجل التفاوض على وقف المظاهرات التي بدأتها حماس على طول السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل. وهي مناورة من جانب حماس هدفها حسب إسرائيل تحويل الانتباه قبل تنفيذ هجوم 7 أكتوبر.
وحتى28 أكتوبر وبينما كانت مرحلة الهجوم البري في غزة قد بدأت، عاد رئيس الموساد مرة أخرى إلى الدوحة. وحسب مصدر قريب من المفاوضات اقترح خلال هذه الزيارة "هدنة" في المعارك للإفراج عن دفعة أولى من الرهائن، لكنه لم يحصل على موافقة مجلس الحرب الإسرائيلي إلا بعد ثلاثة أسابيع. وهذه الهدنة لمدة أسبوع سمحت بالإفراج عن حوالي 100 من الإسرائيليين والأجانب.
وحسب نفس المصادر، قبل فريق التفاوض الإسرائيلي يوم 28 فيراير التنصيص في الاتفاق على صيغة "العودة إلى هدوء دائم" في قطاع غزة. وهي صيغة فضفاضة غير كافية للتوفيق بين مطلب حماس بإنهاء الحرب ورغبة إسرائيل في الحفاظ على هامش المناورة. وظل الانتظار سيد الموقف حتى 27 أبريل لكي تقبل إسرائيل التنصيص بالحرف على هذه الصيغة. ويقول مصدر إسرائيلي قريب من المفاوضات "كل شيء كان متوقفا منذ مدة، والارضية المقبولة للإفراج عن الرهائن تم رسم ملامحها في اجتماعات باريس في يناير الماضي، وما زلنا نسير، بطريقة أو أخرى، على نفس الطريق".

خليل الحيا الرئيس غير الرسمي لدبلوماسية حماس

خليل الحيا، نائب يحيى السنوار، زعيم حركة حماس في قطاع غزة، يدافع في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل عن خط الحركة التي لا تتناغم مصالحها دائما بين قادتها. خليل الحيا البالغ من العمر 64 سنة من أبناء غزة ويعيش اليوم في المنفى، ويعتبر رئيس دبلوماسية حماس غير الرسمي، وعليه أن يوافق بين متطلبات الوضع الميداني وتصور قيادة المكتب السياسي للحركة المتواجد في قطر.
خليل الحيا كان من المقربين لمؤسس حركة حماس الشيخ ياسين الذي اغتالته إسرائيل سنة2004 ، بنى لنفسه شخصية داخل الحركة بعد أن قضى ثلاث سنوات في السجون الإسرائيلية في سنوات 1990 ، ونجا من عدة محاولات اغتيال. ويعرف بكونه من الراديكاليين وانتخب نائبا عن غزة في الاتدنتخابات التشريعية الفلسطينية التي فازت بها حماس سنة 2006.
الرجل مكلف بالعلاقات العربية والإسلامية لحماس، بنى علاقات متينة مع الفاعلين في الساحة الدبلوماسية الإقليمية. شارك في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل التي أفضت إلى الافراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت سنة 2011 وإنهاء الحرب في صيف 2014. وكان كذلك فاعلا أساسيا في مفاوضات المصالحة مع حركة فتح. وهو من زار دمشق في أكتوبر 2022 لترسيم تطبيع العلاقات بين حماس ونظام بشار الأسد.
يقول مصدر مقرب من المفاوضات " خليل الحيا هو رئيس المفاوضين باسم حماس،لكن الذي يقرر في النهاية هو يحيى السنوار. في بعض الأحيان تظهر خلافات بين القادة في الدوحة والقادة في غزة. في بعض الأحيان يقول هؤلاء "لا"بينما يقول الآخرون "نعم" والعكس صحيح في أحيان أخرى، ولكن في النهاية السنوار هو من يحسم. ورغم أن الحرب أثرت على قنوات الاتصال مع غزة، فإن قنوات التواصل مع السنوار تظل موجودة. ويقول مصدر مقرب من المفاوضات " الامر يتطلب يومين أو ثلاثة، لكن جوابه يصل في النهاية دائما للمكتب السياسي في الدوحة".
داخل الحركة يتم التقليل من حدة الخلافات، فالسنوار – العقل المدبر لعملية طوفان الأقصى- هو الوحيد القادر على تقييم قدرة حماس على الصمود في وجه الجيش الإسرائيلي. والقادة المتواجدون في الدوحة يرصدون التطورات على الساحة الإقليمية والدولية التي قد تكون مواتية لاستثمارها سياسيا ودبلوماسيا مع تدبير الضغوطات الممارسة عليهم من طرف مضيفهم القطري والوسيط المصري.

ورغم الخسائر التي لحقت ببنياتها العسكرية والانسانية، تأمل حماس الخروج ليس فقط قائمة، بل منتصرة سياسيا من هذه الحرب. ولهذا تضع شروطا غير قابلة للتفاوض: إقرار وقف شامل ودائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة والافراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

خليل الحيا اعتبر في حوار له مع وكالة أسوسيتد بريس يوم 25 أبريل أن " الإسرائيليين لم يدمروا أكثر من 20 في المئة من قدرات حماس، وإذا لم يستطيعوا تدمير حماس ، ما هو الحل؟ الحل هو الذهاب للتوافق" وقال أن الحركة مستعدة لقبول هدنة لمدة خمس سنوات على الأقل وتوافق على نزع سلاحها في إطار قيام دولة فلسطينية في حدود 1967. كما دعا إلى إدماج حماس داخل منظمة التحرير الفلسطينية من أجل تشكيل حكومة موحدة مع حركة فتح في الضفة الغربية وقطاع غزة".

وبينما تعتبر إسرائيل مطالب الحركة غير مقبولة، يحرص قادة حماس على ألا يظهروا كمن يعرقل المفاوضات. فالحركة رحبت بخطة بايدن القريبة من صيغة الاتفاق/الإطار الذي قبلته حماس يوم 6 ماي. لكنها تطالب في نفس الوقت بأن يتم التنصيص كتابة في الاتفاق على "الوقف الدائم للمواجهات" الذي تحدث عنه الرئيس الأمريكي. وأن تقبل إسرائيل بذلك صراحة.

محمد بن عبد الرحمان آل ثاني.. نازع ألغام الدوحة
تكفي رؤية وجه الوزير الأول القطري محمد بن عبد الرحمان آل ثاني خلال فعاليات منتدى الدوحة السنوي في نهاية دجنبر الماضي، للتأكد من درجة انخراط الرجل في المفاوضات حول غزة. فالرجل كان فاعلا نشيطا بمناسبة الهدنة القصيرة في نونبر الماضي والتي أفضت إلى الافراج عن حوالي 100 من الرهائن الإسرائيليين والأجانب على مدى أسبوع مقابل إفراج إسرائيل عن 240 سجينا فلسطينيا.
محمد بن عبد الرحمان أل ثاني، الملقب ب" الشيخ محمد" كان يتابع مباشرة عبر قنوات اتصال مباشرة مفتوحة مع حماس والسلطات الإسرائيلية واللجنة الدولية للصليب الأحمر كل عملية إفراج عن مجموعة من الرهائن، وهو إجراء مكن في عدة مناسبات من تفادي انهيار الصفقة، كما حصل عندما تاهت سيارة للصليب الأحمر تحمل مجموعة من الرهائن لساعات في شوارع غزة المظلمة والمدمرة بفعل القصف الإسرائيلي.

ومنذ ذلك الحين كثف محمد بن عبد الرحمان آل ثاني من اجتماعاته مع وليام بورنز مدبر المخابرات الامريكية والمفاوض الإسرائيلي دافيد بارنيا في الدوحة وأيضا في القاهرة بدعوة من رئيس المخابرات المصرية عباس كامل وحتى في باريس التي يملك فيها شقة خاصة. وفي 6 ماي الماضي، استقبل الوزير الأول القطري وليام بورنز في الدوحة وربما اعتقد وقتها أن اتفاق وقف إطلاق النار بات في المتناول. يومها وافقت حماس على مخطط الخروج من الازمة كصيغة معدلة لوثيقة طرحتها إسرائيل صيغت تعديلاتها من طرف قطر ومصر. اعلان تلقاه الغزاويون بإطلاق منبهات السيارات وتهاليل الفرحة. لكن إسرائيل سارعت بالابتعاد عن هذا المشروع/ الاتفاق بدعوى أنها لم توافق على التعديلات التي أدخلتها القاهرة والدوحة على الاتفاق. وفي اليوم الموالي بدأت إسرائيل هجومها على مدينة رفح وأقبرت بذلك مرة أخرى كل أمل في التهدئة.
"الشيخ محمد" الذي يجمع بين مسؤولياته كرئيس للحكومة ومهام وزير للخارجية، معتاد على المهام الحساسة. وإلى جانب الأمير تميم كان دينامو "الانتصار" السياسي والدبلوماسي الذي تجاوزت من خلاله دولة قطر الحرب الباردة الخليجية (2017-2021) وهي الفترة التي عاشت فيها قطر حصارا من جيرانها السعوديين والاماراتيين والبحرينيين كعقاب لها على رفضها مسايرة النهج الدبلوماسي للسعودية.
وإذا كانت الحرب على غزة ليست بالخطورة الوجودية لازمتها السابقة مع جيرانها الخليجيين، فإن رهانات الدوحة فيها كبيرة. أولا لان قطر تأوي منذ أزيد من عشر سنوات العديد من قادة حماس من ضمنهم رئيس المكتب السياسي الحالي إسماعيل هنية وسابقه خالد مشعل. وتتعرض قطر لانتقادات متكررة من الإسرائيليين وبعض النواب الأمريكيين بالتواطؤ والتساهل مع حماس. كما عليها أن تتعامل مع قيادة حماس التي تعيش بعض التباين بين قادتها لا تخفيه الصورة التي تحاول الظهور بها. بين خالد مشعل القومي الوطني على النمط القديم وإسماعيل هنية القريب من طهران ويحيى السنوار العقل المدبر لعملية "طوفان الأقصى" والقائد الميداني الصلب الذي خطف سلطة القرار من نظراءه في الدوحة، والعلاقة بين هذه القيادات ليست سهلة. وهناك أيضا عقبة نتنياهو الذي يحاول كل مرة رفض ما وافق عليه المفاوض الإسرائيلي في مفاوضاته مع الوسطاء العرب.
وأمام الانتقادات الحادة من الإسرائيليين، أعلن الوسيط القطري في أبريل الماضي عن" إعادة تقييم" لوساطة بلاده في الملف في تهديد واضح بإنهائها وإغلاق مكاتب حماس في قطر إذا لم يبدل المفاوضون الإسرائيليون والفلسطينيون مزيدا من الجهد والمرونة. هذا التهديد سحب البساط من تحت أقدام المنتقدين للدور القطري وكان ذلك أحد أهداف هذا التهديد، لكن الطريق لبلوغ اتفاق بين طرفي الصراع لا يزال بعيدا.

وليام بورنز رجل ثقة الرئيس بايدن

وليام بورنز الذي تمت تزكيته من طرف مجلس الشيوخ الأمريكي في مارس 2021 هو أول دبلوماسي يمسك بزمام وكالة المخابرات المركزية الامريكية. ويحظى الرجل بكامل ثقة الرئيس، والرجلان من نفس المدرسة الفكرية لمرحلة الحرب الباردة وما بعدها. الرجل يتقن فن الانسحاب والظهور في الواجهة عند الحاجة ويعرف فن الانصات والبحث بلا كلل عن مخرج وسط المأزق. ومعرفته الكبيرة بالفاعلين في هذا الملف من خلال لقاءات سابقة عندما كان نائبا لوزير الخارجية في عهد باراك أوباما تساعده كثيرا في مهمته، لكنه يعرف جيدا أن هذه المهمة محفوفة بالمطبات. يقول الرجل خلال إحدى جلسات الاستماع أمام الكونغرس يوم 11 مارس" لا أعتقد أن أحدا يستطيع ضمان النجاح. وأظن أن ما نستطيع ضمانه هو أن البدائل كارثية بالنسبة للمدنيين الأبرياء في غزة(..) وبالنسبة للرهائن وعائلاتهم". ويوم 19 أبريل بمناسبة منتدى في دلاس أجاب وليام بورنز عن أسئلة حول الموضوع بالقول:" المفاوضات مع حماس وإسرائيل؟ " هي اليوم مثل صخرة ضخمة تدفعها نحو قمة مرتفع حاد"، وكان يومها يشير إلى" الرد السلبي" لحماس على مشروع اتفاق عرض قبل أسابيع.
بورنز شغل سابقا منصب سفير الولايات المتحدة في روسيا والأردن، يعرف جيدا معطيات الصراعين اللذين تنخرط فيهما الولايات المتحدة بالوكالة، أوكرانيا وغزة. وهو رجل المهمات الصعبة. والمهام التي فشل فيها لا تتعلق بمسؤولياته المباشرة كمدير للمخابرات الامريكية، بل بفعل المعطيات السياسية التي يجب أن يضطلع بها. ومن الصعب اللعب بأوراق خاسرة.

في غشت 2021 وصل الرجل إلى كابول في عز الجمود ليناقش شروط انسحاب عسكري أمريكي وشيك من أفغانستان. لكن الصور الكارثية لهذا الانسحاب ستبقى تؤرق الأمريكيين لسنوات. في نونبر 2021 كان مبعوث الرئيس بايدن إلى موسكو لتحذير بوتين من عواقب اجتياح أوكرانيا.
في أبريل 2021، وبمساعدة "أفريل هاين" مديرة المخابرات الداخلية، لعب وليام بورنز دورا محوريا في الافراج عن معلومات سرية تتعلق بمناورات الجيش الروسي قبل إقدامه على تخطي الحدود مع أوكرانيا. ومنذ بداية الحرب زار الرجل أوكرانيا عشر مرات بعيدا عن المتابعة الإعلامية في غالب الأحيان. وفي يوليوز2023 ألحق الرئيس بايدن مدير المخابرات بديوانه الأمني الخاص وقدمه " كأفضل ما يوجد في أمريكا".


عباس كامل الرجل العقل المفكر لعبد الفتاح السيسي

منذ أن أسندت له قيادة المخابرات المصرية سنة 2018 أصبح الجنرال عباس كامل الرجل المحوري للوساطة المصرية في الملف الإسرائيلي الفلسطيني. فالرجل الذي يقال إنه العقل المفكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، يقدم في دوائر القرار المصرية، كخادم مطيع ووفي يترجم التوجهات الاستراتيجية للرئيس.
وأحد أهم مهامه هو الحفاظ على الدور الأساسي والأول لمصر في خضم المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. فمصر الموقعة على اتفاق سلام مع مصر منذ 1979 وعراب مسلسل السلام في سنوات 1990 وعلى ارتباط وثيق مع غزة من خلال معبر رفح، حريصة على عدم ترك زمام المبادرة بيد قطر التي انخرطت بقوة في الملف منذ نهاية سنوات 2000.
الرجل في الستينات من العمر بهيئته الجسدية الضخمة بإمكانه استثمار المعرفة والخبرة التي اكتسبتها المخابرات المصرية في الميدان وشبكات العلاقات التي نسجتها مع الغزاويين. وحسب الصحافة الإسرائيلية قبل يومين من هجوم 7 أكتوبر2023 فهم رجال عباس كامل أن "عملية رهيبة" يتم التحظير لها، وأنه أخبر نتنياهو شخصيا بالأمر- وهو ما ينفيه هذا الأخير. وأكدت مصادر إعلامية إسرائيلية كذلك أن رجال من المخابرات المصرية تدخلوا ميدانيا خلال هدنة دجنبر للإشراف على سير عملية الافراج عن الرهائن.
الجنرال كامل يحظى بدعم الرئيس السيسي، ولو أن نفوذه بدأ يتراجع بسبب معارضته من طرف ابناء الرئيس وعلى رأسهم الابن الأكبر، محمود السيسي، الذي يشغل منصب الرجل الثاني في المخابرات. والذي نسج علاقات مع إبراهيم الأرغاني، الزعيم القبلي القوي في سيناء، الذي بسط هيمنته على التجارة والمعاملات على كل ما يدخل ويخرج من قطاع غزة عبر رفح ويستعد لعقود إعادة الاعمار ما بعد الحرب.

مسيرة عباس كامل بناها في ظل السيسي. فهو من مواليد 1957 من عائلة متوسطة وخريج الاكاديمية العسكرية، أصبح اليد اليمنى للسيسي عندما عين هذا الأخير قائدا للمنطقة العسكرية الشمالية سنة 2008. وتطور إلى جانبه إلى أن عين مديرا لديوانه بعد فوزه بالرئاسة سنة 2014. ومن خلال هذا المنصب صنع لنفسه نفوذا قويا على جميع الملفات السياسية المهمة، إلى درجة أن المصريين يلقبونه "السيد الوزير الأول".
وكرئيس للمخابرات العامة يحرص الجنرال كامل على حماية المصالح المصرية في كل ما يتعلق بالملفات الإقليمية لاسيما الملف الليبي والملف السوداني وبالطبع الملف الإسرائيلي-الفلسطيني. ومنذ 2018 حاول مصالحة فتح وحماس ولم ينجح مع الاحتفاظ بعين على خلافة الرئيس محمود عباس. وبعد تصاعد العنف في غزة في ماي 2021، تمكن من انتزاع هدنة بين حماس وإسرائيل تضمنها مصر وذهب إلى حد لقاء يحيى السنوار في غزة ونتنياهو في القدس.

والخلافات التي اندلعت بين قطر وإسرائيل في أبريل الماضي أعطت للجنيرال كامل فرصة استعادة الدور الأول في الوساطة. ويوم 26 أبريل زار إسرائيل لتقديم مقترح معدل لاتفاق إطار يتوخى انفراجا في المفاوضات. لكن تفاؤل القاهرة تحول إلى خيبة أمل وعتاب لإسرائيل بعد فشل تلك المفاوضات وبداية الهجوم الإسرائيلي على رفح. وإسرائيل تعاتب مصر على تدبيرها للوساطة، وبالمقابل تندد مصر بخرق إسرائيل للتفاهمات الأمنية القائمة بين الطرفين منذ اتفاقيات كامب داوود الموقعة سنة 1978. إلى حد أن مصدرا دبلوماسيا رفيعا يعلق قائلا" طيلة 45 سنة من السلم بين مصر وإسرائيل، هذه هي أصعب لحظة في العلاقة".

عن لوموند بتصرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.